تحسنت أسواق السلع العالمية بسرعة وزادت فعاليتها أكثر من ذي قبل خلال الأسبوع الماضي حيث سجلت عمليات تداول قوية في معظم القطاعات ما عدا المعادن الصناعية والثروة الحيوانية. وواصلت البيانات الاقتصادية الصينية والأمريكية تحسنها، رافعةً آفاق وتطلعات الاقتصاد العالمي وداعمةً زيادة الطلب على السلع.
سجل مؤشر ستاندرد اند بورز 500 مكاسب إضافية في حين أن قوة الدولار لم تتغير مقابل اليورو، إلا أنه حقق بعض المكاسب الإضافية مقابل الين الياباني الذي هبط إلى أدنى مستوى له خلال عامين ونصف وهي القصة الرئيسية التي تشهدها أسواق العملات في شهر يناير من هذا العام.
وقال أول هانسن، رئيس قسم استراتيجية السلع في بنك ساكسو: تحققت مكاسب قوية خصوصا في الغاز الطبيعي الذي بدأ يشهد انتعاشا وتعافيا من شتاء كان أكثر اعتدالا مما كان متوقعا، وتلقى المزيد من الدعم جراء انخفاض أكبر من المتوقع في مخزونات الولايات المتحدة، مما يشير إلى حدوث زيادة في الطلب. ا
رتفع البلاتين والبلاديوم على إثر الأخبار التي أكدت أن إنتاج البلاتين في جنوب أفريقيا سيشهد انخفاضا. وضع هذا الأمر التركيز ينصب على الإمدادات المتضائلة من المعدن في وقت يزداد فيه الطلب من صناعة السيارات، وخاصة في الشرق الأقصى والولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، فإن سعر البلاتين عاد للتداول مرة أخرى في تكافىء مع الذهب للمرة الأولى منذ مارس 2012.
بدأت أسعار المحاصيل الرئيسية مثل القمح والذرة وفول الصويا الارتفاع مجددا بعد الهبوط الأخير. تلقت الأسعار دعما نتيجة لظروف الجفاف في الولايات المتحدة والأرجنتين، بالإضافة إلى تقرير الحكومة الأمريكية الذي صدر مؤخرا والذي أشار إلى مزيد من التقليص في الأسهم خلال موسم المحصول الحالي. هذا يثير الحاجة إلى محصول غزير للعام 2013/2014، لذلك فإن تطورات الطقس في جميع أنحاء المناطق الرئيسية للزراعة في النصف الشمالي للكرة الأرضية سوف تكون مرة أخرى محل مراقبة عن كثب مع اقتراب فصل الربيع.
أسواق النفط
وكان قطاع الطاقة عموما أقوى من مستوياته جراء ظهور خطر ارتفاع الأسعار التي تحركها المشاكل الجيوسياسية مرة أخرى. إذ استحوذت أزمة الرهائن في الجزائر على بعض الاهتمام لأنها تثير مخاوف بشأن أمن البنية التحتية للطاقة في البلاد التي تنتج نحو 1.4 مليون برميل يوميا.
وانتقل خام برنت مجددا إلى الطرف الأعلى من نطاق سعره الحالي لكنه لم يجد ما يكفي من الذخيرة ليتحدى بها المقاومة، والذي هو حاليا أعلى سعر لشهر يناير حيث بلغ 113.30 دولارا أمريكيا للبرميل في حين يمكن العثور على الدعم عند معدل تحرك المائتي يوم البالغ حاليا 109 دولارات للبرميل.
إشارات مختلطة
وأصدرت كل من أوبك ووكالة الطاقة الدولية تقاريرها الشهرية الأسبوع الماضي، حيث حذر تقرير وكالة الطاقة الدولية من تقليص أسواق النفط بسبب الطلب الصيني المتزايد وخفض السعودية إمداداتها. وقالت هيئة الدول الغربية لمراقبة النفط إنها تتوقع أن يصل نمو الطلب إلى 930000 برميل يوميا في عام 2013 بزيادة عما ورد في التقدير السابق البالغ 865000 برميل يوميا.
في الوقت نفسه، أبدت أوبك رأيها بأكثر حذر عندما قالت إن زيادة المنافسة من خارج مورّدي أوبك بسبب تقنيات الإنتاج الجديدة قد تؤدي إلى انخفاض على الطلب على نفط الدول الأعضاء في أوبك.
يبدو أن بريتش بتروليم (بي بي) ذهبت في اتجاه يصب في هذا الافتراض لأن توقعاتها بشأن الطاقة على المدى الطويل ترى أن الطاقة الانتاجية لأوبك ستبلغ ستة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2015، وهو أعلى مستوى ستبلغه منذ أواخر عام 1980.
إن زيادة الطاقة الإنتاجية الاحتياطية هي واحد من أهم العوامل عند البحث عن استقرار الأسعار، وبعد تخفيض المملكة العربية السعودية لطاقتها الإنتاجية الاحتياطية في ديسمبر (المحددة كحجم إنتاج يمكن أن يتحقق في غضون 30 يوما ويستمر لما لا يقل عن 90 يوما) قد ارتفع إلى أعلى مستوى منذ يناير 2011.
خام غرب تكساس
واستمر تفوق أداء نفط خام غرب تكساس الوسيط على أداء خام برنت الذي شهدناه خلال الشهر الماضي مع تقلص الفجوة السعرية بينهما قبل وجود دعم عند خمسة عشر دولارا أمريكيا للبرميل. هذا هو أدنى مستوى يبلغه منذ يوليو الماضي ويأتي بعد ارتفاع شهده في أكتوبر بلغت الزيادة فيه 24 دولارا أمريكيا.
نتج التقلص جراء استمرار تحسن التوقعات الخاصة باقتصاد الولايات المتحدة جنبا إلى جنب مع التوسع الذي طال انتظاره في خط أنابيب الطريق البحري من كوشينغ - مركز تسليم خام غرب تكساس الوسيط لنايمكس - إلى مصافي التكرير على طول خليج المكسيك.
سوف تساعد زيادة تدفق النفط الخام إلى الخليج على تقليل الضغط على إمدادات كوشينغ، وفي الوقت نفسه توفر المزيد من النفط - الذي كان في السابق ينقل برا - في السوق الدولية حيث تُحدَّد الأسعار حاليا بناء على نفط خام برنت.
وحصل تقليص الفجوة السعرية على الدعم عند 15 دولارا أمريكيا للبرميل؛ وأي انخفاض دون ذلك يكون مؤشرا إضافيا على تفوق أداء خام غرب تكساس بينما يقترب من المستويات الدولية. أما أسعار العقود الآجلة الخاصة بالنفط فإنها تشير حاليا إلى أن تقليص الفجوة السعرية قد يستغرق عامين آخرين للوصول إلى نصف ما هي عليه الآن.
الذهب يشهد ارتفاعاً
تمكن الذهب من الانتعاش والتعافي من حالة الكساد التي شهدها في أوائل يناير والتي نجمت عن عدم اليقين بشأن مدة التسهيل الكمي في الولايات المتحدة.
بعد أن عاد إلى ما يقرب 1700 دولار أمريكي للأونصة، فإن الاختبار الرئيسي للقوة الحالية ومدى الاقتناع في أوساط المستثمرين سوف يخضع قريبا للاختبار عند بلوغه 1700 دولار أمريكي للأونصة، مما يوفر الكثير من المقاومة الفنية.
من شأن أي ارتفاع أعلى من هذا المستوى أن يساعد على الحد من التوتر الذي تشهده السوق، وخاصة في أوساط مستثمري الاستدانة مثل صناديق التحوط الذين تراجع نشاطهم في ما يتعلق بعملياتهم التجارية التي يكون فيها الشراء أكثر من البيع في الأسابيع الأخيرة.
إلا أن حركة الأسعار باتت الآن تحددها البيانات الاقتصادية من الولايات المتحدة حيث إن تحسن البيانات يخلق الرياح المعاكسة فيما يحصل العكس عند تردي هذه البيانات.
ومن شأن الذهب والفضة والبلاتين إلى جانب اثنين من معادن مجموعة البلاتين وهما البلاتين والبلاديوم أن تستمر في وجود الدعم بما أن التيسير الكمي لا تبدو له نهاية قريبة، وتوقعات التضخم المستقبلية باقية قريبة من أعلى مستوياتها الأخيرة، فإن الطلب الفعلي من الصين خاصة سوف يزيد بينما تواصل التوقعات الاقتصادية تحسنها المستمر.
كما يبين الرسم البياني أدناه، فإن الدعم الرئيسي لا يزال يتأتى من متوسط تحرك المئتي يوم البالغ 1662 دولارا أمريكيا للأونصة. في حين أن منطقة المقاومة الرئيسية التي يجب البحث عنها هي 1710 دولارات أمريكية للأونصة كما ذكرنا جراء تقارب مقاومة خط الاتجاه الاحصائي للرسم البياني وفيبوناتشي على هذا المستوى.
الفضة تجذب الانتباه
وظل الطلب على المنتجات الاستثمارية المتداولة في ما يتعلق بحيازات المعادن الثمينة قويا طوال فترة التعافي مع نزول مجموع حيازات الذهب بأقل من واحد في المئة، وفقا لبلومبرغ، في حين واصلت الفضة شد انتباه المشترين، ليس أقله ما شهده صندوق الفضة المتداولة في البورصة وآي شير سلفر تراست هذا الأسبوع حيث ارتفعت أصولهما بـ572 طنا وهو أعلى مستوى للحيازة يسجل خلال 5 سنوات.
وجعلت هذه الزيادة الكبيرة في إجمالي الحيازات المعروفة لصناديق الفضة تقفز إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 19687 طنا، بزيادة قدرها 770 طنا حتى هذا التاريخ من شهر يناير.
ومع توقع أن يحسن النشاط الاقتصادي العالمي من دور الفضة المزدوج كاستثمار مالي ومعدن صناعي، فإن ذلك قد يساعد على تفسير هذا الاهتمام المفاجئ بالفضة. تبلغ حيازات الفضة من خلال المنتجات المتداولة في البورصة فقط 7.5% أكثر من الذهب، وبالتالي فإنها تمثل قيمة ضئيلة نسبيا نسبة لسعر الذهب الذي يفوق سعر الفضة بثلاث وخمسين مرة.