حمل شهر أكتوبر 2016م تحولات خطيرة بين عسكرية وسياسية في الأزمة اليمنية من خلال قيام المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بإطلاق صواريخ موجهة إيرانية مضادة للسفن على الأساطيل الأجنبية العاملة في مضيق باب المندب، فسفينة التموين المدعوة "سويفت" تعرضت للقصف في الأول من أكتوبر، بينما تعرضت سفن البحرية الأمريكية في الأيام اللاحقة لهجمات باءت بالفشل، وردّت القوات الأمريكية بضرب معاقل الحوثيين على الساحل اليمني ودمرّت ثلاثة رادارات مراقبة استخدمت خلال الهجمات الصاروخية، في حين فشلت الهدنة الإنسانية باختراقها من قبل الانقلابيين بعد دقائق من بداية سريانها، كما أن المبعوث الأممي لليمن سلم طرفي النزاع خريطة الطريق السياسية، لكن يبقى الحدث الأهم هو استهداف الحوثيين للعاصمة المقدسة مكة المكرمة بصاروخ بالستي هو الحدث الأكثر أهمية على الإطلاق.
لا يمكن فصل كل هذه الأحداث عن بعضها البعض، كما لا يمكن اعتبار هذا التجاوز تجاه المشاعر المقدسة عملاً خارج سياق التورط الإيراني، إيران التي أكَّدت البحرية الأمريكية على لسان الأميرال المساعد كيفن دونغان "أن سفنًا أمريكية اعترضت أربع شحنات أسلحة من إيران إلى اليمن، نعرف أنها أتت من إيران، ونعرف وجهتها"، وأضاف أن "الشحنات الأربع أوقفت على مراحل منذ أبريل - نيسان 2015، بعد أسابيع من بدء التحالف العربي عملياته دعمًا لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي"، وكشف المسؤول العسكري الأمريكي أن الشحنات كانت تتضمن رشاشات من طراز "كلاشنيكوف"، وصواريخ مضادة للدبابات والدروع وبنادق قنص ومعدات أخرى وأنظمة حربية متطورة، هذا الحديث نشر قبل يوم واحد من استهداف الحوثيين لمكة المكرمة.
هذا يقودنا إلى النظر بزاوية أخرى ناحية إيران التي باتت ترى أنها تفقد رهانها على الحوثيين في اليمن، فحاولت التشويش بتهديد الملاحة في خليج عدن الذي استعادته قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بعد عملية "السهم الذهبي" بتحريرها العاصمة الجنوبية عدن في 14 يوليو 2015م بمساهمة فاعلة من دولة الإمارات العربية المتحدة والمقاومة الجنوبية مما أكَّد عمليًا إنجاز التحالف العربي للمهمة القومية بتأمين باب المندب، ثم جاءت في 24 أبريل 2016م عملية تحرير عاصمة حضرموت المُكلا لتضرب المشروع الإيراني الضربة الأكثر وجعًا بطرد تنظيم القاعدة الإرهابي وإيقاف تهريب السلاح عن الحوثيين في بحر العرب الذي كان متاحًا للإيرانيين وقد ثُبت تسليم عناصر القاعدة لدبابات ومدفعيات ثقيلة في عقبة عبدالله غريب وسط حضرموت.
تشعر إيران بخيبة كبيرة جراء النجاحات التي حققها التحالف العربي في اليمن، وتشعر باختناق قاتل جراء الخطوات الإجرائية سواء عبر اختراق المقاومة الجنوبية المسنودة بدعم التحالف العربي لمعقل الحوثيين في محافظة صعدة والتقدم إلى ما بعد البُقع والوصول إلى مديرية كِتاف متجاوزين عمق خمسة وعشرين كيلو مترًا في صعدة، مما يهدد معقل الحوثيين بشكل مباشر، يضاف إلى ذلك خطة السلام الأممية التي أكَّدت على تسليم السلاح والانسحاب من صنعاء والحديدة وتعز وعدم الاعتراف بكل الخطوات الأُحادية التي صنعها الانقلابيون بإعلانهم عن مجلسهم المسخ المسمى (المجلس السياسي).
يعود أحفاد أبرهة في زمن غير زمن الفيل يعودون ليستهدفوا مكة المطهرة، كما فعل أسلافهم يفعلون فاتباع أبرهة خرجوا من صنعاء بلا عقول ليهدموا بيت الله الحرام فأرسل لهم الله الطير الأبابيل ترميمهم بحجارة من سجيل، أن الله تعالى سلم بيته الحرام لرجال مؤمنين حافظين لربهم العهد بخدمة البيت العتيق وضيوفه الحجيج القادمين إليه من كل حدب وصوب، جُند سلمان الحزم على الحد يقومون بحماية الأرض المقدسة، وصقور سلمان في الجو تدك شياطين إيران وترسلهم إلى الجحيم فالله حافظ بيته بجنود آمنت به وتوكلت عليه وحده.