تسببت الأزمة السياسية اليمنية عام 2011م في تعطيل واحد من أهم المشاريع الاقتصادية التي حصلت على اتفاق من خلال اللجنة السعودية - اليمنية المشتركة، وكان ذلك المشروع واحدًا من أهم المشاريع التأهيلية للاقتصاد اليمني في إطار واسع، يشمل مجالات عدة لتأهيل اليمن ودمجه في مؤسسات مجلس التعاون الخليجية، التي شملت في المرحلة الأولى التعليم والصحة والرياضة والشباب.
مشروع المناطق التجارية الحرة بين السعودية واليمن يهدف إلى إنعاش سوق العمل، وتوفير فرص استثمارية على الحدود بين البلدين، وزيادة التبادل التجاري. وكانت الدراسات قد وضعت مقترحًا بإنشاء مدينة اقتصادية على مساحة 40 مليون م2، تتقاسمها السعودية واليمن على أراضيها، وكانت منطقة الوديعة منطقة مقترحة لإنشاء هذه المدينة الاقتصادية؛ فهي تشكل مثلثًا بين المدن السعودية الحدودية (شرورة ونجران وجازان)، بينما تعتبر لليمن منفذًا نحو ميناء المكلا الذي يبعد من الوديعة مسافة 450 ك.م تقريبًا؛ وهو ما يعني فرصة كبيرة لزيادة تشغيل أهم موانئ البحر العربي الذي يمتد مسافة 1200ك.م.
تعتبر المدن الساحلية الاقتصادية كعدن والمكلا ذات مواقع استثمارية مهمة، وقد لعبت هذه الموانئ تاريخيًّا أدوارًا كبيرة، غير أنها تراجعت منذ نهاية الستينيات الميلادية من القرن العشرين المنصرم إثر الصراعات السياسية المتوالية والأزمات الاقتصادية التي ارتبطت بالأنظمة السياسية.. وشهدت هذه الموانئ خلال السنوات العشر الماضية تحسنًا طفيفًا نظرًا لجهود هيئة الاستثمار الخارجي في اليمن؛ وعرفت عدن والمكلا ارتفاعًا اقتصاديًّا نتيجة استقطاب رؤوس أموال حضرمية، تعيش في المهجر.
ظهرت استثمارات اقتصادية ناجحة عدة؛ فشركات الأسماك في حضرموت وفرت الآلاف من فرص العمل للشباب، غير أن البنية التحتية لموانئ عدن والمكلا كانت واحدة من أهم معوقات الاستثمار، ويكفي الإشارة إلى أن مصافي عدن فقدت أكثر من 70 % من قدرتها الإنتاجية، كما أن استمرار انقطاع التيار الكهربائي في عدن سبب تراجع الحركة الاقتصادية في الميناء، بل إن تأثير الانقطاعات في الكهرباء أصبح واحدة من كبرى المشكلات الاجتماعية والصحية في مدينة يقترب عدد سكانها من المليون نسمة.
نتذكر دائمًا أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - كان قد أعلن في إبريل 2015م عملية «إعادة الأمل» التي وضعت في اعتبارها وضمن أسسها إحياء العملية السياسية اليمنية، ودعم الاقتصاد في اليمن. وفي حين أن الحرب التي استمرت عامين نتيجة الانقلاب على الشرعية السياسية لم يحصد منها اليمن غير مزيد من التراجع الاقتصادي، وبات نصف مليون طفل يمني مهددين بالموت جوعًا، ولم يبقَ غير إعادة الأمل عبر شعار الإعمار وإنقاذ ملايين يعانون الفقر المتزايد.. فهل يمكن لشعار الإعمار أن يفكك عقدة زادت تعقيداتها حتى أصبح الموت جوعًا يوزَّع بالعدل على ملايين من أطفال اليمن البائسين؟