خطوة مهمة وقرار حكيم من السلطان قابوس بن سعيد الانضمام إلى التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، فالسلطنة العُمانية دولة تحتل موقعًا غاية في الأهمية الجغرافية، ودولة تلعب دورًا سياسيًا له حساسية عالية في التعامل مع القضايا الطارئة في الشرق الأوسط بمنهجية واضحة منذ قيام السلطنة، وانضمامها إلى هذا التحالف في هذا التوقيت الذي تشتد فيه الأزمات فالتكامل حول مكافحة الإرهاب يعني توافقًا حول استراتيجية أمنية تقاوم المشروعات المتطرفة التي لم تتوقف عند حد من الحدود حتى إنها بلغت بترويع الآمنين باستهداف المسجد النبوي والاعتداء الصاروخي على المسجد الحرام، دون مبالاة بمشاعر المسلمين حول العالم.
الدور العماني في هذا التوقيت يحمل مضمون رئيس يتمثل في تعزيز الأمن القومي العربي، فالقيادة السعودية التي أمسكت بزمام المبادرة عربيًا في إطار مقاومة استهداف الأمة العربية عبر إعلان «التحالف العربي» الذي يهدف أساسًا إلى استجابة لنداء الشرعية السياسية اليمنية التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي، ويعهد كذلك إلى تأمين (باب المندب) كجزء لا يتجزأ من الجغرافيا العربية، وتلعب عُمان دورًا خاصًا بالضغط على الانقلابيين لتنفيذ القرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن الدولي والمساهمة مع المنظومة الخليجية التي تعمل تحت مظلة «إعادة الأمل» لتحقيق السلام في اليمن عبر ما توافقت عليه الرباعية الدولية.
في 15 نوفمبر 2016م نجحت عُمان في الضغط على الحوثيين للتوقيع مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري على اتفاق يُفضي إلى تنفيذ الخريطة السياسية لحل الأزمة اليمنية عبر انسحابهم من المنطقة (أ) صنعاء والحديدة وتعز إضافة إلى تسليم السلاح، لهذا يُعد (اتفاق مسقط) حجر زاوية في إنهاء الأزمة السياسية اليمنية وهذا ما تعول عليه الأطراف الجادة في اليمن لإنهاء الصراع بين الفرقاء.
هناك جزء آخر في هذا المجال، فالجهد الذي قام به ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في سياسة (النفس الطويل) والتعامل الإيجابي مع الأحداث مهما كانت صعبة تؤكد أن الانضباط السياسي والتعامل بقدر عالٍ جدًا من المسؤولية السياسية نظرًا لما تحتمله الظروف من تبعات، هذه المنهجية لم تأت نتيجة اجتهادات بمقدار ما هي رسالة ضمنية تحمل أن هذه البلاد المباركة لا تخطو خطوات انفعالية، بل خطوات مدروسة تعي الدور وتدرك الهدف.