مخرجات الحوار والمبادرة أصبحت من الماضي

2015-08-08 07:15

 

بطبيعة الحال كل الحروب في النهاية تنتهي الى طاولات المفاوضات وما يحدد نتائج المفاوضات السياسية هي الوقائع على الارض فمن كسب الارض وتمسك بها فان موقفه هو الاقوى عبر التاريخ.

 

الحديث عن حلول سياسية توفيقية للأزمة و الحرب الدائرة أصبحت كلام ممجوج وليس ذي معنى .

و الاستناد إلى حلول ما قبل الغزو الحوثي بالتحالف مع المخلوع  للجنوب مثل المبادرة الخليجية أو مخرجات الحوار الوطني أصبحت من الماضي و طوت صفحتها عاصفة الحزم.

 

القوى الموقعة على المبادرة الخليجية و مؤتمر الحوار لم تعد هي صاحبة الثقل السياسي و العسكري , المخلوع وقواته و إعلامه ومؤتمره أصبح أضعف مئات المرات مما كان عليه والإصلاح الحاكم المشارك القوي في كل الحكومات ليس ببعيد من المخلوع  و لا حتى الحوثي القوة الصاعدة بقوة الصاروخ  الذي دخل في مغامرة غزو  الجنوب بعد احتلال صنعاء ومناطق الشمال لم يعد بالقوة التي كان عليها لا عسكريا ولا سياسيا, و في الوقت ذاته فإن الحراك الجنوبي السلمي وجماهيره التي واجهت قمع الاحتلال بصدور عارية قد أصبح قوة على الأرض من خلال المقاومة الجنوبية التي تشكلت على الارض من اليوم الأّول للعدوان اي منذ محاولة انقلاب "الأمن المركزي" في عدن بداية مارس اي قبل عاصفة الحزم  وقلبت المعادلة تماما,  لذلك لا يمكن لأي حلول سياسية ان تتجاوز ما يمثله الحراك والمقاومة الجنوبية في الجنوب وما يمثله اليوم من حضور قوي.

 

إذن ماذا بعد ؟

 

اعتقد ومعي كثيرين ان المرجعيات التي كان الحديث عنها قبل عدوان الحوثي و انقلابه اي قبل عاصفة الحزم كالمبادرة الخليجية و مخرجات مؤتمر الحوار لم تعد ذات شأن ولا قيمة اليوم بعد ان اسقطتها المتغيرات السياسية والعسكرية في ميادين القتال , ولم تعد هناك مرجعية الان إلا قرار مجلس الأمن 2216 هو المرجعية الوحيدة لوقف الحرب , فإن قبل به الحوثي و حليفه المخلوع سيوفر وقف مزيد من إراقة الدماء والخراب و التدهور الاقتصادي و ان لم يقبل فان دول التحالف و بمساندة المقاومة ستكون هي من يتحمل تنفيذه بناء على تفويض العالم لها.

 

كما ذكرت في البداية إن  هذه الحرب ستنتهي الى عملية سياسية, و هذه العملية ان لم تذهب الى جذور المشكلة المسببة لهذه الحرب و ما قبلها من الحروب والصراعات التي عاشها هذا القطر منذ ظهوره ككيان سياسي عام 1924م وعرف  باليمن على ايدي "ال حميد الدين" فإنها لن تنجز شئ , و من اراد حقيقة ان يسهم في حل هذه المشكلة عليه التمسك بحل جذورها التي تكمن في قضيتين : 

الأولى هي النظام السياسي و طبيعة الدولة في صنعاء والتي  تقاسم نفوذها  ثالوث التخلف القوى القبلية و العسكرية  و المجموعات الدينية .

والقضية الثانية هي القضية الجنوبية التي ناضل شعبها سنوات نضالا سلميا تعرض فيه لابشع انواع القمع والقتل وهو يناضل من اجل استرداد هويته وبناء دولته الجديدة.

 

فإن لم يتم إعادة هندسة هذا النظام فلن يكون هناك استقرار وبنائه من جديد على أسس جديدة تقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وإبعاد قوى النفوذ التاريخية عنه فلن يستقيم الامر وستظل صنعاء كما عرفها التاريخ خلال المائة العاصمة العربية الاكثر صراعا.

 

و القضية الأخرى هي قضية الجنوب التي بعد اليوم لا يمكن لأي طرف أيا كان ان يتجاوزها دون الموافقة على إعطاء الجنوبيين حق اختيار مستقبلهم و نظامهم السياسي و شكل دولتهم و العيش بحسن الجوار مع اليمن و دول المنطقة.

 

لذلك من منطق الامور والحكمة السياسية ان تعرف جميع الاطراف المؤثرة في الصراع الدائر ان الامور لم تعد تسمح بحلول ترقيعية او إعادة الطبقة السياسية الفاسدة التي تلتف حول هادي او حول الحوثي ف صنعاء الى حكم صنعاء لان هذه الخطوة ستعني اعادة انتاج النظام السياسي المهتري نفسه.

 

* أكاديمي وباحث سياسي