وضعت عملية «إعادة الأمل» إطاراً واسعاً للتعامل مع عدد من المُشكلات المُعقّدة في الداخل اليمني، وإذا كانت عملية «عاصفة الحزم» قد وضعت حَداً قاطعاً للتدخل الإيراني عبر تأمين التحالف العربي لمضيق باب المندب ووضعت خطة واضحة تكللت في 14 يوليو 2015م بتحرير العاصمة الجنوبية عدن فإن الجزء غير المنظور في عملية «إعادة الأمل» هو الذي يجب أن يُنظر إليه وهو الذي اشتمل على محاور رئيسية هي الأعمال الإغاثية وإيصال المساعدات الإنسانية، ومكافحة الإرهاب، ودعم الحل السياسي للأزمة اليمنية.
ملف الإرهاب في اليمن كان واحداً من أكثر الملفات الشائكة وظلت السعودية أكثر الدول تأثراً بهذا الملف، وبلغت خطورته بمحاولة اغتيال سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف في أغسطس 2009م، ويأتي تأسيس تنظيم القاعدة في اليمن منذ أواسط التسعينيات الميلادية من القرن الماضي بعد أن استقطب نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح أفراد التنظيم من أفغانستان واستخدمهم في حرب صيف 1994م ضد الجنوبيين، ولم تنته علاقة النظام السابق مع العناصر المتطرفة فاستمرت العلاقة بتنفيذ العديد من العمليات التي كان المخلوع صالح يبتز بها المجتمع الدولي كما حصل في استهداف المدمرة الأمريكية (إس إس كول) في 1998م، ثم اختطاف السياح الأجانب، وتفجير أنابيب النفط والغاز، واقتحام مستشفى العرضي بصنعاء، ووصولاً إلى احتلال المُكلّا عاصمة حضرموت في ابريل 2015م.
وتمثل عملية تحرير المُكلّا واحدة من العمليات المهمة التي قامت بها قوة (سعودية إماراتية) خاصة بمشاركة جيش النخبة الحضرمي، وكانت تلك العملية تتويجاً لتخطيط طويل لتفادي مواجهة مفتوحة داخل المدينة لتجنيب السكان خطر العملية العسكرية، وفي حين أن عملية التطهير تمت بنجاح إلا أن العناصر الإرهابية التي فرت من حضرموت لجأت إلى عدة محافظات منها أبين وشبوة ومأرب.
معالجة ملف الإرهاب في اليمن وإن جاء في إطار عملية واسعة شكلتها «إعادة الأمل» فإن أهمية هذا الملف قبيل التسوية السياسية للأزمة اليمنية تحتم على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات الإسناد الاستخباراتي لمتابعة عمليات المطاردة وتتبع تلك العناصر التي لا يمكن تجاهل أنها على مدى أكثر من عشرين عاماً أوجدت لنفسها العديد من المُعسكرات وحتى الخطط للهروب والتخفي بعد أن منحها نظام المخلوع صالح إمكانيات كبيرة سخرتها تلك العناصر في تنفيذ العمليات الإرهابية في اليمن وخارج اليمن.
تجفيف منابع الإرهاب في اليمن لا تبدو سهلة خاصة بعد دحر الحوثيين من عدن، فالعمليات الانتحارية التي تستهدف المُجندين، وعمليات اغتيال الضباط المتواصلة في نطاق جغرافي محدد تؤكد الحاجة إلى تنسيق أكبر عبر غرفة عمليات مشتركة بين التحالف العربي والسلطات الأمنية في المحافظات الجنوبية التي يعول عليها مهمة الرصد والمتابعة لتحركات العناصر المتطرفة والقضاء عليها قبل تنفيذ جرائمها، كما أن على الإعلام دور آخر مازال متأخراً في اليمن خاصة في ملف مكافحة الإرهاب، وهذا جهد مطلوب في الانتقال الكامل نحو تطبيع الحياة بالمناطق المحررة.