منذ تدشين المبعوث الدولي لليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد جولته حاملاً خارطة الحل السياسي المتوافق عليها دولياً اتخذ الرئيس عبدربه منصور هادي موقفاً صارماً تجاه الخارطة السياسية التي يرى فيها الرئيس هادي أنها تُكافئ الانقلابيين وتمنحهم جزء من الشرعية السياسية التي انقلبوا عليها في 21 سبتمبر 2014م ، تصعيد الموقف الرافض لخارطة الطريق نحو الحل السياسي في اليمن تصاعدت عبر استخدام المظاهرات المؤيدة لرفض الخارطة الدولية ، ومع كل هذا التحشييد لا نجد تفنيداً جوهرياً للرفض المطلق ، فالسياسة لها قاعدة هي أنها (فن الممكن) .
من الجوانب الإيجابية التي أفرزتها الخارطة الدولية الشرخ السياسي في تحالف الانقلاب (الحوثي ـ صالح) ، فالمخلوع علي عبدالله صالح وافق على خارطة الحل السياسي بينما مازال الحوثي متردداً وسط تصاعد الخلافات بين الطرفين حول ألوية الحرس الجمهوري التي أتخذت موقف المحايد من الحرب ، وبحسب الوثائق المُسربة في 29 سبتمبر 2016م فأن المخلوع صالح خطط لهذه الألوية في صنعاء وذمار وعمران وحضرموت بأن تلعب دور الطرف الثالث (عسكرياً) باستلام السلاح الثقيل والمتوسط ، وهو ما رأى فيه الحوثيين خديعة لهم ويحاولون الآن تعيين عبدالخالق الحوثي قائداً للحرس الجمهوري ، وهو ما يرفضه المخلوع صالح كُلياً .
التأزم عند الطرف الانقلابي يعتبر هذه المرة أكثر وضوحاً تحت ضغط الحلول السياسية التي تمارسها كل من بريطانيا وامريكا ، هذه الجزئية بحد ذاتها مكسب يستطيع الرئيس هادي استثمارها بشكل يحقق انجازات في طريق تفكيك تحالف الانقلاب ، وهذا يدعونا في المقابل أن ندعو الرئيس هادي لما هو أبعد من قبول خارطة الحل السياسي ، فالرئيس هادي الذي تحمل بشجاعة مسؤولية جسيمة منذ قبوله باستلام كل التَرِكة من الدمار والفساد الذي صنعه المخلوع صالح في ثلاثة عقود معني اليوم أن يواصل المهمة بصناعة ما عجز عنه اليمنيين في ألف عام كاملة أمضوها في اقتتال على السلطة والنفوذ وتوزيع اليمن شمالاً وجنوباً كمغنم وفيّد .
الرئيس هادي الذي تحمل حصار صنعاء ، وغدر الأحزاب السياسية ، ومطاردة الحوثيين له في عدن ، يمتلك القوة بالانتقال إلى مربع المفاوضات السياسية بعقيدة المقاتل عن كرامة الشعب الجائع في تهامة ، والشعب المنتصر في محافظات الجنوب الست ، فالتحفظات الأهم على الخارطة تتمثل في غياب المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية المُغيبة في خارطة الحل الدولية ، هذا سلاح من أسلحة الرئيس هادي التي يجب أن تستخدم في المعركة السياسية التي لابد وأن يخوضها الرئيس هادي ليتمم انتصاره على الذين خذلوه وطاردوه ، فصناعة السلام تحتاج لمقاتل مؤمن أن اليمن شماله وجنوبه يستحق أن يخرج من ركام الدمار ليكون واحداً من البلدان الصالحة للحياة ، فهل يفعلها الرئيس هادي وينجز ما عجز عنه كل رؤساء اليمن السابقين ؟؟