عدن ، نمبر (6) ستة

 

قالوا لنا ان عدن (كريتر) جميلة ، قلنا لهم ان عدن ليست جميلة و حسب ، بل هي الاجمل ، فمدينة عدن ليست وحدها فريدة بل الى جانبها شقيقاتها الاتي تتمتعن بنفس الصفات الجمالية مثل خورمكسر و المعلا ، والتواهي و البريقة ، و كل مدينة تحيط بها البحار من ثلاث جهات  يوجد بينهما حبل سري هو الطريق البري يربطهن بعضهن البعض ، و سر جمال المدن العدنية انه يوجد لكل مدينة لها مينائها الخاص ، يمكن ان يمثل لها مدينة مستقله بكل اركانها .

 

وقالوا لنا ان عدن يحكمها النظام و القانون وقلنا لهم نعم ، ففيها القضاء المستقل ، و الى جانبه  المجلس البلدي ، و لم اعرف قط يوماً ان احد الموظفين قد هدد بترك وظيفته دون تدخل القانون أو أن احداً لفقت عليه تهمة بغرض سرقة منزله بعيداً عن القضاء .

 

اما بالنسبة للمجلس البلدي فلم اعرف في حياتي يوماً ان مواطناً قد تغوط او تبول في شوارع عدن ، ولم ارى في حياتي روعة المطاعم كما في عدن ايام زمان ، حيث كنت لا تسمع صراخ و لا ضوضاء و لا صياح ، يأكل الناس في المطاعم دون ان تحس ان صوتاً يضايقك من اصوات رواد المطاعم لما هو الحال اليوم في عدن ، هذه هي جمالية عدن.

 

لكن نمبر ستة له قصة أخرى ، لا تختلف عما كان يجرى في مدينة عدن من سيادة النظام و القانون ، فقد وجد في نمبر ستة الحد الفاصل بين (عدن و لحج) مخفر بلدي شغله الشاغل حماية مدينة عدن من دخول المرضى و الأوبئة ،و حفاظاً على صحة مدينة عدن ،حيث يجري التدقيق في هوية القادمين اليها ، و عمل الفحوصات اللازمة للتأكد من خلو القادمين الى عدن من الامراض و الاوبئة .

 

فاذا كان القادم الى عدن اسماله باليه أو يتعلق بها البرغوث فالمخفر من واجباته ان يقدم له الخدمة الصحية من اغتسال بالماء النظيف ، ثم تعطى له ملابس جديدة يستطيع ان يدخل بها الى مدينة عدن.

 

حتى الاسلحة الخفيفة و الثقيلة يمنع دخولها من ( نمبر ستة ) فتحفظ في المخفر البلدي و تسجل و ترقم حتى يعود صاحبها بعد زيارته للمدينة و عند خروجه من عدن تسلم له أغراضه، هذه الخدمة افادت الكثيرين الذين كانوا يعانوا من الامراض.

 

وجمالية عدن ، ليس لها مثال فقد كانت قبلة الفنانين و النجوم السينمائيين ... و للفنان القدير المرحوم فريد الاطرش الذي زار عدن في عام 1958م ، و تغنى فيها بأروع غنائياته و قدمها في احدى دور العرض في عدن ، و في نهاية زيارته اصطحبه واحد من أسرة ( خدابخش خان ) في جولة للتعرف على عدن ، فانذهل الفنان فريد الاطرش من مستوى النظافة في عدن .

 

و زارت عدن نجوم سينمائية كالفنان صلاح قابيل و كوميديا السينما  شكوكو محمود و الفنانة لبلبة و ماهر العطار ، و الفنان شفيق جلال الذي غنى لعدن اغنيته الجميلة جنة عدن يا جنة.

 

و سر جمال عدن هو الهدوء الذي يتمتع بها سكانها ، فكنت تسمع الا همسات لأصوات المؤذنون في عدن ، دون ان يحدثوا ازعاجاً من منابرهم ، ويذهبون الناس الى الصلاة  بسلام دون ان يفكروا بعواقب الامور ، وقضاتها و أئمتها خير مثال للمؤمنين الراشدين و اصحاب التقوى و الفضيلة .