كثيرا ما تجد بعض خطبائنا ـ هداهم الله ـ يستقبلون هذا الشهر الكريم بالإثم والعدوان ويلعنون اليهود والنصارى ويتمنوا أن يكونوا هم أولادهم وزوجاتهم وأبناءهم غنيمة وفيدا للمسلمين .
أن اكبر عدو للإسلام والمسلمين من داخلنا وينطقون بلساننا ، بل إنهم يدعون أنهم الإسلام الصحيح والجماعة الناجية ؛ فما نعايشه يوميا من قتل واستهانة بالدماء وفرقة وتنابذ ديني وحزبي ومتاجرة بالإسلام هو الأخطر الأكبر والحقيقي على الدين والدنيا من مؤامرات الغرب وحيلهم ! .
ما إن أهلَّ شهر البشائر والخير والتسامح والمحبة والتراحم ونبذ الفرقة والخلاف والتشاحن الأسري والمجتمعي والحزبي والسياسي الذي طحن الأمة وجعلها فرقا وأحزابا ومذاهب ترفع راية الحرب والجاهلية ضد بعضها البعض ، إلا واستغل تجار الدين والمتاجرون بكل قضايا الأمة وماضيها ومستقبلها الذين اتخذوا شهر رمضان بضاعة وتجارة لاستغلال مآسي المسلمين وكوارثهم الكثيرة والمتزايدة ، فجمعية الإحسان تطالبنا بالتبرع لمسلمي بورما ، وجمعية الإصلاح الخيرية تقول : لا تنسوا إخواننا في عمران ، ويبهرك الإعلان الملون الكبيرة من جمعية البادية الخيرية يطالبك بالتبرع لإخواننا المنكوبين في أبين ، أما جمعية الأقصى فهي على عهدها تطالب بإنفاق الأموال والأنفس على حماس وقادتها ، وتتباكى جمعية الحكمة اليمانية على المسلمين في العالم الإسلامي وغير الإسلامي ؟! .
صارت مساجدنا ساحة إعلانية كبرى لدروس وجمعيات وجماعات ومستشفيات وجامعات وجوائز رمضانية ومسرحيات إسلامية كلها تعرض باسم الإسلام ومناصرة المسلمين ؟! ، إن الخلط بين الدين والتدين بنسبة الأشياء والأفعال إلى الإسلام هو السبب الأساس لتشويه الدين وجعلنا فرقا وأحزابا إسلامية وغير إسلامية ، إن الرعيل الأول من السلف الصالح ومن تبعهم كانوا ينسبون للمسلمين فيقولون : فقه المسلمين تاريخ المسلمين ؛ للتفريق بين الإسلام كدين سماوي عظيم منزه عن النقص والتحريف ، وبين المسلمين وأفعالهم التي يغلب عليها الخطأ والنقصان والتجاوز " كل ابن ادم خطأ " ، هذا الفصل بين الدين المعصوم وبين التدين البشري جعلهم لا ينسبون للإسلام وإنما للمسلمين ، ولا توجد في كتاب الله آية واحدة تنسب للإسلام " إسلامي " بينما الآيات المتواترة بالنسبة للمسلمين كثيرة وواضحة .
هذه الجمعيات والجماعات والأحزاب الإسلامية التي تحتكر الإسلام لنفسها وجماعاتها وتسلبه من كل من يخالف أفكارهم أو سلوكهم اتخذوا الصدقات والزكوات وسيلة للمتاجرة وتحقيق الإرباح باسم الدين ، وهم يتخذون الصدقات التي لا يجوز إنفاقها في غير الأصناف الثمانية المذكورة في القرآن الكري لدعم مراكزهم الصيفية والشتوية ولعلاج مشايخهم وأقاربهم ولدعم حملاتهم السياسية والدعوية ، ويستعلمون أساليب التحزب والحزبية فمن هو معنا يستحق المن والسلوى ومن يخالفنا نشوه سمعته ونحرمه وربما نكفره ونستحل دمه ؟! ، تعمل هذه الجمعيات التجارية بنظام التزكية فكلا يزكي صاحبه وقريبه ولا يوجد نظام وآلية واضحة تحصر الفقراء والمحتاجين وتحاول خلق وسائل إنتاج تغنيهم المذلة والسؤال ، لان المطلوب أن يظلوا رعاع ورافعي أيديهم ليتم السيطرة عليهم وجعلهم دروعا بشرية في كل عمل سياسي أو حزبي أو دعوي يتم إجبارهم واستغلالهم بأكياس الرز والسكر والدقيق ؟! .
حين تراجع مبادئ هذه الجمعيات وتراخيصهم للعمل تجد العجب العجاب وتنفض يدك من الحكومة التي تؤمن وتشجع الشحاتة وسياسية رفع اليد وذرف الدموع كما يفعل رئيسها عند كل منعطف ، فبعض هذه الجمعيات من أهدافها تصحيح عقيدة المجتمع ، فهي ترى المجتمع اليمني مجتمعا غير مسلم وعقيدته غير سلمية ، فلذلك لا ترقب في مؤمنا ولا ذمة ، وتجعل استقرار وسلم مجتمعنا وسيلة للمتاجرة والتوظيف السياسي والحزبي والمذهبي ، فهي دكاكين وواجهات سياسية وحزبية باسم الجمعيات والصدقات وإغاثة اللهفان والضعفاء وتبطن الخبث والتأمر والتخابر مع جماعات ودول وأحزاب لا تعرف إلا بالعداوة للمسلمين ودينهم ودعوتهم الحضارية . حسبنا الله ونعم الوكيل .
* الاعلامي الحضرمي : فائز سالم بن عمرو