أحد الكتاب الحوثيين ممن تنقلوا في كل التيارات السياسية ولعبوا عل كل الحبال نشر ما أسماها مبادرة لحل الازمة اليمنية تضمنت الكثير من الأفكار التوصيفية التي لم تقل جديدا إلا الإقرار بكثير من الحقائق لخصها في ما يعني ان الانفصال قائم وعلى اليمنيين ان يخوضوا حوارات على مستوى الشمال وعلى مستوى الجنوب لتقرير مصير الشمال والجنوب إما على اساس دولة اتحادية او دولتين اتحاديتين جارتين متعاونتين.
ليس في هذا الموضوع من جديد سوى إنه جاء من احد الكتاب الشماليين القلائل الذين تجرأوا على قول الحقيقة وقام بتوصيف حالة واقعة لا ينقصها سوى القرار السياسي.
ليست المشكلة هنا، فالامر في الاخير مجرد رأي لأحد الصبية الذين صنعت منهم الثورة الشبابية السلمية شيئا بعد إن كانوا لا شيء، ولكي نكون موضوعيين فإن الرجل لم يشتم احد ولم يتحامل على احد بقدر ما اعترف بامر واقع دونما إضافة ولا تعديل.
المشكلة تكمن في ردود الأفعال التي صنعتها هذه الفقاعة حيث تفرغت مواقع إلكترونية وانبرى كتاب للتهجم على الرجل وامتشق مثقفون سيوفهم ومسدساتهم لمواجهة ذلك الكاتب في محاولة لإخراسه لأنه قال رأيا لا يزيد ولا ينقص في الحقائق القائمة على الأرض.
ما يحز في النفس هو ما ورد على لسان الوزير المثقف والشاعر والأديب المعروف الأستاذ خالد الرويشان فقد وصف الكاتب برأس البصلة وهدد بالقتال من اجل ما سماه "حلمنا وحلم اجيالنا"
في تعليقي على هذا الكلام المقيت الصادر من مثقف يفترض فيه الروح المدنية واحترام رأي الآخرين وحقهم في التعبير عن خياراتهم المستقبلية قلت للأستاذ خالد الرويشان : لست أنت من ينبغي ان يحرض على القتل من اجل "وحدة" ماتت وشبعت موتا ولو كان بمقدورك القتال لقاتلت دفاعا عن الجمهورية وعن صنعا يوم ان اجتاحها جحافل الغزاة الجدد.
من المؤسف ان هناك مثقفين ما يزالون يعيشون عالم الاحلام التي هي بالنسبة لغيرهم كوابيس مرعبة.
"الوحدة" ليست غاية بذاتها بقدر ما هي وسيلة من اجل غايات اسمى: الرفاه؛ التنمية، المواطنة، الكرامة، الحرية، الازدهار ، التنمية واشياء اخرى كثيرة ، بيد ان "وحدتنا" اخفقت في تحقيق ولو واحدة من تلك الغايات؛ بل لقد دمرت البذور التي نشأت لهذه القيم في الجنوب خلال سنوات الاستقلال. . . سينبري من سيقول: الذنب ليس ذنب الوحدة ولكنه ذنب من أساءوا استخدامها، لكن المشكلة ان من يواجهون المتهمين بسوء استخدام الوحدة لن يكونوا اقل سوء منهم .
قلت للأستاذ الرويشان: دلني على فرد واحد من طرفي صراع اليوم يمكن الرهان عليه في تحقيق الأهداف التي من اجلها ناضل اليمنيون.
لقد ولى زمن الحمدي وسالمين وجاء زمن الناهبين والعابثين بالثروات وسارقي الإعانات وتجار الحروب والسلاح والممنوعات وهم اليوم من يتصارعون على من يفوز بالنصيب الاكبر من المنهوبات.
عندي يقين انك لا تنوي القتال من اجل الدفاع عن مصالح هؤلاء اللصوص فدعهم وحدهم يقاتلون عنها ودع قلمك وقلمي ينشغلان بالدفاع عن الفقراء والتصدي لمنكرات أدعياء الوطنية الزا ئفة والفتاوي الدينية الملفقة أما "الوحدة" فمن يقرر بقاءها او زوالها هو قدرتها على تلبية تطلعات الشعبين في الجنوب والشمال، وهي قد فشلت ولا أخالها تستطيع أن تفعل شيئا يلبي أمال الغالبية العظمى من ابناء الشعبين.
من حقك ان تحلم لكنني انصحك بالنزول بأحلامك إلى الأرض لتكتشف أن ما تحلم به هو حلم متعالي transcendental منفصل عن الوقائع على الارض وقد سبقك إليه كثيرون لكنهم فتحوا عيونهم على الواقع ليكتشفوا كم كانوا طوباويين او مدافعين عن اللصوص بوعي أو بغير وعي.
أما التهديد بالقتال من اجل اي شيء فهو لا يختلف عن شعار "الوحدة او الموت" الذي اثبت انه لم يجلب لليمنيين في الشمال والجنوب على السواء إلا الموت.
وتقبل مودتي واحترام.
* أحد المواقع الإلكترونية "الشرعية جدا" انزل خبر مفاده ان المخلوع عقد اجتماعات سرية تكرست لتحريض الجنوبيين على الانفصال، ولم يفته التلويح ألى الحراك الإيراني. . . معزوفة غبية يعلم ما فيها من غباء القاصي قبل الداني. . . فالجنوبيون قد أعلنوا مطالبهم في ٢٠٠٧م وتمسكوا بها وما يزالون وليسوا بحاجة إلى إيران ولا إلى المخلوع ليحرضهم فقد حرضهم الظلم والقهر والحرمان والإقصاء والقتل والتنكيل والتمييز الذي تعضوا له على مدى ربع قرن أما قصة الحراك الموالي لإيران فالجنوبيون قد لقنوا تلاميذ إيران درسا مرا لا اخالهم سينسونه بسهولة.
____________________
* من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك