يناير- فبراير – مارس 2014م
التقديم :
إن المعايير الدولية لحقوق الإنسان , تعد المرجعية الرئيسية ولها أولوية على المعايير المحلية , كما ترسي التزامات قانونية للحكومات , مع توفير الأساس لمطالبة السلطات الحكومية على حماية واحترام حقوق الإنسان .
ـ أن تقاعس السلطات الحكومية عن القيام بمسئولياتها الأخلاقية والقانونية منذ اللحظات الأولى لارتكاب جريمة 27ديسمبر 2013م في منطقة سناح التي نفذتها الوحدات العسكرية للواء 33 مدرع , وأوقعت العشرات من المدنيين الأبرياء بين قتيل وجريح , في اتخاذها خطوات حاسمة لإجراء التحقيق فيها وإخضاع مرتكبيها للمساءلة الجنائية وعدالة القضاء , وبعد مضي مئة وعشرون يوماً, خلالها تمادت القوات العسكرية المعتدية على ارتكاب المزيد من الأفعال الجنائية ضد المدنيين بأساليب مختلفة ومتنوعة خارج نطاق القضاء والقانون واستمرارها على هذا النهج العدائي حتى 19مارس 2014م حيث قوبلت هذه الأفعال المرتكبة بإدانات واسعة على الصعيدين المحلي والدولي, ومنها الإدانة للسيدة / نافي بيلاي رئيسة المفوضية العليا السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في 26/فبراير 2014م حول الهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي شنتها القوات المسلحة وأسفرت عن قتلى وإصابات بين المدنيين في محافظة الضالع، وأعربت عن صدمتها إزاء سلسلة الهجمات التي قادتها القوات المسلحة منذ ديسمبر 2013م، حيث أكدت بأن مكتب المفوضية قام بتوثيق الهجمات التي استمرت على قصف المستشفيات والعيادات والمدارس ومعهد ألمعاقين وتطرقت السيدة بيلاي إلى ادعاءات القوات المسلحة اليمنية بشأن إطلاق النار عليها من قبل جماعات مسلحة أو تعرض قواعدها للهجوم لا يمكن أن يبرر أبداً استخدام الهجمات العشوائية وغير المتناسبة في القوة.
ونشير إلى ما تناقلته وسائل إعلامية محلية عن وجود ما يسمى بالمقاومة الشعبية التي تناقلت أخبارها تلك الوسائل , فتبين لنا من خلال طرح الأسئلة حول ذلك مع بعض من التقيناهم في المنطقة وتجاوبوا مع ما طرحناه , حيث أكدوا بأنها كانت لديهم ردة فعل ,على الأفعال العدائية في قتل الأهالي وتدمير منطقتهم , في غياب دور السلطات المسئولة على وقف هذه الاعتداءات المستمرة عليهم منذ وقت مبكر , الأمر الذي دفعهم في بعض الأحيان إلى استخدام السلاح , للتصدي لعمليات القتل ضدهم , هذا ما كان واضحاً في احداث 18 فبراير 2014م ويبدو بأنه تشكيل محدود وغير منظم ولا يرتبط بجهات معينة داعمة له , كما اعتبر دفاعاً عن النفس في ظل غياب العدالة ومن خلال سقوط أعداد كبيرة من القتلى والمصابين من أبناء هذه المنطقة تحديداً , على امتداد السنوات الماضية بداية لعام 1998م .
منظمة حق عملت على توثيق ومتابعة الأحداث بدء من جريمة 27 ديسمبر 2013م وتداعياتها , وفي منتصف شهر يناير 2014م عاود فريق الرصد لمزاولة عملة الميداني , بعد أن اتجهت الأحداث باتجاه التصعيد في ظل غياب واضح للسلطات الحكومية , وخلال ثمانون يوماً للمسح الميداني المتكامل بصورة واقعية ومهنية في تقصي الحقائق من مصادرها والوقوف أمام التفاصيل المتعلقة بالجرائم المرتكبة وفقاً للمعاير الدولية لحقوق الإنسان، حيث شمل المسح سبعة عشر منطقة سكنية، كانت هدفاً للهجمات العسكرية،
منها ثلاث مناطق تعرضت للقصف المستمر بضراوة، وسبع مناطق للقصف المستمر، وأربع مناطق للقصف المتقطع، وثلاث طالها القصف، وجميعها تقع خارج مركز المدينة بالإضافة إلى سبعة أحياء سكنية تقع ضمن المدينة، وإعداد الخرائط لمواقع سقوط القذائف وتصويرها، ورصد عملية الاقتحام للقرى بالدبابات والمدرعات العسكرية واقتحام المنازل ونهبها، وتحديد الاتجاهات والمسافات للأماكن المستهدفة من قبل الوحدات العسكرية المعتدية، مع تحديد السلاح المستخدم في جميع الجرائم المرتكبة ورصد الأضرار للمنازل والمراكز التجارية ووسائل النقل والمزارع والمباني المخصصة للأغراض الطبية والتعليمية ودور العبادة التي تعرضت للقصف وللهجمات المتكررة، ومتابعة النزوح القسري للأهالي تحت كثافة القصف في مشاهد لا تنسجم مع المبادئ والقيم الإنسانيه، كما تضمن النزول في جمع المعلومات الاستقصائية عن جرائم القتل المختلفة، وإتمام الاستبيانات المتعلقة بالقتلى ومقابلة ذويهم وتثبيت الشواهد بأماكن وقوع الجرائم، وإجراء المقابلات مع الشهود والاحتفاظ بالسجلات الطبية وزيارة المستشفيات، وإعداد قائمة بأسماء المصابين وتصوير أماكن إصاباتهم، فالحصيلة الثابتة للقتلى هي (28) قتيل بدءاً من تاريخ 16 يناير حتى 13 مارس 2014م تباينت أعمارهم واختلفت فئاتهم وتنوعت أساليب قتلهم من قبل قوات اللواء 33 مدرع، فأول جريمة مرتكبة كانت عملية اغتيال استهدفت ضابط أمن يدير أحد الأقسام المهمة بإدارة أمن الضالع، وقد كان عدد المصابين جراء العمليات العسكرية الذين تم رصدهم (73) مصاباً بين بليغة ومتوسطة وطفيفة من 6 يناير حتى 5 مارس 2014م.
كما شهد شهر فبراير أعنف العمليات العسكرية في مناطق الضالع المختلفة من القصف وعمليات القتل والاعتداء على الإعلاميين والحقوقيين وعمليات الاختطاف والاعتقال التعسفيتين، حيث توقفت أصوات المدافع والدبابات في 19 مارس 2014م.
ــ تعمدت القوات العسكرية وبالمخالفة للقانون الدولي على استخدام الأسلحة الثقيلة ومنها مدفعية عيار 160 ومدفعية عيار 120 والدبابات T62 ومضادات الطائرات عيار 23 وعيار 37 في قصفها على المناطق المأهولة بالسكان المدنيين بعشوائية وبطريقة عابثة، مع علمها المسبق بأن هذه الهجمات ستسفر عن خسائر في الأرواح وإصابات بين المدنيين وستلحق تدميراً واسع النطاق بالممتلكات وإلى الطرد القسري للأهالي وإلحاق الأذى النفسي عند صغار السن من الأطفال مرحلياً وعلى المدى البعيد.
إدارة الأمن العام :
وكان لفريق العمل عدة زيارات إلى إدارة أمن محافظة الضالع والذي تعرض مبناها للاعتداءات المتكررة من قبل المواقع العسكرية المحيطة به وهما موقع (القشاع العسكري) ويبعد بنحو (450 متر) في الجهة الشرقية الشمالية من المبنى وموقع (الخزان العسكري) في الجهة الجنوبية الشرقية ويبعد بنحو (1500متر)، وجميع الاعتداءات استخدمت فيها قذائف مضاد الطيران ورصاص من سلاح الدوشكا، وفي قسم العمليات اطلع على عدد من البرقيات التي سُمح بالاطلاع عليها وهي على النحو التالي:
ـ برقية رقم(1) الساعة التاسعة والنصف صباحاً بتاريخ 1/1/2014م للإفادة والإطلاع عن خروج ست عربات عسكرية من معسكر عبود التابع للواء 33 مدرع متجهة إلى منطقة سناح شمالاً وأثناء سيرها على الطريق العام، باشرت بإطلاق الأعيرة النارية العشوائية على حافلات الأجرة وطالت تلك الاعتداءات سيارات المارة على الخط حيث أصيب المواطن عبدالسلام قاسم أحمد بإصابات مختلفة، وفي بلاغ آخر تم إرساله إلى المركز، قد تقدم به المواطن أحمد مقبل سكره يفيد بأن أفراد من قوات اللواء أطلقوا الأعيرة النارية وبطريقة عشوائية على سيارته وقد كان ذلك في تاريخ 3/1/2014م.
ـ برقية مرسلة إلى المركز (وزارة الداخلية) تحمل بلاغ رقم(2) تاريخ 3/1/2014م الساعة الواحدة ظهراً للإفادة والاطلاع عن وصول أربع عربات عسكرية إلى معسكر عبود قادمة من مقر المبنى الحكومي (المحافظة)، وعند اقترابها من منطقتي (الجليلة والكبار) قامت بإطلاق الأعيرة النارية بكثافة باتجاه المزارع المحادة للمنطقة وللطريق العام.
ـ بلاغ للإفادة والاطلاع(وزارة الداخلية) برقية تحمل رقم(4) الساعة الخامسة مساءً بتاريخ 7/1/2014م أقدمت قوات اللواء 33 المرابطة بمعسكر الجرباء مقر القيادة بإطلاق قذائف الدبابات والمدفعية وقذائف مضاد الطيران 23 على المناطق السكنية (العشري، غول سبولة ، الجليلة، الكبار ، والقرين) وهي مناطق تقع خارج مدينة الضالع، وعلى (حي نشام) ويقع ضمن المدينة، وقد تعرض للإصابة جراء عمليات القصف بشظايا القذائف المواطن علاء عبدالباري علي حسن من سكان منطقة الكبار وتم نقله إلى مستشفى النصر العام بالمدينة، حيث لحقت أضرار بمنازل المواطنين في تلك المناطق وهم: عبدالله أحمد عبدالله، ومحمد سعيد عبدالله، وعلي قحطان صالح، وقاسم عبدربه سعيد، ملاحظة: فقد تم إرسال هذا البلاغ إلى الجهات المعنية ببرقية تحت رقم (17) وهي: 1ـ وزير الداخلية. 2 ـ رئيس اللجنة الأمنية العليا. 3 ـ نائب وزير الداخلية .
ـ بلاغ للإفادة والاطلاع برقية تحمل رقم(8) الساعة الثامنة صباحاً، تاريخ 12/1/2014م بلاغ صادر عن مدير قسم شرطة منطقة سناح يفيد بأن أفراد من حراسة مبنى المحافظة من القوات الخاصة والجيش قد قاموا بنهب مركز شرطة (سناح) من وثائق وأثاث المركز وتكسير الأبواب والنوافذ ومحتويات قسم الشرطة، وكذلك سرقة دراجة نارية كانت محجوزة على ذمة قضية جنائية، كما قاموا بنهب المواد الغذائية من المستودع الخاص بالمركز.
(للتوضيح فقد تم كتابة البرقيات أعلاه كما هي حرفياً من سجل قسم العمليات) .
وفي هذا السياق نشير إلى أهمية استنادنا إلى ما ورد في حيثيات ما تضمنته البلاغات الصادرة من قسم العمليات بإدارة الأمن كونها تعد جهة رسمية تؤدي وظيفتها القانونية بمسئولية، لإفادة وإطلاع (وزارة الداخلية) بصفة الانتماء إليها وظيفياً بما يدور على الأرض، وإلى إخلاء مسئوليتها كما يجب، ومن الأهمية للركون إليه هو ما أشارت به تلك البرقيات على اعتبارها مستندات رسمية صادرة من جهة حكومية، وهو ما تبين لنا أثناء المسح الميداني لملامسة الحقائق من خلال الشواهد والوقائع الدالة على ارتكاب أفعال جنائية من جانب الوحدات العسكرية للواء 33 مدرع.
وما ينبغي التأكيد عليه بمصداقية الباحث عن الحقيقة وكشفها هو ما أقدمت عليه إحدى الفرق العسكرية التابعة للواء 33 مدرع في تنفيذ عملية اغتيال انتقامية استهدفت من خلالها مدير العمليات بإدارة الأمن، الرائد/ علي قاسم محسن رضا، على اعتباره المسئول الأول للبرقيات والبلاغات المرسلة والمتضمنة سير العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات اللواء 33 في قصفها على المناطق المأهولة بالسكان بأسلحة ثقيلة والسماح للعربات والمدرعات العسكرية بالنزول إلى الشوارع وإطلاقها الأعيرة النارية العشوائية على المارة والمركبات التي أسفر عنها سقوط ضحايا وإصابات بين المدنيين، وتدمير واضح للبنية التحتية للمنطقة.
وعند الساعة الحادية عشر صباحاً من يوم 16 يناير 2014م عمدت تلك الفرقة العسكرية إلى استحداث حاجز عسكري يتكون من أربع مصفحات وعدد من الجنود على الطريق العام قبالة البنك المركزي بالقرب من مدخل مدينة الضالع، وحينها كان الرائد/ علي قاسم محسن رضا راكباً بإحدى الحافلات (ميكروباص) أجرة قادماً من منطقة سناح شمالاً حيث سكنه متجهاً إلى مقر عمله بإدارة الأمن، تم إيقاف الحافلة على أساس التفتيش وقد تخاطب أحد أفراد القوة مع السائق ومع الراكب في مقدمة الباص حيث احتدم الحديث وقدم الجنود الشتائم والألفاظ الغير لائقة لكل من كان على الباص ومن ضمنهم الرائد المستهدف الذي كان جالساً في المقعد الثاني خلف السائق، وفي تلك الأثناء طلب الرائد من السائق بضرورة التحرك سريعاً بعد أن شعر أنه مستهدف من قبل تلك القوات ـ هذا ما أفاد به السائق عند لقائنا به للإفادة في وقت لاحق من وقوع الجريمة ـ، لحظات أطلقت طلقة من سلاح الدوشكا من الجهة اليسرى للباص واخترقته وأصابت احد الشباب الراكبين الذي كان يجلس في مقعد أمام الرائد المستهدف مباشرةً واخترقته الرصاصة وأدت إلى مقتله وإلى مصرع الرائد في الحال.
تم انسحاب القوة على الفور بعد إتمام جريمتهم،وأخذت إفادة الشهود ومقابلة ذوي الضحيتين واستلام التقارير الطبية وصورة للحاجز المستحدث وصورة من خطاب رسمي من مدير أمن محافظة الضالع والموجه إلى وزير الداخلية يؤكد استحداث الموقع واغتيال أحد عناصر الأمن الموظفين لدى إدارته، وهنا نرفق البيانات كاملة، واستناداً بذلك إلى البرقية رقم(39) بتاريخ 16/1/2014م للإفادة والإطلاع لقد تم استحداث نقطتين عسكريتين من قبل قوات اللواء 33 مدرع على الطريق العام، الأولى أمام البنك المركزي، والثانية خلفه باتجاه منطقة الجليلة السكنية، حيث قامت القوة في النقطة الأولى بإطلاق الأعيرة النارية على أحد حافلات الأجرة كانت متوقفة في نفس النقطة وبداخلها ركاب قادمين من منطقة (سناح) ومن ضمنهم الرائد علي قاسم رضا مدير غرفة العمليات بإدارة الأمن الذي لقي مصرعه جراء إطلاق النار على الحافلة، بالإضافة إلى مقتل أحد الشباب ويدعى ردفان محمد علي مسعد من أبناء مدينة الضالع، صادر عن قسم العمليات إدارة الأمن , وقد تم اعتقال سائق الحافلة واحتجاز حافلته لدى جهاز الأمن المركزي في 5/2/2014 حتى 13/3/2014م أطلق سراحه .
ـ هجمات 17/يناير /2014م .
في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً من يوم الجمعة الموافق 17 يناير2014م أُطلقت من موقع الخربة العسكري التابع للواء (33) مدرع، قذيفة دبابة (T62) باتجاه منطقة الجليلة، استقرت بمنزل المواطن قحطان محمد أحمد ويقع قبالة الموقع العسكري بمسافة نحو (1700 متر)، حيث اخترقت سور المنزل الأمامي من الجهة اليمنى، وفي تلك الأثناء كانت الضحية تمني قحطان محمد أحمد البالغة من العمر (18) عاماً، طالبة، تقوم بعملها المنزلي، لتتجاوزها القذيفة بمسافة متر واحد التي ارتطمت بجدار المنزل من الداخل لتتفجر بشدة، تطايرت شظاياها في اتجاهات مختلفة، وجراء ذلك الانفجار تعرضت الضحية للإصابة المباشرة بإحدى الشظايا في رأسها من الجهة اليمنى ويدها ورجلها جهة اليمين، قام والدها وآخرين بإسعافها بواسطة إحدى السيارات إلى المركز الطبي الذي يقع بالقرب من الموقع العسكري مصدر الاعتداء، وقد نصح المركز بنقلها إلى مستشفى النصر العام بالمدينة وخلال سيرهم على الطريق العام قامت قوة عسكرية بملاحقتهم وأطلقت عليهم الأعيرة النارية التي اخترقت السيارة ولم تحدث إصابات بين المسعفين، وفي مستشفى النصر العام أجريت لها الإسعافات الأولية ولسوء حالتها تم تحويلها إلى مستشفى صابر بمدينة عدن حيث أجريت لها عملية جراحية أُدخلت بعدها إلى العناية المركزة، وعند الساعة السابعة مساءً فارقت الحياة متأثرة بإصابتها تلك.
وقد شهدت منطقة (سناح) والتي تبعد عن مدينة الضالع (23 كيلو) شمالاً في تلك اللحظات اعتداءات بإطلاق الأعيرة النارية العشوائية من قبل المصفحات التابعة للواء 33 على مركز مدينة سناح وما حوله، حيث لقي المواطن محمد غيلان محمد اللحجي (27 عام) مصرعه نتيجة تعرضه لإصابة بطلق ناري من سلاح الدوشكا في منطقة الحوض , وإصابة قايد أحمد اللحجي بإصابات بالغة تسببت بكسور مضاعف في الرجلين،أثناء اختباءهما في أحدى الكبائن خوفاً من الرصاص الكثيف والعشوائي حيث ساد المنطقة جو من الفوضى والإرباك , احدثتهما القوات العسكرية بإطلاق الأعيرة العشوائية من العربات والمصفحات العسكرية بمنطقة سناح , وفي الجهة الجنوبية الشرقية كان القصف متواصلاً على أحياء مدينة الضالع والمناطق المجاورة لها من قبل المواقع العسكرية (الخربة ـ القشاع ـ الخزان ) واستمرار المصفحات والعربات بإطلاق النار على المارة على الطريق العام وداخل الأحياء السكنية (الكبار ــ الجليلة ) بالإضافة إلى قذائف مضاد الطيران 23 , ما أحدث حالة من التوتر على كامل المنطقة ، وعند الساعة الواحدة والنصف ظهراً أقدمت إحدى المدرعات على إطلاق رصاصة دوشكا أثناء سيرها على الطريق العام والقادمة من مدينة سناح صوب أحدى السيارات الخاصة بالاتجاه المعاكس لها ما أدى إلى مقتل مالكها المواطن بركان محمد مانع الشاعري في الحال، وكان معسكر الجرباء (مقر قيادة اللواء 33 ) الواقع شرق مدينة الضالع ويبعد بمسافة كيلو متر عنها , يقوم بضربات خاطفة بقذائف المدفعية والدبابات على مناطق ( القرين ) شمال شرق المدينة و(الوعرة ـ الحود) غرب المدينة وقد تعرض مستشفى النصر العام وسط مدينة الضالع لاعتداءات بقذائف مضاد الطيران صوبت العيادات الخارجية ومنعت وصول المصابين إليه لتلقي الاسعافات منذ الحادية عشرة والنصف صباحاً , ما تعذر وصول معظم الحالات التي بلغت 13 حالة بين بليغة ومتوسطة ,وكان مصدر الاعتداء موقع القشاع العسكري شمال شرق المستشفى وموقع المظلوم العسكري في الجهة الغربية منه , الطفل حسام رضوان 15 سنة كان يقود دراجته النارية عند الحادية عشر صباحاً متجهاً إلى منزلة وعند وصولة بين موقعي القشاع والكهرباء العسكريين تعرض لإصتطدام بمدرعة عسكريه أدى إلى اشتعال دراجته وسقوطه على الأرض, توقفت بجانبه اقترب منة جندي وأطلق عيار ناري على ركبته اليمنى وآخر على ساقه الأيسر غادرت المدرعة متجهه إلى معسكر عبود وعند محاولة الأهالي إسعافه كانت المواقع العسكرية تطلق عليهم الأعيرة النارية لمنعهم الاقتراب منه نجحت إحدى المحاولات في تأمينه وإسعافه إلى المستشفى .
وعند الساعة السادسة والنصف مساءً , وجه معسكر الجرباء عدد من الضربات بقذائف مدفعية عيار 160 باتجاه منطقة (كرب زبيد) جنوب غرب المدينة وتبعد عنه بنحو ثمانية كيلو متر تساقطت خمس قذائف بقرب عدد من المنازل تطايرت شظاياها وألحقت أضراراً بسيطة ببعض المنازل وتسببت بإصابة طفلة تبلغ من العمر عامان , وسقوط أحدى القذائف بالقرب من مدرسة أنس بن مالك بمسافة عشرة أمتار , بينما سقطت القذيفة السادسة في الساعة السابعة مساءً على منطقة ( لسلاف زبيد) الواقعة أطراف المدينة جنوباً لتتفجر بمنزل المواطن ياسين علي حسن المتواجد حينها بداخله مع زوجته لينا محمود مانع 27 عام تحمل في أحشاءها جنين ثمانية أشهر وطفلتيها ياسمين وعمرها سنتين ويسرا سنه وشهرين لتنهي حياة الزوجة وجنينها وحياة طفلتيها وإصابة رب العائلة بإصابات بليغة تم إسعافه إلى مستشفى التضامن التخصصي وإدخل العناية المركزة في الحال , والحقت بالمنزل تدميراً كاملاً ,حيث نقلت الجثث الثلاث إلى مستشفى النصر العام وهي مشوهه تماماً , وقد توقفت العمليات العسكرية على كامل المناطق في التاسعة والنصف مساءً تقريباً (12 ساعة من الاعتداءات والهجمات المتواصلة خلفت سته قتلى وثلاثة عشر مصاب).
في يوم 18 يناير 2014م حوالي الساعة الثانية عشر والنصف ظهراً تعرض الطفل عبدالله عبدالكريم عبيد (12 عام) للإصابة القاتلة بطلقة رصاص دوشكا أودت بحياته على الفور في قريته (البجح) من قبل المصفحات العسكرية المرابطة في مبنى المحافظة والتي تبعد عن قريته (1300متر)واستمرت بالقصف العشوائي على المنطقة لمدة 20 دقيقة .
مستوصف المختار الطبي:-
يقع على الطريق العام بمسافة 2 كيلو متر تقريباً عن مركز مدينة سناح ، وعن مبنى المحافظة بنحو ( 500 متر) ، وفي تمام الساعه التاسعة مساءً من يوم الثلاثاء الموافق : 21 يناير 2014م تم الإعتداء على مبنى المستوصف المكون من ثلاثة طوابق ،من قبل المصفحات العسكرية المرابطة في محيط مبنى المجمع الحكومي (المحافظة) التي تقدمت بإتجاه المستوصف ، وباشرت بإطلاق نيرانها لمدة نصف ساعه على فترات متقطعة ، وعلى المحلات التجارية المجاورة للمستوصف .
الطبيب المناوب د/ منصورمحمد قال للمنظمة ، بإن الاعتداءات على المركز كانت مخيفة وقد ألحقت الضرر البالغ في نفوس المرضى ومن كان برفقتهم وكان في المستوصف ست حالات مرضية غادرت المركز أثناء الاعتداء وهي تحت العناية الطبية اللازمة ، منها حالتين لامراتين قد إجريت لهن عمليتين جراحيتين (قيصرية) وتحت الإشراف الطبي ، وحالة اخرى لرضيع عمرة 40 يوماً (مروان عبد الجليل) يعاني من ثقب في القلب ملازم له جهاز أوكسجين تحت العناية الطبية قرر والدي الرضيع المغادرة وعند وصولهما المنزل كان قد فارق الحياة ، وقد تعرض مبنى المستوصف لعدد كبير من الطلقات جميعها قد اخترقت الطوابق الثلاثة ، وقد التقلت المنظمة بالدكتورة / سينا يوسف هندية الجنسية وتعمل في المركز الطبي طبيبة نساء وولادة ، قالت بأنها كانت في السكن بالطابق الثالث مع أطفالها وقد تعرضت للإصابة بشظايا أخترقت غرفتها، كما وصفت تلك اللحظات بالصعبة والمرعبة ، وأكد الدكتور/ عبده احمد صالح المدير الفني بأنه وزملاءه قد فقدوا السيطرة على ما يجري في الداخل وقد أصيبوا بالإرباك والهلع جراء القصف بهذه الصوره الغير إنسانية في مهاجمة مبنى مركزهم الطبي، مستنكراً هذا الاعتداء على المستوصف الذي يعد الإعتداء الثاني وكان الاعتداء الاول في ديسمبر 2013م .
في تاريخ 22 يناير 2014م وعند الساعة الثانية عشر ظهراً من يوم الأربعاء أقدم جنديين من القوة المرابطة بمبنى المحافظة على قتل المواطن غمدان مسعد مصلح (27 عاماً) بثلاث طلقات نارية من سلاح كلاشينكوف آلي , أثناء تواجده بداخل سيارة صديقه كمال محمد ناصر 22عام الذي تعرض للإصابة بثلاث طلقات نارية من قبل الجنديين ونقل على إثرها للعناية المركزة بمستشفى صابر في مدينة عدن 150 كيلو متر جنوباً.
لتتوالى الأحداث في تصاعد عمليات القصف لتشمل مناطق عديدة ومنها الطريق العام الرابط بين مدينة الضالع ومنطقة سناح شمالاً على امتداد 23 كيلو متر ويعد الطريق الوحيد والرئيس بين المنطقتين , وتزايدت نسبة النزوح القسري للأهالي إلى مناطق آمنة وإلى خارج المحافظة , وتعطيل جزئي للمرافق والدوائر العامة عن العمل وبعض المراكز التجارية وتوقف شبة كامل للدراسة في معظم المناطق وقد أخذت الأمور تتجه إلى منحى مغاير للحياة الطبيعية لأهل المنطقة بشكل عام حيث سجلت أعداد القتلى في حصيلة ثابتة لشهر يناير 2014م على عشرة قتلى (10) من تاريخ 16حتى 22/ يناير 2014م وعدد المصابين الذين تم الوصول إليهم في المستشفيات والمنازل ستة وعشرين مصاباً من 6يناير حتى31يناير 2014م , وشهدت أيام 6ـ 7ـ 17ـ 18ـ 19ـ 20ـ21-22ــ26ـ27ــ28ــ30ــ31يناير الهجمات العسكرية المتواصله للمناطق, وكان يوم 17يناير الأكثر دموية.
ـ اليوم الأول من شهر فبراير 2014م كان بمثابة البداية الحقيقية لأعمال العنف واتساعها , حيث استخدمت القوة المفرطة ضد المدنيين في مداخل الأحياء السكنية المجاورة للمواقع العسكرية واتساع عمليات النهب التي مارسها أفراد اللواء باقتحام المنازل في قرية (حصن جرع )والمحال التجارية في منطقة (مفرق الشعيب) ومارس أفراد الامن المركزي عمليات النهب ضد المواطنين على الحاجز الامني مدخل مدينة الضالع وقامت القوات العسكرية والأمنية بحملة اعتقالات واسعة من تاريخ 1فبراير حتى السابع منه , والأيام الأكثر ضراوة لعمليات القصف وأطولها وقتاً , 1ــ 3ــ 4ـ 5ـ9ـ 12ـ13- 18ـ 19ـ 20ـ 21ـ 22ـ 24ــ25 من فبراير 2014م , بينما كان القصف في باقي الأيام من فبراير متقطع وبصورة مباغتة ، وفي الساعه العاشرة والنصف صباحاً الموافق 1/فبراير كان موقع القشاع العسكري ،قد بدأ بإطلاق نيرانه من سلا حيي الدوشكا والكلاشينكوف ، على مركز المدينة وبإتجاه منطقة (الكبار) المحاذية للموقع من الجهة الشمالية وقد كانت النيران بصورة متقطعة على مدى ساعة ونصف تقريباً ، وعند الساعه الثانية عشر ظهراً تعرض العضو التنفيذي للمنظمة للإعتداء بإطلاق النار عليه من موقع القشاع العسكري أثناء تواجدة في حي القشاع ، وعند الساعه الحادية عشر مساءً من اليوم نفسه ، عاود موقع القشاع بعمليات القصف بمؤازرة موقع الخزان العسكري المتمركز في جبل ذي بيت جنوب المدينة ، وبإسناد مدفعي من معسكر الجرباء استمرت حتى الساعة الخامسة والنصف صباحاً استهدفت الهجمات حي العرشي جهة الغرب من المدينة وعلى منطقتي (الحود-الحميراء) بأطراف المدينة غرباً بينما استخدمت الاسلحه المتوسطة والخفيفه على مركز المدينة ، وبعد نصف ساعه من العمليات العسكرية تعرض/ يوسف احمد شايف (33 عام) ويعمل ميكانيك للإصابة بطلق ناري في الرأس اثناء تواجدة بمنزلة بمركز المدينة وكان مصدر الاعتداء موقع القشاع العسكري ، تبين ذلك من خلال النزول ومن إفادة شقيقة / خالد المتواجد حينها معه ، تم إسعافة إلى مستشفى النصر العام القريب لمنزله ونظراً لكثافة القصف الذي أدى إلى إرباك الطاقم الطبي في قسم الطوارئ الذي تعرض لعدد من طلقات الرصاص في الجهة الخلفية , المقابلة لموقع الخزان العسكري مصدر الاعتداء ، لهذا تم تحويله إلى مستشفى صابر بمدينة عدن ، أجريت له عملية جراحية وعند الساعة الواحدة والنصف ظهراً في الثاني من فبراير فارق الحياة متأثراً بإصابته تلك ، وفي الثالث من فبراير عند الساعة العاشرة والنصف صباحاً تعرضت منازل حيي القشاع والإسكان إلى اعتداءات بقذائف مضاد الطيران وطلقات الرصاص من قبل موقع القشاع وتحديداً على المنازل القريبة منه بمسافة (150متر) والتي استمرت ساعه وأربعون دقيقة تقريباً ، ويفيد الناشط الإعلامي / محسن كردوم اثناء قيامة بتصوير تلك الاحداث ، كان قد خاطبة احد الجنود من الموقع العسكري بعدم التصوير وطلب منه مغادرة المكان في الحال ، بعدها اطلقت عليه ثلاث قذائف مضاد طيران ولكنه لجئ إلى احد المنازل التي تتعرض للقصف وقتها ، وقد تمكن من الخروج من الحي دون إصابات ، وفي تلك الاثناء كان حسين قائد الصباحي (55عام) قد انهى الفترة الصباحية من عملة في محلة للنجارة بحي الاسكان وتهيئ لصلاة الظهر وعند خروجه من المحل تعرض للإصابة المباشرة بطلقين ناريين أسعف إلى مستشفى النصر العام أجريت له الإسعافات الطبية اللازمة ، لكنه فارق الحياة خلال تلك اللحظات حيث أستمر موقع القشاع العسكري في تصعيد هجماته على الأحياء السكنية بالمدينة بشكل شبة يومي ، ويعد حي ( نشام ) اكثر الاحياء ضررا جراء القصف المتواصل , ما ادى الى تهجير ساكنيه في الايام الاولى من العمليات العسكريه , وفي الجهة الشمالية من المنطقة تولت القوات العسكرية المرابطة في محيط مبنى المحافظة في أيام 3-4-5-9-13من فبراير عمليات القصف بقذائف الدبابات على منطقة سناح التي تبعد عنها بمسافة (3500متر) تقريباً مع نزول مكثف للمصفحات والعربات العسكرية إلى مركز مدينة سناح وعملت على إطلاق النيران بعشوائية على المارة والمحلات التجارية خلال فترتي الصباح والظهيرة ، الشاب / ماجد مانع الشعيبي (24عام) تعرض للإصابة صباح يوم 4/فبراير وفي 5/فبراير تعرض / عبد الغني سعيد مسعد (28عام ) للإصابة في الرجل اليسرى بطلق ناري أدى إلى بترها من تحت الركبة وكذا / هشام عباس عبدالله (17عام) كانت إصابته في الرجل اليسرى من طلق ناري (كسر في عظمة الساق) وقد كان مستوصف التعاون الطبي قد تعرض لاعتدائين من قبل المصفحات العسكرية ويقع ضمن مركز سناح التجاري ، والاقسام التي اخترقتها الاعيره النارية ، غرفة العمليات وقسم الولادة وقسم المختبر وسكن الاطباء وقد اجبرت تلك الاعتداءات ثلاثة من المرضى على المغادرة خوفاً على حياتهم والاعتدائين الاول في 5/فبراير والثاني في 13/ فبراير 2014م .
- بكيل عبدالله مثنى (27عام) يعمل على سيارة نقل عام نوع فيات ، تم توقيفه على الحاجز الامني في المدخل الشمالي للمدينة ، عند الساعه السابعة مساءً وبعد تفتيشه تم إعتقالة بطريقة تعسفية وإحتجاز سيارته دون ان يتم التحقيق معه او توجيه له أي تهمه منذ اعتقاله في الخامس من فبراير واستمر إلى 13 مارس يوم إطلاق سراحة ، وقد كان عدد من تعرض للإعتقال على الحاجز الامني ذاته قد بلغ (65) شخصاً خلال سبعة أيام اتخذت ضدهم إجراءات تعسفية مخالفة للقانون , وقد التقت المنظمة مع اربعه منهم ، وهم
فهمي قائد علي و فاروق صالح و محسن محمد عبد الرب وبكيل عبدالله مثنى , وعلى صعيد آخر فإن عمليات النزوح للأهالي مطلع شهر فبراير قد ارتفعت بإعداد هائلة جراء تصاعد الهجمات العسكرية بعشوائية ، التي شكلت تهديد حقيقي للمدنيين وعلى وجة التحديد الاحياء السكنية بمدينة الضالع ومناطق ( الجليلة والكبار والوبح وسناح والوعره ولكمة الحجفر وحي الساحة وغول العشر ) ، وفي ذات السياق اتخذ السيد/سامويل ثيو دور رئيس البعثة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود قرار يقضي بتعليق أعمال المنظمة بعد تعرض البعثه للمخاطر على خلفية الاعتداءات المتكررة على مستشفى النصر العام ، ومنظمة أطباء بلا حدود تقوم بتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية والرعاية الطارئة لإنقاذ الحالات الحرجة وكل مايتعلق بالجراحة وتعمل في مدينة الضالع منذ العام 2012م .
احداث 12 فبراير :-
عند الساعة السابعة و خمسة عشر دقيقة مساءً اثناء تواجدنا في احد المعامل الخاصة بالتصوير بمركز المدينة ، حينها انقطع التيار الكهربائي, وبعد ذلك سمعنا اصوات قذائف الاسلحة الثقيلة تأكد لنا لاحقاً بأنها قذائف دبابات ومدفعية ومضاد للطيران وقد كان مصدرها موقعي القشاع والخزان ومعسكر الجرباء وعند إرتفاع حدة القصف أغلقنا أبواب المعمل وكان عددنا خمسة اشخاص في الداخل ، رافق ذلك اصوات لطلقات نارية بالقرب من المعمل ، فتحنا الباب بحذر شديد وشاهدنا ثلاثة اشخاص وهم يطلقون الاعيره النارية إلى السماء, سألهم صاحب المعمل من انتم ولم يردوا, وطلب منهم مغادرة المكان ، وسألته هل تحققت من هويتهم فأجاب لم اعرفهم ولم أراهم من قبل مطلقاً ، وبعد لحظات عاودوا بإطلاق النار بكثافة ثم غادروا المكان ، فأن مشاهدتي للأشخاص وهم يطلقون نيرانهم, تعد المشاهدة الوحيدة لي طيلة وجودي في المنطقة , فقد تكررت هذه الأفعال في اكثر من مكان وكانت حديث الناس, وكان ظهورها في أواخر يناير وتعاظمت في شهر فبراير, ومحصورة في الأحياء السكنية للمدينة كما ظلت هوية من يقوم بهذه الأفعال مجهولة حتى الان ، ونرى من وجهة نظرناً بان الجهة التي تغذي وتيسر لهذه الافعال الجنائية الخطيرة ، ربما تسعى إلى إحداث قدر كبير من الدمار وإلى المزيد من الدماء ، او يراد من خلالها تبريراً لإطالة العدوان ، وتحويل كامل المنطقة إلى فوضى مستمرة .
وعند الساعة السابعة واربعون دقيقة مساءً ، كان عبد الغني محمد الصوامي (28عام) يقود حافلته (ميكرو باص) بحي العرشي وبرفقتة صديقة ميعاد محمد المصري (22عام) ميكانيك سيارات في طريقهما إلى حي (الدرجة) حيث يسكن عبد الغني الصوامي, حينها تعرضا لقذيفة مضاد طيران 23 تفجرت في واجهة الحافله أطلقت من موقع الخزان العسكري ويبعد بمسافة (1600متر) شرقاً أدت إلى مقتلهما في الحال ، في حين تواصلت العمليات العسكرية حتى العاشرة والنصف مساءً استهدفت أحياء المدينة ومنطقتي (الجليلة-الكبار) شمال شرق المدينة ومنطقة (زبيد) في الجهة الجنوبية – حيث كانت احياء المدينة محوراً للهجمات العسكرية في نطاق لا يزيد عن ثلاثة كيلو متر مربع ، كما الحقت تلك الهجمات اضرار كبيرة في مدرستي (صالح قاسم-الجريذي) للتعليم الاساسي في حي الاسكان بعد قصفهما بقذائف الدبابات عند الساعة الثامنة والنصف مساءً بالإضافة إلى قصف كلية التربية في حي الجمرك، وفي حي (كلد) تعرض مسجد(أحمد) لعدد من طلقات الرصاص كما يعد معلماً تاريخياً ويعود بناءه إلى مائتان عام ، وكذا المركز النسوي لتحفيظ القران ومسجد الخولاني وجميعها في نفس الحي ومبنى إدارة البريد العام الذي تعرض لاعتداءات متكررة ،وتعرضت منازل المدينة لقذائف مضاد الطيران 23-37 ورصاص الدوشكا ومن المساجد التي تعرضت للإعتداءات في منطقة الكبار السكنية مسجدي (الكبار والخير) ومنطقة الجليلة مسجدي (الرحمن والسنة) بالإضافة إلى مدرسة (صالح عنتر ) للتعليم الاساسي وجميعها استهدفت بقذائف مضاد الطيران والاعيره النارية كما استهدفت المنازل في المنطقتين بقذائف الدبابات ومضاد الطيران والاعيره النارية خلال فترة الهجمات التي استمرت ثلاث ساعات وربع اسفرت عن قتيلين واربعه من الجرحى بإصابات متوسطة .
هجمات 18 فبراير الدموية:-
في الساعات الاولى من صباح يوم الثلاثاء الموافق 18فبراير ، باشرت وحدات اللواء 33 مدرع عملياتها العسكرية على الطريق العام الرابط بين مدينتي ( الضالع- سناح) ويعتبر النطاق الجغرافي للعمليات العسكرية التي شهدت تفاصيلها الكاملة ، أربع مناطق تقع على جانبي الطريق ، كانت هدفاً لعمليات القصف والاقتحام ، من قبل التشكيلات العسكرية المكونة من الدبابات والمصفحات وناقلات الجند المنتشرة على امتداد الطريق، بالإضافة إلى معسكري الجرباء وعبود وخمسة مواقع عسكرية ، حيث أحكمت تلك التشكيلات العسكرية السيطرة على المناطق الأربع وحولتها إلى جبهات قتالية مشتعلة ، أدت إلى تهجير الأهالي تحت القصف العشوائي وملاحقتهم في الشعاب والأودية ، وعمدت على اقتحام عدد من المنازل والمحال التجارية ، وإختطاف عدد من الاطفال والشباب وكبار السن من المراكز التجارية وعلى الطرقات العامة فضلاً عن جرائم القتل والإصابات في صفوف المدنين كما تعد هجمات 18 فبراير الاعنف والاخطر على الإطلاق من حيث حجم الدمار وسقوط الضحايا كما حولت المنطقة إلى ساحة حرب حقيقية ، بدءً من الساعة الخامسة والنصف صباحاً واستمرت حتى السابعة والنصف مساءً من اليوم نفسه ،
وفي بياناً لها عبر وسائل الإعلام المختلفة ، أدعت وحدات اللواء 33 مدرع بأنها قد تعرضت لاعتداءات من قبل مسلحين ، دون ان تحدد هويتهم وأماكن وجودهم ، ونشير هنا بفرضية صحة الادعاء ، الذي لا يبرر لها على إستخدام الاسلحة الثقيلة بعشوائية وبهذا القدر من العنف والقسوة في القتل والدمار والطرد القسري للأهالي على مدار 14ساعه ونصف متواصلة من القصف ، دون تمييز أو تحديد جهة الاعتداء, حتى يتسنى لها إتخاذ إجراءات مناسبة ومقنعة, مقارنة مع حجم ومصدر الاعتداء ، كما نرى بأن الوحدات العسكرية كانت على الجانب الخطاء بتصرفاتها الغير مسؤولة تجاه من دمرت منازلهم ومراكزهم التجارية ، وبحق القتلى والمصابين والالاف من المشردين خارج مناطقهم ،
المناطق المستهدفة :-
1- منطقة الوبح :
تقع على جانبي الطريق شمال مدينة الضالع وبتعد عنها بنحو 16 كيلو متر وعن منطقة سناح: بنحو سبعة كيلو متر ، وتشمل ثلاث قرى (الوبح – زعره – حصن جرع ) إضافة إلى مركز تجاري محدود يلبي متطلبات المنطقة ، وألتقت المنظمة بالأشخاص الذين تعرضت منازلهم للسطو الملسح من قبل القوة العسكرية التي اقتحمت قرية حصن جرع ، قال ناجي محمد العيري حوالي الساعة الثامنة صباحاً باشرت القوات العسكرية المنتشرة على الطريق بإطلاق النيران على قريتهم المكونه من عشرين منزلاً وتقع على تله صغيره بإرتفاع 10 أمتار على الطريق مباشرةً ، بينما الدبابات كانت تقصف قريتي زعره والوبح على بعد 2 كيلو متر من قريته جهة الشرق ، اجبرت الاهالي على النزوح القسري إلى اماكن متعدده ، ويضيف انه فضل البقاء في منزله مع نجليه شاب عمره 25عام وطفل 9 سنوات ، وعند الساعه التاسعه والنصف صباحاً اقتحمت الآليات العسكرية قريتهم ، وذكر بأن افراد القوة العسكرية المعتدية مابين مائة وخمسين إلى مائتين جندي وقائدهم برتبة عقيد ، استولت على مدرسة القرية للتعليم الاساسي وتحويلها إلى ثكنة عسكرية ، وبينما كان يقف امام منزله المجاور للمدرسة برفقة ولدية قدمت إليهم احدى الدبابات برفقة قائد الفرقة ، الذي طلب منهم مغادرة القرية فوراً ، ولكنه رفض ذلك وتم تهديده بهدم منزلة في الحال ولكنه اصر على البقاء ، اتخذت الدبابة وضعية القصف بطريقة مستفزة ، بعد ذلك امر العقيد باحتجازهم في المدرسة حتى الساعه الثالثة عصراً وخلال هذه الفترة الزمنية قام الجنود باقتحام المنازل وسرقتها والعبث بمحتوياتها وعددها ستة منازل تم توثيقها ، وأضاف بأن ابنه عبد أللاه تسع سنوات قد بدأت عليه اعراض المرض والامتناع عن الاكل تم عرضة على مركز المختار الطبي الذي أكد إصابته بالفشل الكلوي جراء تعرضه للخوف ، وتم نقله إلى مشافي مدينة عدن، ومنها إلى مدينة صنعاء حيث فارق الحياة خلال عشرة ايام بسبب إصابته تلك, وفي وقت سابق وعند الساعه السابعة صباحاً تقريباً كان الشاب/ يزيد علي بن علي 20 عام قد لجئ إلى احد المحلات بالمركز التجاري بالمنطقة للإختباء من النيران المتطايرة بغزارة, وقال صاحب المحل / فهد محمود بانه كان يقف بجانبه بمسافة متر واحد داخل المحل حينها اخترقت الباب ثلاث طلقات اصابته في الظهر مباشرة أدت إلى مفارقته للحياة على الفور ، ومع إستمرار القصف على القرى الثلاث والمحال التجارية، كان الطفل / صالح عبد العزيز علي 11 سنة داخل منزله بقرية الوبح وقد كانت الساعه الحادية عشر والنصف صباحاً ، عندما تعرض لطلقة نارية في رأسة أدت إلى تهشيم مؤخرته وإلى مقتله في الحال .
2- منطقة مفرق الشعيب التجارية :
تقع على الطريق العام في الجهة الشرقية ، وعدد المراكز والمحال التجارية فيها تصل إلى 30 مركزاً تقريباً ، للمواد الغذائية والملابس ومحطة وقود وصيدليات ومختبر ومحال لزيوت السيارات ومطعم وجميعها تقع على طرفي شارع فرعي بالإضافة إلى منطقتين سكنيتين (لكمة الحجفر- غول العشر) وفيها مسجد صغير، وتبعد عن مدينة الضالع بنحو 6 كيلو متر شمالاً وعن مدينة سناح نحو 17 كيلو متر ، وعلى مدخل المنطقة يقع حاجز عسكري وفي أعلى جبل السوداء المطل على المنطقة مباشرة تم إستحداث موقعاً عسكرياً في الساعه الرابعه عصراً في نفس اليوم, كما اقتحمت القوة العسكرية أحد المنازل اسفل جبل السوداء يقع على تله صغيره وتحويلة إلى ثكنة عسكرية ، ويعود إلى ملكية المواطن عبد الحميد السيد ، التقت المنظمة بعدد من الأهالي الذين لم يغادروا المنطقة ، وقد كانوا في اوضاعاً إنسانية قاسية بعد أن دمرت منازلهم ومراكزهم التجارية وتعرضت بعضها للنهب, تم توثيقها إلى جانب جرائم القتل والنزوح القسري ، و الخروقات المنتهكة لحقوق الطفل ، التي مارستها القوات العسكرية على اختطافها لعدد من الاطفال بصورة سافرة اثناء وجودهم في المحال والمراكز الخدمية ، واستمرت في إخفائهم لمدة 24يوماً عن العالم الخارجي ، ومنهم الطفل ياسر علي مثنى (15 عام) وشقيقة مثنى علي مثنى (17عام) ونزيه رفيق صالح (15عام) من ابناء قرية (شكع) المجاورة لمنطقة المفرق المستهدفة، والطفل سيف صالح ربيح(15عام) من أبناء محافظة لحج ، وهزاع خالد غالب (16عام) من أبناء مديرية الحشاء ،بالإضافة إلى 17 شخصاً تراوحت اعمارهم مابين 18 إلى 55 عام تم اختطافهم في اليوم نفسه ، والضحايا الذين تم قتلهم في منطقة المفرق / أكرم محمد صالح 34عام و أنور حمود علي 40عام و عبد الرحمن احمد حيدرة 52عام ، والضحايا الثلاثة بالإضافة إلى الضحية / يزيد علي بن علي, فقد كان قتلهم بما تعتقده قوات اللواء 33 مدرع بانهم ينتمون إلى ما يسمى بالمقاومة ، وقال الشاهد / عبد الكريم فضل عبيد صاحب (سوبر ماركت) تم استهدافه بقذائف الدبابات ، ونهبه من قبل الجنود بعد قصفة ، بأنه قد شاهد اللحظات الأولى لعمليات الإقتحام التي نفذتها التشكيلات العسكرية على منطقة المفرق, حيث بدأت عند الساعه السادسة والنصف صباحاً ، وفي منطقة لكمة الحجفر افاد عدد من السكان بأن النساء والأطفال ومن رافقهم من الشباب الابناء قد تعرضوا اثناء نزوحهم من مساكنهم إلى مناطق آمنة في اقصى الجهة الشرقية ، إلى إطلاق النيران عليهم من الرصاص وقذائف مضاد الطيران فقد أصيب الشاب أحمد محمد سعيد 20 عام بشظية في صدره تم نقلة إلى مدينة عدن للعلاج في وقت لاحق .
3- حي الساحة :-
يقع حي الساحة على الجهتين من الطريق العام, ويعد مركزاً تجارياً متميزاً من حيث التنوع وحركة البيع والشراء ويقوم بتغطية كاملة للمناطق المجاورة من خلال محطة للوقود ومعمل للمياه ومحال مهنية وتقنية مختلفة ومراكز التموين للمواد الغذائية و مسجد جامع ومدرسة ثانوية للبنات ونادي رياضي وشقق سكنية ومراكز أدوات كهربائية وإلكترونية وصيدليات ، وجميعها تعرضت للقصف الذي ألحق دماراً كبيراً في معظم المراكز في الحي ، و في الساعة الحادية عشر صباحاً في 18 فبراير أطلقت قذيفة دبابة تي 62 من موقع الخربة العسكري باتجاه سوبر ماركت الحدي في حي الساحة على بعد 1500 متر تقريباً وعلى امتداد واحد من الطريق العام , أدت إلى اشتعال في المركز التجاري وفي تلك الأثناء حاول صاحب المركز الشاب عبدالرحمن قاسم الحدي 36 عام بمعية العاملين بإطفاء الحريق بالوسائل المتاحة لديهم , حينها باشرهم الموقع العسكري بقذيفتين من دبابة تي 62 وعدد من قذائف مضاد الطيران , تحول المكان إلى كتلة من الفحم , وإلى مقتل صاحبه , والعامل قاسم محمد قاسم 50 عاماً بعد أن تشوه وتمزق جسداهما بالإضافة إلى إصابة أربعة من العاملين بإصابات بالغه
4- منطقة الجليلة :-
تقع في الشمال الشرقي من مدينة الضالع ، متداخلة مع حي الساحة من الجهة الغربية ، وتداخلها مع منطقة الكبار من الجهة الجنوبية الشرقية وشمالها بإتجاه مفرق الشعيب وجبل السوداء ، تبعد عن مركز المدينة بمسافة اربعه كيلو متر ، وتعد المنطقة الوحيدة التي تعرضت للاعتداءات المستمرة بمختلف الاسلحة ، طيلة فترة الهجمات العسكرية على الضالع ، وفي الساعه الثامنة صباحاً اقتحمت الدبابات والمصفحات والعربات العسكرية معظم شوارعها والاحياء السكنية واستمرت تجوب فيها حتى الساعة الثانية عشر ظهراً مع إطلاق الأعيرة النارية بعشوائية وبكثافة في اتجاهات مختلفة ، أدت إلى مقتل الشاب/ عمار حسين ثابت 29عام ، أثناء مرورة بسيارته على الطريق العام متجهاً إلى مدينة عدن ، وكذا الشاب / نظمي محمد محسن 23 عام لقي حتفه في إحدى حافلات الأجرة على الطريق العام والمتجهة إلى مدينة الحبيلين جنوباً ، بعد أن تعرضت لإطلاق النار عليها .
قال مروان محمد محسن سائق سيارة الاسعاف بمستشفى النصر العام, حوالي الساعة التاسعة صباحا استلمت بلاغ عن وجود مصابين في منطقة الجليلة وقد كانت العملية العسكريه لا تزال مستمرة, انطلقت برفقة احد الممرضين وعند وصولنا المكان المذكور وجدنا المصابين المبلغ عنهم قد اخذتهم جهة طبية اخرى حينها استلمت بلاغ آخر من قسم الطوارئ يفيد بوجود مصابين قي منطقة ( الكبار ) على مسافة 2 كيلو متر باتجاه مدينة الضالع وأثناء سيرنا استوقفنا جنود الحاجز العسكري اخبرتهم بأني متجه لأخذ مصابين, وبعد انصرافي تم اطلاق النار علينا من موقع القشاع العسكري على مساقة كيلو متر, واثناء ذلك لحقت بي احدى المدرعات وصدمت سيارتي من الجهة اليمنى, استمريت بالسير خوفا على حياتنا وقد كان اطلاق النيران علينا مستمر بغزارة اضطررت للاختباء وخبأت السيارة, ونزلنا سيرا على الاقدام الى ان وصلنا مقر عملنا ,ابلغت ادارة المستشفى ووزارة الصحة بحيثيات ما تعرضنا له, وفي اليوم الثاني 19 فبراير اتصلت بغرفة العمليات التابعة للواء 33 مدرع وأبلغتهم باني مضطر لأخذ سيارة الاسعاف من مكان تواجدها ابلغوني بإمكانك الذهاب لأخذها, فذهبت وأخذتها وأثناء عودتي عند الساعة العاشرة صباحا وعلى الحاجز العسكري المستحدث امام البنك المركزي تم انزالي من السيارة من قبل الجنود واحتجازي في احدى غرف البنك المركزي حيث خصصوا عدد من الغرف في البنك للاحتجاز واستمر حبسي دون توجيه لي أي تهمة ولمدة ثلاثة ايام .
وعند الساعة الثامنة صباحا , ومع استمرار القصف بعشوائية الذي طال مرك