تعاني كل من كلية الاقتصاد وكلية العلوم الإدارية ـ عـدن، عدداً من القضايا والأوضاع السيئة والصعبة المتمثلة في سوء المناهج والمقررات الدراسية وقدمها، وغياب التجهيزات والمعدات الحديثة للقاعات والمختبرات.
وهذا ـ لاشك ـ هو حال الكثير من كليات "جامعة عـدن"، التي مازالت تدرس طلابها بوسائل وأساليب قديمة لا تتوافق مع لغة ومتطلبات العصر الراهن، ولا ترقى إلى ما حققته بلدان ومجتمعات أخرى من طفرات علمية وتكنولوجيا، في عالم أصبح التطور والابتكار والإبداع العلمي والعملي سمته الحقيقية.
صحيفة "الأيام" قامت بزيارة تلكم الكليتين المهمتين، من بين عدة زيارات استطلاعية لعدد من كليات الجامعة.
ونود الإشارة هنا إلى أن إدارة كلية "الاقتصاد" منعت مراسل "الصحيفة" من القيام بدوره في رصد ونقل آراء ومطالب الطلاب، وإلزامه بكتابة تعهد بعدم دخول الكلية إلا بإذن مسبق منها.
"الأيام" في الوقت الذي تستغرب فيه ذلك التصرف، فإنها تتساءل عن أسباب تخوف إدارة الكلية من عدم السماح لمراسلها في أداء واجبه، خصوصاً وأن الهدف لا يتعدى سوى إجراء استطلاع لسماع ونقل هموم وقضايا طلابية عامة.
* عميد الاقتصاد يحقق مع صحافي.
لم أكن أتوقع حين بادرت في زيارة كلية الاقتصاد ـ جامعة عـدن، لتسليط الضوء على قضايا وأوضاع عامة تعني طلاب وطالبات الكلية، أن تثير هذه الزيارة حفيظة القائمين على إدارتها، والذين بلغ بهم الحال في التعامل مع مهمتي كصحافي إلى حد التهديد والوعيد.
حدث هذا عندما بدأت النقاش مع عدد من طلاب "المستوى الرابع"، اقترب مني معيد بالكلية، وسألني عن سبب تواجدي وأخبرته عما أفعله، وبدلاً من التفهم قام بسحبي متهجماً بالقول "اليوم يومك.. يا رأسي يا رأسك"، ولم يكتف بذلك بل قام بمصادرة "جوالي وكاميرتي".
وبعد شذب وجذب قادني إلى مكتب عميد الكلية، الذي من جانبه بادر بالتحقيق معي عن الجهة التي أرسلتني للقيام بهذا الاستطلاع، وبعد عدة استفسارات طلب مني كتابة تعهد بأن لا أقوم بنشر ما جمعته من حصيلة للآراء أو دخول ساحة الكلية إلا بإذن مسبق منه، بعدها أعاد لي (هاتفي وذاكرة كاميرتي) عقب حذف كافة محتواهما من مقابلات وصور.
سلوك كهذا جعلني أشعر بالحسرة والتعجب في أن يصل بعض الأكاديميين إلى هذا المستوى غير الراقي في التعامل مع مهنة الصحافيين، وبعيداً عن تقدير دورهم ورسالتهم المهنية الهادفة إلى تسليط الضوء لقضايا وأوضاع مجتمعية عامة تتعلق بطلاب جامعة عـدن.
وفي الكلية استمعت إلى العديد من الهموم والمعاناة المشتركة على لسان الكثير من الطلاب والطالبات، الذين بدورهم أكدوا وجود اختلالات وقضايا إدارية تشهدها الكلية، بالإضافة إلى ما تعانيه من تدهور في أوضاعها العلمية والتعليمية، وتجاوزات بعض الدكاترة مع طلابهم.
* كلية العلوم..
معيدون غير مؤهلين.
وفي كلية "العلوم الإدارية"، شعرنا بمدى فرحة وحفاوة الطلاب الذين أقبلوا إلينا معبرين عن آرائهم ومعاناتهم دون اعتراض من أحد، بخلاف ما حدث لنا في كلية الاقتصاد.
حيث تحدث الطالب فهمي يسلم حسن "تخصص محاسبة- مستوى رابع" قائلاً: «قبل أعوام كانت الكلية تمر بأوضاع مزرية ومتردية للغاية نتيجة تجاوزات عمداء الكلية السابقين، لكن اليوم الوضع بدأ يتغير نحو الأحسن بعد استبدالهم».
ويستطرد: «لكن مشكلتنا الحالية أننا مازلنا ندرس منهجاً قديماً جداً، ولو قارنت هذا المنهج عبر مواقع الإنترنت مع ما هو متداول (عالمياً) لوجدته مخالفاً للمواقع العلمية، بالإضافة إلى أن بعض دكاترة الكلية لا يؤدون واجبهم بالشكل العلمي المطلوب».
أما الطالبة عائشة علي محمد ـ إدارة أعمال (سنة ثالثة) فكان لها رأي آخر، حيث أشارت إلى أن الكلية تمر بحالة إهمال بسبب عدم الاهتمام بمتطلبات الطالب الجامعي، ووجود دكاترة ومعيدين يتعاملون بالرشوة والوساطة، حد قولها.
وتضيف: «النظام الدراسي غير متناسب مع الأسس التعليمية المتطورة، ولدينا بعض المعيدين يفتقرون إلى مستويات مؤهلة، ولا يجيدون طريقة إيصال مواضيع المحاضرات بأسلوب راقٍ وممتع، كما أن البعض تنقصه الثقافة المعرفية، وتجدهم لا شيء أمام تفوق بعض الطلاب عليهم بالذكاء، ومن حيث القدرة على التحدث والإيصال والإصغاء».
وتصف الطالبة عائشة الوضع الدراسي الراهن بـ "أنه يمر بحالة من التخبط والضياع، لعدم اكتراث القائمين على شؤون الكلية بمطالب الطلاب المنادية بتوفير الوقت الكافي للدراسة، ووضع خطة علمية مناسبة لضمان تسيير وإنجاح العملية الدراسية".
* مناهج تعتمد على التنظير.
ويتحدث الطالب رأفت نبيل الجُباري ـ قسم محاسبة (مستوى رابع)، عن المماحكات السياسية الدائرة في نطاق الجامعات والكليات الحكومية من قبل المسؤولين والأكاديميين، مبيناً أن «الكلية تحولت إلى منبر سياسي وجسد منتهك لحقوقه المستقلة، نتيجة سياسة (الولاءات) التي تمارسها رئاسة الجامعة»، مستدلاً بكلامه إلى ما حدث للناشطة الجنوبية "أنسام" في حرم ديوان رئاسة الجامعة.
ويواصل حديثه بالقول: «لنا 4 سنوات ولم نرَ غير المشاكل، ولا ندري من أين تأتينا هذه المشاكل، على الرغم من استبدال عمداء الكلية السابقين بآخرين، هم ـ للأمانة ـ مازالوا يبذلون جهوداً لانتشال الكلية من الوضع البائس الذي عانته أثناء الفترات السابقة».
ويضيف: «في الكلية لدينا قاعات غير مؤهلة لإقامة المحاضرات، ولا تتوفر فيها أجهزة تبريد صالحة، كما نعاني أيضاً من قدم المناهج التي تعتمد في مجملها على التنظير فقط».
ويستطرد مستهجناً: «العالم من حولنا أصبح يتعامل بلغة العصر ويتعاطى مع مفهومه بشتى الوسائل العلمية والتقنية المتطورة، وكليات "جامعة عـدن" مازالت تفتقر إلى أبسط وسائل التطبيق العملي الذي يعدُّ من أهم احتياجات ومتطلبات التعليم الجامعي».
واختتم حديثه مؤكداً على أنهم كـ (طلاب مستوى رابع) لم يجربوا حتى الآن التطبيق على النظام المحاسبي.
* دكاترة لا يلتزمون بالوقت.
نحن طلاب "سنة أولى" لا يتوفر لدينا انضباط داخل القاعة، ومشكلتنا تكمن في عدم التزام الدكاترة بالدوام والوقت.
بهذه الجملة لخص الطالب معتز الشيخ ـ إدارة أعمال (سنة أولى) ما يعانيه طلاب المستوى الأول، موضحاً: «تسبب الإهمال في تدهور المستوى التعليمي الذي عكس نفسه ـ سلباً ـ على طلاب السنة الأولى، وهناك عشوائية نلمسها أثناء فترة الامتحانات جراء قيام الدكاترة بتطبيق الامتحان والاختبار في آن واحد، وعدم تكليف الطلاب بالبحوث».
وتطرق زميله صالح أحمد ـ قسم محاسبة (مستوى ثالث) إلى موضوع المناهج، وقال: "إنها قديمة وغير متطورة، وتعود إلى فترة ثمانينيات القرن العشرين، إضافة إلى خلوها من جوانب التطبيق العملي».
ويضيف: «أحياناً نواجه مشكلة في عدم وجود تفاهم وانسجام بين الدكتور (المتخصص) وبين مساعده (المعُيد)، والتي تتمثل في وجود فوارق بين ما يطرحه الدكتور وبين ما يقدمه المعُيد»، مكملاً: «كما نعاني أيضاً من ازدحام في القاعات، لاسيما في قاعة "المحاسبة"، التي لا تتوفر فيها أجهزة كافية، حيث يضطر نصف الطلاب إلى حضور المحاضرة الأولى، فيما يتغيب النصف الآخر لعدم كفاية الأجهزة وعدم صلاحيتها، وهذه أبرز مشاكلنا الأساسية التي نعانيها مقارنة مع غيرنا».
ويلفت الطالب عبداللاه أحمد عبدالله ـ إدارة أعمال (مستوى أول)، إلى جانب من التصرفات والمعاملات غير المسؤولة التي تمارس من قبل عدد من الدكاترة تجاه طلابهم، قائلاً: «هناك طلاب كثيرون رسبوا في مادة أحد دكاترة الكلية بسبب عدم قدرته على إيصال المعلومات، وافتقاره إلى اللياقة والحكمة في تعاملاته الشخصية، ما جعل هذا يمثل حالة من النفور والضجر بالنسبة للطلاب نتيجة هذه التصرفات التي لم يحاسبه عليها أحد».
* تقرير سابق عن جامعة عدن : اضغـــــــــط هنــــــــــــا