تحتفل صحيفة «الأيام» اليوم بذكرى مرور 56 عاما، وشاءت المصادفة أن يكون عيدها في مثل هذا اليوم بصدور أول عدد لها في يوم الخميس 7 أغسطس 1958 م. وبهذا العدد الذي بين يدي القارئ نورد في هذه السطور أهم المراحل التي مرت بها «الأيام» وعاشت فيه أحداثا جساما مرت على البلاد، بعد أن واجهت تحديات في مشوار كفاحها الذي يسجل لها تاريخا مجيدا.
بدأ مؤسسها الراحل محمد علي باشراحيل، تاريخه منذ العام 1956 م عندما أصدر في بداية مشواره الصحفي صحيفة “الرقيب” بعدها بفترة وجيزة تحولت الصحيفة باللغتين العربية والإنجليزية مناصفة وسماها “الريكوردر” لتصبح ثاني صحيفة باللغتين في الجزيرة العربية.
وفي عام 1958 م توقفت «الرقيب» اليومية وجاء بعدها ميلاد «الأيام» في يوم الخميس 7 أغسطس 1958 م كصحيفة يومية مستقلة جامعة، وبقيت “الريكوردر” أسبوعية إنجليزية.
مرت صحيفة «الأيام» بمراحل عدة منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث كانت المطبعة المستخدمة عند إصدار صحيفتي “الرقيب” و“الريكوردر” إلى جانب «الأيام» تستخدم القوالب المصنوعة من الرصاص، فيما كان يعرف آنذاك بالطباعة البارزة، حيث تجمع القوالب التي تمثل كل منها حرفا من أحرف اللغة العربية أو الإنجليزية لتشكل الكلمة المطلوبة.
ومنذ صدور عددها الأول اهتمت بقضية الجنوب المحتل آنذاك من قبل بريطانيا وسلطت الضوء على الوضع الداخلي والسياسي منه بشكل خاص ومع مختلف الشرائح الاجتماعية، وفي مختلف معاناته وهمومه الاجتماعية، وقضايا البلدان التي ترزح تحت النفوذ الأجنبي، كما كرست كتاباتها للقضايا السياسية، ومنها أحداث وتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، فكانت أكثر الصحف شعبية وانتشاراً لكونها فتحت صفحاتها لكل التيارات.
وعن توقف «الأيام» في إصدارها الأول ذكر الكاتب الصحفي محمد مخشف، في مقال بعنوان («الأيام».. عودة الغائب الحاضر) نشرته «الأيام» في بداية إصدارها الثالث في العدد 5719 بتاريخ 12 مايو 2014 م، قائلا: “إذ تعرضت في فترة إصدارها الأول، الذي كان في ظل الحكم البريطاني لعدن، إلى الاحتجاب أو الإغلاق مرتين، بأوامر من الحاكم البريطاني. وكانت المرة الأولى منها في نهاية عام 1962 م بحجة تغطية «الأيام» ونشرها - بالخبر والصورة - لأحداث مظاهرات الزحف الجماهيري إلى المجلس التشريعي لإسقاط ما كان من مصادقة المجلس على انضمام (مستعمرة عدن) إلى الاتحاد الفيدرالي لمحميات الجنوب الذي كان آنذاك.. أما الإغلاق الثاني فكان في عام 1964 م، عقابا للجريدة على شن حملة صحافية متواصلة عبر سلسلة مقالات وتحليلات يومية تفند خفايا وخبايا مخططات بريطانية جديدة، كان يجري طبخها سريا لتقرير مستقبل عدن والمنطقة”.
ثم توقفت بالكامل الصحيفتان “الريكوردر” و«الأيام» عن الصدور في أبريل 1967 م قبل الاستقلال، وفي عهد (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية)، وعاودت صدورها في 7 / 11 / 1990 م بعد قيام (وحدة 22 مايو السلمية) عقب صدور قانون الصحافة بعد توقف قسري دام أكثر من 23 عاما.
** كانت لهم وطنا **
بعد أن أنهت سلطات صنعاء تكريس احتوائها للجنوب بفرض الوحدة بقوة السلاح في يوليو 1994 م، شحذت السلطات قواها في محاولاتها لإيقافها واستبعادها لأنها جنوبية المنشأ تشهد على هذه الحقيقة والوقائع والحوادث والعراقيل والمضايقات التي تعرضت لها طيلة مشوار عملها حالات كثيرة من الانتهاكات والاعتداءات والتهديدات التي وقعت عليها مرورا بتوقيفها الأول في يناير 1995 م، عندما دشنت السلطات في البداية محاولة إيقافها بمقال كتبه المفكر أبوبكر السقاف نشرته الصحيفة في 30 / 11 / 1994 م عنوانه: (في ذكرى عيد الاستقلال فتح الجنوب والاستعمار الداخلي)، وبسبب المقال أُجبرت الصحيفة على التوقف الأول ولمدة ثلاثة أشهر، وبحسب قول الجنوبيين والمتابعين إنه لم يكن هذا الإجراء خطيئة، وإنما ناتج عن مخرجات حرب 1994 م بقصد إسكاتها.
ومنذ ذلك الوقت لعبت الصحيفة دورا كبيرا في تبني قضايا أبناء الجنوب، مطالبة برفع مظالمهم وإعادة من تم تسريحهم واستعادة حقوقهم، وبسبب عدم استجابتهم لمطالبهم رأت الصحيفة أن مساحتها مفتوحة لإنصافهم بكلمة حق، فكان اختيارها الوقوف معهم، وإيقاظ الرأي العام، وبسبب مواقفها منذ بدء الحراك السلمي،أدركت الصحيفة ما كانت تقوله لقرائها بأن كل شيء يوحي لها أن هناك نوايا مبيتة لإصدار أوامر بتوقيفها، وكانوا يتهمونها بأنها تقف في صف الاحتجاجات (الحراك السلمي الجنوبي) منذ انطلاقته في 2007 م حتى استبعدت عن الساحة بقوة السلاح قبل خمسة أعوام ومحاكمتها لتكون واحدة من الشواهد الحية لواقع الجنوب المسلوب من حقوقه.
** بداية رحلة إصدارها الثالث **
في بداية رحلة إصدارها الثالث بعد توقفها قسرا خمسة أعوام تساءل كثيرون عن توجهات «الأيام» إلى أي حد يجب أن يكون خطها في ظل المتغيرات التي تشهدها أوضاع البلاد.
في اليوم الأول من إصدارها الثالث تحدث رئيس تحريرها الأستاذ تمام باشراحيل، ونائبه باشراحيل هشام باشراحيل في كلمتهما في افتتاحية العدد، مؤكدين تمسك «الأيام» واستمرارها على نفس النهج والخط، وقال الأستاذ تمام باشراحيل: “لقد أسس والدي محمد علي باشراحيل «الأيام» كدار جامعة للكل، تسعى للتقريب وليس للتفريق، وسوف تستمر رسالتها هذه، وأحمد الله أن الجيل الثالث وهم أبناء أخي يسيرون أمور الدار، وأنا بجانبهم مشرفا وموجها، فالزمان لن يدوم لأحد، ويجب علينا اليوم قبل غد تسليم الأمور للأجيال القادمة، وهو ما لا يفهمه سياسيو الجنوب الساعون إلى الخلود في المناصب التي تقلدوها في غفلة من الزمن”. فيما تحدث نائب رئيس التحرير الأستاذ باشراحيل هشام باشراحيل، حول نفس الموضوع فقال: “لقد قطعنا عهدا لوالدنا وقطع هو نفسه العهد لوالده بأن تظل «الأيام» لسان حال المستضعفين والمقهورين، وألا نتنازل عن استقلاليتها تحت أي ظرف، وكان العديد من الخيرين جنوبا وشمالا يحثوننا لإصدار «الأيام» بينما كان العديد من الموتورين يعملون بهمة لضمان عدم صدورها حتى أنهم نشروا الشائعات ببيعنا الصحيفة تارة، وتغير اتجاه الصحيفة تارة أخرى، ولكن تبقى السنوات القادمة مقياسا بين أيدي القراء، فهم الحكم وهم من نعتبرهم ملاك الصحيفة”.
** مراحل تطورها **
ومن أبرز المراحل التي مرت بها الصحيفة منذ معاودة إصدارها الثاني في 7 / 11 / 1990 م، أنها بدأت كصحيفة يومية سياسية مستقلة جامعة تصدر مؤقتاً كل يوم (أربعاء)، وبتملكها المطبعة في العدد (255) في 12 / 5 / 1996 م سهل لها إصدار عددين في الأسبوع كل يوم (أحد وأربعاء)، وفي العدد (531) في 23 / 1 / 1999 م صدرت بثلاثة أعداد في الأسبوع (السبت - الإثنين - الأربعاء) وكان ملحق «الأيام الرياضي» مضافاً لعدد يوم السبت، ثم أصبح فيما بعد صحيفة مستقلة بالاسم ذاته «الأيام الرياضي» في يونيو 2002 م، كما خاضت «الأيام» تجربتين في عامي 1999 م - 2000 م بإصدار طبعتين في يوم واحد، الأولى صباحية والأخرى مسائية في العدد (572) في 5 / 5 / 1999 م أثناء مواكبة حدثين، الأول حول صدور الحكم في قضية محاكمة (أبو الحسن) ورفاقه، والثاني صدور الحكم بحق صحيفة «الأيام» وكانت السباقة إلى تغطيتها في حينه، وقد كانت الطبعتان (الصباحية والمسائية) للعددين حدثاً غير مسبوق في تاريخ الصحافة اليمنية.
وفي أبريل 2000 م أجرت «الأيام» أول تجربة بإصدار الصحيفة بصورة يومية على مدى أسبوع كامل وذلك إحياءً لذكرى ميلاد مؤسسها التي صادفت الثلاثين من مارس 2000 م، بعدها صدرت الصحيفة بشكل يومي ابتداءً من 12 سبتمبر 2001 م.
في 1 / 6 / 2002 م صدر العدد الأول من صحيفة «الأيام الرياضي» بعد إن كان ملحقاً أسبوعياً، وأصبحت صحيفة رياضية أسبوعية مستقلة وجزءاً لا يتجزأ من منشورات مؤسسة «الأيام» للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، وفيما بعد صدرت «الأيام الرياضي» مرتين في الأسبوع (سبت وأربعاء) ومن ثم ثلاث مرات كل (سبت واثنين وأربعاء).
حازت صحيفة «الأيام» الصدارة من بين الصحف الحزبية والأهلية اليمنية إثر استبيان أجرته الإدارة العامة للدراسات والبحوث التابعة لوزارة الإعلام في عام 2003 م بحصولها على نسبة 43.9 % من بين الصحف اليمنية، وكذا استبيان لمعهد التدريب والتأهيل الإعلامي في 2005 م، الأمر الذي يعني أن لها جمهوراً واسعاً وحضوراً قوياً لدى شرائح المجتمع. انتقلت الصحيفة إلى مواكبة تكنولوجيا المعلومات والرقمية بدخولها في خدمة الإنترنت في سبتمبر 1998 م وإدخال الطباعة الملونة في صفحاتها الورقية في العدد (4545) في 28 / 7 / 2005 م، كما صدرت بحجمها الجديد (التابلويد) في العدد (4826) في 28 / 6 / 2006 م وهو الحجم المتعارف عليه عالميا.
احتسبت أعداد الصحيفة منذ العدد (الأول) في 7 / 8 / 1958 م وحتى توقفها القسري في أبريل 1967 م (2426) عددا، لتنضم إلى الأعداد الصادرة عقب إعادة الإصدار الثاني في 7 / 11 / 1990 م من العدد (الأول) حتى تاريخ 6/ 11 / 2000 م التي بلغت 807 أعداد، ليصبح إجمالي الإصدارين حتى تاريخ 6 / 11 / 2000 م (3233) عددا مع فارق سنة الإصدار.
كتب / عبدالقادر باراس