من بديهيات علم الادار هو الصعوبة و التريث في إتخاذ القرار و إن عملية صنع القرار يجب أن تمر بعدة مراحل منها دراسة و تحليل المشكلة و أخد أراء المختصين في هذا المجال كل حسب تخصصه وبعدها يمكن أن يصدر ذلك المسؤول القرار بشكل صحيح و سليم ، و لهذا نجد اليوم إنتشار مراكز الدراسات الاستراتيجية في كثير من دول العالم المتقدمة و هي بمثابة مراكز صناعة القرار سواء في المجالات المدنية أو العسكرية وهذا هو الوضع الصحيح ومن يتبع غير ذلك بالتأكيد قراراته ستكون إرتجالية و كارثية و بعيدة عن الصواب كما هو الحاصل في بلادنا اليوم .
الملاحظ في الرئيس هادي هو أنه لا يمتلك أدوات لصنع القرار أكانت مراكز دراسات أو مكتب إستشاريين متخصصين أو حتى الاستعانة بأهل الخبرة و الكفاءة ، بل غالباً ما يكون ذلك المرشح الذي سيصدر القرار الرئاسي بحقه غير متخصص و قد لا يمتلك أدنى مؤهل لتقلد ذلك المنصب المهم وقد لا يمتلك أيضاً أي خبرات أكانت عملية أو علمية سابقة ، بل وصل الاستهتار بالرئيس هادي بإصدار قرارات جمهورية لمناصب دنيا أو عليا لأُناس غير موظفين حكوميين وهذه مخالفة قانونية ودستورية جسيمة ومن السهولة إلغاء تلك القرارات من قبل المحكمة الإدارية أو الدستورية .
إن طريقة تفكير وعمل الرئيس هادي ليس الغرض منها بناء دولة و مؤسساتها بقدر ماهو تعيين لغرض شراء أعوان و أنصار يمكنونه من السيطرة على مفاصل الدولة و التشبث بالسلطة لإطول فترة ممكنة ضارباً بعرض الحائط بمستقبل الوطن و المواطن .
لهذا نرى أن أسهل شيء لدى الرئيس هادي هو إصدار القرارات و التي كانت اغلبها قرارات فاشلة و كارثية بعيدة كل البُعد عن الصواب بدليل تغييرها و تعديلها في فترات زمنية قصيرة من إصدار القرار الاول ولنفس الشخص بل أن كثير من تلك القرارات الجمهورية السابقة لم ترى النور حتى يومنا هذا .
رئيس الحكومة و غالبية الوزراء و المحافظين وأغلب المدراء يفضلون أهل الثقة من المقربين حتى لو كانوا لا يمتلكون أي مؤهلات أو رؤية حقيقية لبناء الدولة أو كيفية إدارتها و إنتشال مرافقها الحيوية المتعثرة على حساب أهل الخبرة و المعرفة و الكفاءة ، وهذه الطريقة الخاطئة في الإدارة سببت لنا هذا الفشل الإداري المروّع رغم صغر الرقعة الجغرافية التي يمارسون فيها السلطة وهي عدن و أجزاء بسيطة من بعض المحافظات المحررة فما بالك إذا ضمت إلى سلطة هادي مساحات كبيرة و ملايين من المواطنين كيف سيكون حجم الكارثة .
الكثير من مسؤولينا وعلى رأسهم الرئيس هادي لا يريدون أن يعترفوا بفشلهم الإداري وإن عرفوا بذلك الفشل تأخذهم العزة بالإثم و يرفضون تصحيح ذلك الوضع الغير صحيح ، الإستمرار بهكذا طريقة إدارية فاشلة سيؤدي حتماً إلى عواقب وخيمة وقد تنزلق البلاد و تتفاقم الأمور لتصل لحد الثورة أو العصيان المدني أو الفوضى العارمة بسبب إنهيار الاقتصاد الذي سيؤدي بدوره إلى الانهيار المعيشي و الأخلاقي و الاجتماعي و التعليمي وووووووو ودخول البلاد و العباد في نفق مظلم الله وحده يعلم كيفية الخروج منه .
الخلاصة أن الرئيس هادي ومن على شاكلته من المسئولين لا يمتلكون ولن يمتلكوا أي مهارات في علم إدارة سلطة البلاد لا سابقاً ولا حالياً ولا مستقبلاً بسبب التركيبة العقلية و الإجتماعية المسيطرة على طريقة تفكيرهم و أسلوب عملهم .
*كُتبَ و نشر هذا المقال التحليلي قبل عام تقريباً و مازال صالح للنشر بسبب قرارات الرئيس هادي الكارثية المستمرة* .