باب الشهادة في اليمن مفتوح للطرف، وطلبة الله في هذا المجال شغالة حريقة وكل يوم ومعانا شهداء جدد حتى أصبح الموضوع وكأنه "ولعة" شمات . شخصيا خايف يجي يوم وقد شركات الاتصالات المحلية ترسل لمشتركيها رسالة. SMS. تقول فيها: عزيزي المشترك للاشتراك في مسابقة "شهيد المستقبل" أرسل مجانا إلى الرقم قَحْ بُم كلمة "جاري الانضمام" بــــ50 ريـالاً شهريا ونزرقك الجنة ...! والواضح أن شركات النقل إلى الجنة في بلادنا، أكثر شركات النقل البري والجوي العاملة في البلد. الإصلاحيون مثلا، معاهم شركة نقل إلى الجنة، وهي شركات نقل نشطة وتعمل في كل المواسم. حتى في موسم (الثورة)، خرجت إحدى شركات الإصلاح بإعلان عن رحلة ظريفة جدا إلى الجنة، إذ نشرت إعلانات تطالب أصحاب الخير بالتبرع إليها لصالح إقامة 1000 عمرة لشهداء 11 فبراير! أسألكم بالله شفتم لطلبة الله شي أكثر لصوصية من هذه الطريقة؟ يعني قدهم شهداء وبيدخلوا الجنة طواااالي، لمو عاد يجمعوا من الناس زلط عشان يعملوا لهم عمرة؟ إلا لو كان قصدهم يؤكدوا الحجز مثلا، الله أعلم. الحوثيون والسلفيون والقاعديون أيضا معاهم شركات نقل إلى الجنة، وهات يا شغل ولقاط شباب متحمسين ضاق بهم الحال وقرروا السفر إلى السماء. كما أن نيل الشهادة بالنسبة إلى أي يائس من الحياة هو من وجهة نظره المحبطة مغنم عظيم. من الطبيعي جدا أن يحدث مثل هذا وأكثر، ذلك لأننا نعيش في بلد، كباره ومسؤلوه ورجاله الدينيون لم يحترموا يوما "الشهادة" الجامعية، ولا شهادات الخبرة، ولا أياً من شهادات العلم التي من شأنها أن تهدي إلى النور وإلى حسن العمل، بل إنهم احتقروا التعليم وشهاداته، وملأوا وظائف البلد ومواقعها المهمة بشخوص غير مؤهلين وبشخوص يمتلكون شهادات زور، وخلفوا لهذا البلد العظيم أجيالا متكاثرة من الشباب المحبطين الذين أنهوا تعليمهم ولم يجدوا سبيلا للعمل، والذين لم يكملوا تعليمهم، وأصبحوا يعيشون الحياة بسأم كشخوص حبيسي الطاقات ومهدوري المهارات وعاطلين عن العمل. والآن حينما تقول لأحد هؤلاء الشباب المساكين: كمل تعليمك على الأقل، واحصل على شهادة ستنفعك مع الوقت . يضحك في وجهك وهو يقلك: هجعنا بحجر الله، والذي معاهم شهادات ما فعلوا بها، أذاهمكم مرجمين في الشوارع . أصل الخراب كله يتمثل في أنه لا يوجد دولة لديها مشروع حاضن للجميع، وفي بلد تمر السنين والأيام فيه لكأنها الجحيم بعينه، فإنه لا يستبعد أن تضرب اليمن أرقاما قياسية في عدد المسافرين إلى الجنة.. وناقص بس نشوف شركات النقل وهم يعملوا في كل حارة فرزة نقل إلى الجنة، ونسمع الإصلاحيين والحوثيين والسلفيين والقاعديين وهم يصيحوا مثل مندوبي الفرزات: اليوم يا شباب، باقي نفر للجنة ...!
*اليمن اليوم