كان يفترض أن يكون هذا الجزء الثاني من سلسلة تقارير (هذه حقيقة ما يحصل في ميناء المكلا ) مخصص للموظف (حسين باجبل) للاستماع لما لديه، بعد أن تم تخصيص الجزء لأول لمؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية لتقديم ما لديها من وثائق وأدلة تخص قضية الموظف لديها، وأسباب الصراع القائم بينهما.
ورغم كل ما تعرضت له من سب وقذف وشتم وهمز ولمز وصل حتى إلى أقدس المخلوقات إلى قلبي (أمي) الغالية، واتهامي بتلقي الرشاوي من قبل غالبية المتصدرين لتلك الحملة، إلا أن ذلك لم يمنعني من الاستمرار في متابعة القضية وكشف حقيقة ما حدث بالوثائق والمستندات.
حتى هذه الليلة، تكون قد مرت نحو خمسة أيام على الوعد الثاني الذي قُدم لي من أجل مقابلة (باجبل)، وكان يوم أمس الأثنين هو الموعد النهائي المتفق عليه مع الاستاذ " ناصر باقزقوز" من أجل ذلك إجراء ذلكم اللقاء ، غير أنه أخبرني في أتصال هاتفي أجريته معه أن (باجبل) لن يقابلني، بحجة أنه مستاء ومنزعج من مما تناولته في كتاباتي بشأن قضيته.
شخصياً لم أستغرب هذا الرفض، وقد كان جلياً منذ اللحظة الأولى أن الأمر سيؤول إلى هذه النتيجة، خصوصاً بعد عمليات تأخير موعد اللقاء لعدة أيام بحجة أن (حسين) لديه ظروف خاصة تمنعه من اللقاء بي.
ظروف يبدو أنها لم تمنعه من ممارسة نشاطه الاعتيادي والتنقل بأرجاء المدينة خلال الفترة ذاتها بحسب شهادات من شاهدوه. رغم أنني لم أكن أطلب من وقته أكثر من ساعة لإتمام الأمر.
كنت آمل في أن يكون ذلك اللقاء بوابة لإيجاد أجوبة على الكثير من الاسئلة والاستفسارات الغامضة التي تدور حول قضية ذلكم العامل، ولعل منها سفره لأول مرة بطريقة غير مطابقة للوائح والقوانين، خصوصاً وأن تقرير هيئة مستشفى ابن سيناء العام بالمدينة والذي أسعف إليه بعد يوماً من الحادثة، أثبت أن الرجل لا يعاني من أي إصابات. وهي نفس النتيجة التي خرج بها من مستشفى السلامة العام الذي أسعف إليه مباشرة بعد سقوطه.
كنت أمني نفسي كذلك في الحصول على ردوده على الاتهامات والشكوك التي وجهتها له إدارة المؤسسة بشأن مصداقية بعض التقارير الطبية والفواتير ذات القيمة الخيالية وغير المنطقية التي جلبها معه من مصر. وكذلك بعض التقارير الذي يتضح للناضر لها أن من كتبها لا يبدو أنه كان يوماً خريجاً لأي جامعة طبية أو معهد صحي.
ولماذا كان يُماطل في تنفيذ توصية رئيسي اللجنة الطبية بالمحافظة واللجنة الطبية لقضايا العمل والصادرة بتاريخ 14/1/2014 والتي تقضي بضرورة عرض نفسه على اخصائي جراحة المفاصل والمخ والأعصاب لتقييم حالته؟ بحسب الرسالة الموقعة من قبل دائرتي الشؤون القانونية والموارد البشرية بالمؤسسة .
وما مدى صحة الأنباء التي تتحدث عن قيامه بالحصول على أموال ومساعدات من قبل مؤسسة المياه، مستغلاً حالته الصحية؟ وما الغرض من ذلك طالما وأن الميناء كان ملتزماً بتوفير كل مستحقاته المالية حتى الشهر الماضي؟
ولماذا قام بالاعتداء الجسدي على عدد من زملائه؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي لاتزال تحير كل من يطالعها.
ما الذي حمله تقرير مشفى ابن سيناء
وفقاً لتقرير مستشفى ابن سيناء العام الصادر بتاريخ 18/3/2012م ، عن حالة الموظف (باجبل) والذي وصل إليه وهو بكامل وعيه، وأثناء إجراء الفحوصات السريرية عليه، فأنه تبين عليه وجود (دعامة للرقابة) رغم أنه لم تكن به أي كدمة. وأشار التقرير إلى أن المريض الوافد إليه خضع لفحوصات بالأشعة السينية شملت الرأس والرقبة والصدر والعمود الفقري والكتف الأيمن والحوض والفخذ الأيمن، وتبين عدم وجود أي كسور واضحة.
التقرير تحدث أيضاً عن أنه تم ترقيد الحالة في قسم الحراجة وتم معاينته من قبل اخصائي المخ والأعصاب ، واخصائي عظام ، وكذلك اخصائي جراحة. وأضاف أيضا أنه تم إخضاعه لإجراء فحوصات بالأشعة المغناطيسية (رنين) للركبة اليمني ، وقدتم إخراجه بعد ذلك .
ولم يشر التقرير إلى وجود أي أصابات قد تلقاها العامل أثناء حادثة وقوعه، ولم يُشر بذات الحال إلى حاجته الملحة بالسفر إلى الخارج والعلاج.
ورغم ذلك وفي اليوم الثامن والعشرين من ذات الشهر، تم صرف عدد (2) تذاكر سفر لـ(باجبل) ومرافقه المدعو " أنور الحنشي " ومبلغ 2000 دولار أمريكي.
وهو ما يدفعنا هنا للسؤال عن الكيفية التي حدث بها هذا الأمر ؟ و كيف تمت عملية تسفيره دون أن يحمل أي تقرير طبي يؤكد حاجته للسفر ويشرح به وضع حالته الصحية.
كيف تم الأمر
كنا في التقرير السابق قد تحدثنا عن الكيفية التي تم بها سفر (باجبل) والضغوطات التي مارستها كل من نقابة الموظفين وزملائه في الميناء، وهي الضغوطات التي كانت مبنية على العاطفة والتعاطف وليس عبر التقارير الطبية الرسمية والاجراءات القانونية السليمة ، بحسب ما قاله مدير شؤون الموظفين في ميناء المكلا السيد "لطفي عوض الحداد" والذي كان يشغل في تلك الفترة منصب رئيس نقابة موظفي الميناء.
وهذا أيضاً ما أكده الاستاذ (درويش سويد) مدير عام مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بمحافظة حضرموت، من أن سفر الموظف لم يكن وفقا للإجراءات القانونية السليمة، وأنه لم يكن يحمل أي تقرير طبي حينها يؤكد حاجته للسفر، بل كان يحمل فقط تعريف طبي.
وهذا هو ما دفعه لمخاطبة إدارة الميناء لاعتبار كافة رسائلهم السابقة بخصوص هذه القضية وكأنها لم تكن.
كان هذا موقف متأخر للغاية.
أتفاق لأنهاء القضية
ليلة البارحة بذل السيد (درويش سويد) جهود كبيرة وخيرة لأنهاء هذه القضية، من خلال تقديم حلول مرضية ومنطقية تضمن للطرفين حقوقهما.
فقد تحدث (درويش) عن أنه ذهب ليلة أمس إلى منزل القبطان (أسامة البان) القائم بأعمال رئيس مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية – ميناء المكلا - برفقة كل من الموظفين (حسين باجبل) و (أنور الحنشي) من أجل التوسط لدى القبطان من أجل الإفراج عن راتب (باجبل) نظراً لظروفه الصعبة، على أن يتم تشكيل لجنه طبية جديدة، يخضع لها (باجبل).
ووفقاً لشهادة (درويش) فأن (البان) لم يتردد في قبول وساطته، وأنه أخبره بالتالي " زيارتك لي كبيرة، وأن طلبت أبني سأعطيك أياه، وليس فقط راتب باجبل".
ونفى (درويش) كذلك ما تم نشره على لسان الصحفي "صبري بن مخاشن " في صفحته على مواقع التواصل الاجتماعية من أنه تم الافراج عن كافة المستحقات المالية لــ (باجبل) وتحديد موعد سفره خلال الأيام القادمة من شهر رمضان الكريم، قائلاً "أنه تم صرف جزء من راتب (باجبل) بناء على تعاون إنساني من قبل المؤسسة، على أن يتم صرف ما تبقى بعد أن يعود القبطان (البان) من صنعاء لتوقيع على شيك الصرف".
مضيفاً بالقول " أما قضية سفر (باجبل) من عدمه، فهذا أمر متروك للجنة الطبية الجديدة التي ستعقد اجتماعها بعد عيد الفطر المبارك، وهي وحدها من ستقرر إذا ما كانت الحالة الصحية له، تحتاج إلى السفر من عدمه ".
مشدداً على التزامه الكامل بإخضاع (باجبل) للجنة الطبية التي سيتم تشكيلها، وعرضه نفسه على أطبائها.
وهو الأمر الذي لطالما كانت المؤسسة تُطالب بتنفيذه منذ فتره.
بكل الأحوال، ليست هذه هي المتاعب الوحيدة التي كانت ولا تزال تواجه الموظف (باجبل)، فالرجل لايزال يواجه تهماً بالاعتداء بالضرب على عدد من زملائه في مكان العمل، حيث يواجه على الأقل قضية واحدة الان بعد أن بُذلت جهود كللت بالنجاح لإقناع "محمد صالح القعيطي" أحد المُعتدى عليهم بالتنازل عن حقه.
وبحسب أمنية الميناء فأن الصحفي "صبري بن مخاشن" هو الأخر سيواجه متاعب قانونية، كونه أقدم في تاريخ 6/5/2014 على توقيع تعهد على نفسه، يلتزم من خلاله بإحضار صديقه (باجبل) في صباح اليوم التالي 7/5/2014م إلى النيابة العامة، على خلفية قضية اعتدائه على زملائه في العمل. ولكنه لم يلتزم بما كان قد تعهد به على نفسه.
مشيرة إلى أنها ستباشر باتخاذ إجراءاتها القانونية بحق الطرفين بعد انتهاء الإجازة القضائية.
دعوة للجهاز المركزي للمحاسبة والرقابة
وفقاً لتقرير مستشفى ابن سيناء العام ، وشهادة الرئيس السابق لنقابة الموظفين في مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية – ميناء المكلا – وخطاب الرئيس الأسبق لمجلس إدارة المؤسسة، وكذلك شهادة مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة - نرفق لها صور - والتي تؤكد جميعها أن عملية تسفير (باجبل) للعلاج في الخارج على نفقة المؤسسة، قد تمت بدون أي تقارير طبية، وبدون أن تكون الاجراءات القانونية السليمة والصحيحة قد تم تطبيقها.
لهذا فأن هذه بمثابة دعوة نوجهها للجهاز (المركزي للمحاسبة والرقابة) للقيام بواجبه وفتح تحقيق مع كافة الأطراف التي سهلت هذا الأمر، كون الأمر يعتبر تبذير للمال العام ، خصوصاً وأنه قد تم إنفاق ملايين الريالات من المال العام على موظف تم تسفيره للعلاج في الخارج، ليس بناء على تقارير طبية رسمية وقانونية، بل بناء على مواقف "عاطفية" بحسب شهادات واعترافات القائمين على ذلك الأمر.
الجزء الأول : اضغــــــــط هنــــــا