جنون السلطة وهَوَس التقاسم وسباق التتابع وتدافع التدافع ووضع المطبات والعوائق في منتصف الطريق الذي تمارسه بعض الجماعات المتوجّسة من المستقبل هو مايعطل تقارب الجنوبيين في كل مناسبة او لحظة تاريخة توجب الاتفاق والتوافق ..
كل الجهود التي تبذل للتقارب والتوافق الجنوبي او أي دعوة لتوحيد الصف والهدف والقيادة استجابة لمقتضيات المرحلة ومتطلباتها لاتعني بالضرورة وكما يظن البعض الوصول الى السلطة او تقاسمها في دولة الجنوب التي لم تأت بعد . وعلى من أراد للمشروع الجنوبي ان يمضي قدما وفق مراد شعب الجنوب فليدعم هذه الجهود انطلاقا من نقطتين أساسيتين :
1- ان قضيتنا الجنوبية قضية وطنية بامتياز وليست سياسية او حزبية او فئوية او جهوية او قبلية ، وبالتالي فالقضية تدافع عن نفسها ولا يستطيع احد ان يتجاوزها او يلتف عليها كما وانها مصانة ومحمية بشعب الجنوب الثائر بشهدائه وجرحاه وحراكه ومقاومته ومليونياته التي تؤكد جميعها على التحرير والاستقلال واستعادة هويته الوطنية الجنوبية .
2- ان الحاجة ملحّة لحامل سياسي موحد بل وضرورية وبدون وحدة القيادة لا نستطيع ان نفهم العالم والمحيط العربي والإقليمي بعدالة قضيتنا بصوت جنوبي واحد او احترام مسيرة نضالنا وحجم تضحياتنا ناهيك عن الاعتراف بها ، لذلك فان اهدار المزيد من الوقت والعمل على على القاعدة الشمولية القديمة (انتم غلط بدوني وانا الصح بدونكم ) إنما تخدم قوى الاحتلال وتذكي اطماعهم في التمسك بالجنوب طالما لم يحسم الجنوبيين امرهم ومازالوا رجل في عدن وآخرى في مُرّان !.
اصحاب هذه الحالة المرضية التي استفحلت وأصبحت تهدد القضية الجنوبية ومستقبل الجنوب ، فلا هم ارتقوا بسقوفهم الى حيث مراد شعب الجنوب وساروا في اتجاه إنجاح التوافق وتوحيد القيادة ولاهم مضوا وحدهم في مشروعهم للحل لا الفيدرالي ولا الاتحادي المؤقلم .
سأحاول هنا ايجاز بعض مما شهدته شخصيا من أساليب التعطيل والفركشة والتي سبق وتناولتها في مقالات في حينه :
•في 2012 قاموا بتعطيل اشهار التكتل الوطني الديمقراطي الجنوبي وذلك بمنع المدعويين من دخول قاعة فندق الميركور ، بينما ذهبت قيادتهم لحضور حفل اشهار الهيئة الشرعية للإفتاء للحراك الجنوبي !.
•في 2014 قاموا بحملة تعطيل شعواء ضد انعقاد المؤتمر الجنوبي الجامع للتحرير والاستقلال، وذلك بالتشكيك في أهدافه ومقاصده ومآلاته مع انه ضم كوكبة وطنية تمثل معظم تكوينات وتكتلات الحراك والجنوب لكنه وضع على قاعدة التوجس المتوارثة ( يا العب والا باعطّل) وأقصى بعضهم نفسه وجماعته وفقا لهذه القاعدة وتمترس للتعطيل لأسباب حزبية او شخصية ، وعندما رأى البعض ان المؤتمر الجامع سيمضي ان أراد بمن حضر ، عمل البعض على اختلاف مبادرة طارئة أسموها مبادرة الشيخ النقيب ، واعتبرها أصحابها وثيقة وطنية للحل بديلة عن المؤتمر الجامع ، وهكذا أعلن عن تأجيل المؤتمر حيث حرصت اللجنة التحضيرية وبمسؤولية وطنية على وحدة الصف الجنوبي وعدم السماح لمزيد من التشظي ، لانهم للاسف الشديد لا ساهموا في إنجاح المؤتمر ولا تمسكوا بمبادرة الشيخ النقيب وبلورتها لانها بصراحة ولدت لغرض الانقسام عليها وهكذا كان .
* في 2016 دعوة المناضل عيدروس الزبيدي لتشكيل حامل سياسي جنوبي موحد للقضية الجنوبية ، فتداعى الجميع لمباركته ومنذ ذلك التاريخ والعمل يجري على قدم وساق لإنجاز هذا الاطار السياسي الجنوبي الوطني وعندما تأكد موعد الإعلان عنه حسب تأكيدات محافظ عدن الاخيرة ، ظهرت على السطح بالامس مبادرات جديدة من خارج الحدود ، هي شبيهة بمبادرة الشيخ النقيب من حيث العمباص ويراد لها ان تكون بديلة عن اي اجتهادات اخرى وبالأخص الحامل السياسي المنتظر.
* في 2016 حملة التعطيل التي تشهدها حضرموت في هذه الايام من جماعات متوجسة على خطى المعطلين السابقين ولنفس الأهداف والمقاصد .
ماذا يعني استمرار هذا التعطيل الممنهج وبعثرة الجهود واهدار الوقت وزيادة التشظي ولمصلحة من في كل مرّة تخرج هذه الأصوات وهذه الحجج الواهية وفي نفس التوقيت الذي تنتهي معه اللجان التحضيرية من إنجاز كل الوثائق اللازمة لانجاح اي مؤتمر جنوبي او ملتقى جنوبي او دعوة لحامل سياسي يهدف الى توحيد الرؤى والاهداف والقيادة ؟! .
والله من ورا القصد