تتعالى بين الحين والآخر معزوفة صدئة يرددها مدمنو الدسائس وصانعو المكائد ومتقنو صناعة المؤمرات وتجار الخيبات، ورواد الفتاوي المشهورون، تجاه الجنوب والجنوبيين تتركز هذه الأيام في الاتهام بالعمالة لإيران.
وبالتحديد هم لم يتحدثوا عن كل الجنوب بل عن الطبقة السياسية الجنوبية الرافضة للعبودية والتبعية لغزاة 1994م، ومعهم غزاة 2015م، أما بن دغر وعارف الزوكة ومن لف لفهم فليسوا عملاء لإيران رغم وقوفهم خلف علي عبد الله صالح وتصفيقهم له في كل خطاباته وآخرها خطاب المنفذ الواحد المشهور.
عملاء إيران هم رجال المقاومة الجنوبية الذين ذوقوا العملاء الحقيقيين لإيران أمر الكؤوس وأرغموهم على الاندحار خائبين من عدن ولحج وأبين والضالع ومعظم مناطق شبوة وشارك بعضهم المقاومة في يعض مناطق تعز وجعلوهم (أي عملاء إيران الحقيقيين) يتحسسون رؤوسهم عشرات المرات قبل أن يفكروا بالعودة إلى شبر واحد من أراضي الجنوب.
أدلة أصحاب هذه الحملة تتركز في أن الجنوبيين رفضوا الذهاب لتحرير تعز، وترك عدن ولحج والضالع وحضرموت لتنظيم القاعدة الحليف الرئيسي لصالح والحوثي وللكثيرين من أنصار الشرعية (المؤقتين) ليفعل بأمنها ما يشاء.
شخصيا دعوت وما زلت أدعو إلى تحرير تعز وكل مناطق الشمال من مليشيات الحوثي وصالح، لكن المنطق يقول أن من يتصدى لمهمة تحرير منطقة معينة هم في المقام الأول أبناؤها، خصوصا عندما يكون المقاتلون منهم بالملايين، بينما لم يصل عدد المقاتلين في عدن ولحج والضالع وأبين معا مئات الآلاف وهم اليوم يواجهون تحالف ثلاثي بين أنصار المخلوع وأنصار الحوثي وجماعات القاعدة وأخواتها، في حين نعلم أنه مثلما هناك الآلاف من أبناء تعز (مثلا) يقاتلون في صفوف أنصار الشرعية هناك مثلهم ممن يقاتلون في صفوف تحالف الحوافش، فكيف نطلب من أبناء عدن أن يحرروا تعز من أبناء تعز، وهذا الأمر ينطبق على الكثير من المناطق التي تشهد معارك النزاع بين الانقلابيين وأنصار الشرعية.
لقد نجح (عملاء إيران) في الجنوب من هزيمة المشروع الإيراني ودحر ممثليه وألحقوا بهم شر هزيمة، فعلى الذين يواصلون رفع هذه التهمة (البايخة) أن يكونوا مثل الجنوبيين (عملاء لإيران) ويفعلون بأنصار إيران ما فعله الجنوبيين وعندها سنرفع لهم جميعا تعظيم سلام، ولن نغبطهم على نجاحاتهم كما يفعلون مع الجنوب والجنوبيين.
كنت في تناولة سابقة قد قلت أنه من غير المستبعد أن نسمع في يوم من الأيام ناطق الحوثيين أو رئيس لجنتهم الثورية أو رئيس مجلسهم السياسي يتهم قيادات المقاومة الجنوبية بالعمالة لإيران، وشيئا فشيئا بينت الأحداث أن مروجي تهمة "العمالة لإيران" هم أولائك الذين أثروا ثراء فاحشا من مئات الملايين التي قبضوها من دول التحالف ووزعوها فيما بينهم مع بعض الفتات للمحاسيب والتابعين وتابعي التابعين، وهم يتمنون أن تطول الحرب ولا يرغبون في حسمها حتى لو التهمت نصف اليمنيين، لأن هذه الحرب ككل حروبهم السابقة هي مشروع استثماري يدر عليهم مئات الملايين في أقصر فترة زمنية فما بالنا لو طالت سنوات.