دولة اتحادية على الورق!

2016-01-28 18:11

 

بابتسامة عريضة صرح وزير الخارجية اليمني ( المخلافي ) على منبر احد القنوات التلفزيونية ، بأن اليمن ستكون دولة اتحادية من ستة اقاليم في الوقت التي لاتزال الحرب قائمة ضد مليشيا الحوثي و المخلوع صالح .

 

ولاتزال فكرة الدولة الاتحادية مشوشة عند السياسيين و كذلك عند النخبة الحاكمة ، و لا يدركون ماذا تعني دولة اتحادية ، او بنظام فدرالي ، او كونفدرالي ، او قومية ليبرالية ، او حكومات وطنية .

 

و دائماً ما تأتي التصريحات غير متبصره و خاليه من الاسلوب العلمي و المعرفة ، فاليمن التقليدية لازالت غير منتظمة لا في خططها و لا في برامجها فالرياضيين اليمنيين على سبيل المثال يلعبون كرة القدم بدون خطط رياضية ، و الموسيقيون اليمنيون يعزفون الاغاني بدون النوتة الموسيقية ، اما السياسيون مثل زملائهم يمارسون اعمالهم دون الاعتماد على دراسة علمية ، او دراسات لهذا يأتي العمل مبتوراً وعشوائياً و متهوراً.

 

فالإعلان عن قيام دولة اتحادية بهذا الشكل لا يحترم استقلال الجنوب ، و لا بمقدور الدولة الاتحادية الالتزام بحكم النظام و القانون ، وليس باستطاعتها جلب مجرمي الحرب إلى العدالة ، لأنها لم تتعود على احترام القوانين و الانظمة و المجتمعات المدنية .

 

و كيف يتم الاعلان عن دولة اتحادية دون وجود مواثيق و عهود و استفتاءات يصادق على قيامها الجنوبيون انفسهم ، و هل كان تصريح الوزير المخلافي ينم عن مسئولية او انه فقط يريد ان يزيد ازمات جديدة فوق الازمات التي تعيشها البلاد في الوقت الحالي.

 

و هل كان تصريح المخلافي تحت بند الاستشارة او يود ان يتولى قيادة هذا العمل السياسي لتأسيس الدولة الاتحادية بصورة عملية تتنافى مع الظروف التي تعيشه اليمن حالياً.

 

او ان تصريح الوزير المخلافي استبشاراً للمصادقة على الفشل الذي ينتظر مبادرته ، فهناك دروس يجب ان يتعلموها جيداً ، وهي عدم محاولة زج الجنوب في هذا الوقت في مشروع ( زواج غير ملائم ) فمعظم مشاكلنا مع اليمن هي عدم مصداقيتهم في تنفيذ المواثيق و العهود ، فلديهم خبرات في التخلص من اية التزامات مره بالتعليق بالفتاوى ، واخرى بتقاليدهم ، و ثالثة عن طريق الحث على تخريبها .

 

انها في حقيقة مبادرة ضعيفة بإعلانهم دولة اتحادية في الوقت الحالي ، قد تكون هذه المبادرة يراد منها ايجاد التوازن بين شعوب هذه البلاد بمختلف ناسها وقبائلها ، وهذا مستحيل ايجاد مثل هذا التوازن ( بين القوى المتصارعة ) لان الكل قد اخذ غنائمه من الاسلحة الخفيفة و الثقيلة من بعضهم البعض ، او عن طريق الخارج ، و بهذا يكونوا قد دخلوا في مشروع جديد لعدم قيام ( اي تسامح بينهم ) و ربما يقع الجميع في حروب جديدة قد تكون متوسطة او طويلة و كلها لا تخدم الاستقرار في اليمن بسبب مشروع دولة لازالت مخطوطة على ورق وهي مشروع نظري لم تتوفر فيه عوامل نجاحه.

 

وهذه الدعوة بالدولة الاتحادية هي دعوة للمشاركة على الورق و ليس اكثر من ذلك ، فالأوضاع لا تسمح بتذويب الشكوك الجادة و العادات التي عزز من وجودها المواجهات العسكرية الجارية اليوم في اليمن.

 

واطلاعا على خبرات الدول التي كانت تحت هيمنة بعض الدول الكبرى ، وثم نالت استقلالها من الدولة لتي هيمنت عليها ، و بعد استقلالها بدأت هذه الدولة ..بالمطالبة بالتعويض عن فترة الاحتلال و تفجير الاوضاع فيها وقدرة تلك التعويضات بحوالي 60 مليار دولار لقاء الاستثمار التي استغلته الدولة الكبرى ضد مصالح الدولة التي منحت استقلالها من الدولة الكبرى منذ اكثر من 14 عام .

 

وتعقدت المواقف حيث اصبحت دولة مثل ليتوانيا تطلب من السكان الذين يعيشون فيها ان يخضعوا للامتحان في الثقافة و التاريخ الوطني الليتواني حتى يحصلوا على الجنسية منها كمواطنين في ليتوانيا .

 

فكيف لو طبقت الجنوب مثل تلك القوانين و طالبت بالتعويض عن مصادرة ممتلكاتها ومواردها المالية و الاقتصادية و التجارية التي نهبت و الاوضاع المتفجرة التي خلقها نظام صنعاء وكيف إذا طالبت الجنوب بإحضار مجرمي الحرب الذين شنوا ضدها حربين خلال عامي 1994م و 2015م .

 

 

فضلاً لا تتسرعوا في نشر اقوال لازالت سطورها تكمن في علم الغيب ، وإذا كنتم جادون في احياء فكرة الدولة الاتحادية فعليكم الاخذ بها في الشمال ، و ترك الجنوبيون يبنوا فيدراليتهم فتكون في الشمال دولة اتحادية ، وفي الجنوب دولة فيدرالية مستقلة جنوبية كأبسط حل تاريخي كانت عليه اليمن.