وكانما رحل البحر وغاب كل هذاالمحيط ولم نعد بلداً يقع على البحر، صرنا نبحث عن الأسماك التي انعدمت من أسواقنا وخلا منها قوتنا ولم تعد تكفي نقودنا لشراء سمك، ولم نعد نراه، أصبحنا نسمع عنه أو نشاهده في التلفزيون وفي الجرائد، وهذا هو واقع الحال في عدن والمكلا والمدن الأخرى، وما الذي تسبب في إحداث هذا الجفاف وهروب الأسماك وانعدامها؟. أحكي لكم قصة، في مطلع الثمانينات حدث أن انعدمت الأسماك وخلت منها الأسواق وأصبحنا نبحث عنها في السوق السوداء أو (بالخفى) أو كما قال المثل “يا بخت من حصل له وصلة صيد”، كيف حدث ذلك؟ عندما جرى تحديد بيع الأسماك بنظام السوق بالكيلو عبر مؤسسة تسويق الأسماك آنذاك، وكان هناك موقف صعب ما بين الصيادين ومرتادي البحر والبائعين، وظهر سمك اسمه (الضامن) أي أنه ضامن للسمك، بينما هرب السمك كله.
وهو نوع من التندر أو السخرية أطلقناه فيما بيننا في المكلا وعدن ردا على انعدام الأسماك وسوء القرارات التي ليست مناسبة لا زمانا ولا مكانا ولا سكانا.
وما أشبه الليلة بالبارحة ها نحن نشاهد (الضامن) يعود من جديد وتنعدم الأسماك وتختفي، وأصبحنا نبحث عن قطعة (خصار) مثلما نبحث عن قطعة ذهب في وادي الذهب، بل حتى اللخم غاب ورحل هو الآخر وتدفقت إلى الأسواق أنواع وأشكال من علب التونة لا تعرف ماركاتها ولا محل منشأها وصناعتها وصلاحياتها للاستهلاك الآدمي.. هكذا هو الحال هذه الأيام بعدما سقطت السياسة فوق الأسماك وداستها دوسا حتى جعلت منا متسولين في أرض البحار الغنية والتي أثرت المتنفذين وتجار الأسماك الذين عبثوا بالبحار ثم جاءت القرارات السياسية التي عصفت بما تبقى من حاجتنا اليومية من السمك والروتي والبيض.
وماذا بعد؟ عندما تصبح السياسة هي السبب ليس في الحرب فقط والأزمات بل وفي قوتنا ولبن أطفالنا، هنا نستغرب ونضع السؤال الكبير ما العمل؟، من لنا إذا ما ضربتنا عاصفة السياسة ولم تراعِ فينا ما نستحقه من اهتمام مع أنها هي أبعد من أن تهتم بنا، بل وفاسدة، ويديرها فاسدون ومتنفذون وتجار حروب، وهو ما نتفق عليه اليوم قبل بكرة!.
أعيدوا إلينا أسماكنا، إلى قوتنا وأسواقنا.. وأعيدوا إلينا قرص (الروتي) بسعره المعقول، وكفوا عن العبثبحياتنا، فكلكم تصرخون لإيقاف الزحف نحو كراسي الحكم فقط، وهو ما يهمكم، إلا أننا نحن البسطاء الفقراء الشعب الجائع
نطالب بوصلة صيد، لا غير.
* الأيام