شكلت عملية «الرمح الذهبي» منعطفًا مهمًا في تطورات الحرب على الانقلابيين، نجاحات العملية التي بدأت بتحرير باب المندب ثم تحرير المخا، فتح الباب واسعًا لتحرير آخر المنافذ البحرية التي ما زال الانقلابيون يخضعونها لسيطرتهم، فميناء الحديدة بما يحمله من أهمية تجارية لا يمكن تجاهل أن الحوثيين صنعوا منه قاعدة بحرية لتهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر إضافة إلى أنهم يحصلون منه شهريًا على ما يقارب 200 مليون دولار كضرائب تفرضها سلطة الانقلاب.
يمكن الاستناد على أن ما تعرضت له الفرقاطة السعودية من هجوم إرهابي ومن قبله تعرض السفينة الإماراتية (سوفت) وكذلك البارجة الأمريكية كانت دلائل على أن الحوثيين يستخدمون ميناء الحديدة لأغراض عسكرية تسهم بشكل مباشر في تعريض حركة الملاحة البحرية إلى أخطار ستؤثر على التجارة العالمية التي تستخدم هذا الممر المائي لنقل البضائع.
تقدم المقاومة الجنوبية المدعومة من التحالف العربي باتجاه الحديدة بعد استكمال تطهير مدينة وميناء المخا أثار تحفظ الأمم المتحدة التي أبدت مخاوفها حول العملية العسكرية لتحرير الحديدة، وكان لا بد للأمم المتحدة أن تستجيب لطلب التحالف العربي بالإشراف على الميناء، غير أن رفض الأمم المتحدة وتقديم مبررات تتنصل بها عن مسؤولياتها يعيد طرح السؤال عن مصير 1.7 مليار دولار قدمها التحالف كمساعدات إنسانية للشعب اليمني، ويفتح التساؤل عن كيفية توزيع تلك المساعدات؟، وأن كانت بالفعل قد وصلت إلى مستحقيها.
تدرك دول التحالف العربي أهمية ميناء الحديدة كمنفذ حيوي وأخير سيرمي فيه الحوثيون بثقلهم العسكري في محاولتهم اليائسة للدفاع عنه، ولذلك طالب التحالف من الأمم المتحدة الإشراف على الميناء، وبعد الرفض الأممي أصبح الخيار العسكري هو المتاح، ومع ذلك فإن الخطوة المقبلة يجب أن تكون باتجاه الشرق للسيطرة على «مثلث المفرق» ومعسكر «خالد بن الوليد»، ولقد تم رصد إطلاق صاروخ بالستي من معسكر خالد باتجاه باب المندب.
التحدي الميداني الذي يفرضه مسرح العمليات العسكرية في معركة الحديدة الخاصرة الرخوة لمنطقة الحديدة موجودة في الشرق فهناك منطقة «المفرق» و»معسكر خالد» وإلى اليمين منه هناك منطقة الوازعية وجبل حبشي، وبالتالي فإن أي عملية عسكرية باتجاه الحديدة شمالاً أو باتجاه تعز يتطلب السيطرة على عقدة المواصلات (مثلث المفرق)، وهذا يعني كذلك أن خيار تحرير تعز سيكون أيضًا ممكنًا أمام قوات الشرعية والمقاومة الجنوبية فالجهة الغربية وكذلك الجنوبية من تعز ستكون مفتوحة تمامًا وبالإمكان التعامل معها بشكل مباشر وفق ما تراه القيادات العسكرية الميدانية.
معركة تحرير الحديدة ستكون أكثر من عملية تحرير آخر المنافذ البحرية التي يسيطر عليها الانقلابيون لأنها ستؤدي لاختناق حقيقي على مختلف الأصعدة العسكرية أو الاقتصادية ولن يجدوا أمامهم غير الانصياع للقرار الأممي 2216 بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح وإلغاء كل ما ترتب على الانقلاب في 21 سبتمبر 2014م، هذه النتيجة هي المسألة الطبيعية بعد أن هزيمتهم في كل الجبهات وبات تضييق الخناق عليهم سيجبرهم على الخضوع غصبًا لإرادة الشعب الذي حصد وحده وبال الانقلاب جوعًا وفقرًا وتشريدًا.