في واقعة هي الأولى من نوعها، نُفذت صباح يوم أمس الخميس (مناظرة) سياسية بين المؤيدين للفيدرالية اليمنية والمُعارضين لها.
بأشراف من مؤسسة مستقل وبالتعاون مع مؤسسة تمكين للتنمية حول قضية الفيدرالية تعزز المواطنة ضمن مشروع اللامركزية والمواطنة.
حيث تضمنت المناظرة عدد من المحاور الرئيسية والمتمثلة حول الأبعاد المتعلقة بالفيدرالية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة الى خصوصية الإقليم ومدى ارتباط الفيدرالية بالقضية الجنوبية.
ومع انطلاقها بدأ الناشط السياسي علي باقطيان، حديثه كأحد ممثلي الفريق المؤيد للفيدرالية بالحديث عن مُخرجات الحوار الوطني والضمانات المُقدمة لحلول القضية الجنوبية وتفنيد بعض مخرجات وثيقة الحوار ومنها دور الأمن والجيش والتأكيد على دورها في تغيير شكل ووضع النظام السياسي والاجتماعي في البلاد.
بينما أعتبر المحامي المعروف د.مصطفى العطاس، وهو الأخر من فريق المؤيدين أن الفيدرالية جاءت بعد سنوات طويلة قضاها الجنوبين في النضال دون أن يتحقق لهم شيء.
غير أنه عاد ليقول أنه يجب أن تكون هنالك نية حقيقية لدى الشمال لأنصاف الجنوب وحضرموت.
مشيراً إلى أن تمثيل الأقاليم في البرلمان الاتحادي ( يقصد أربعة أصوات للشمال ، مقابل صوتين للجنوب ) ليس مؤشراً للإنصاف وإعطاء الحقوق.
الصحفي الكبير الأستاذ صلاح البيتي، وهو أحد ممثلي فريق المعارضة قال "أن الجنوبيين من حيث المبدأ لا يرفضون النظام الفيدرالي، ولكنهم يرفضون إعادة الشراكة والوحدة عن طريق الاتهام". وأضاف البيتي أن الأدوات التي تُعيق قيام الدولة لا تزال قائمة وموجودة في المشهد قبلياً وعسكرياً. وأن توزيع الأقاليم تم على أساس الخوف من رغبات الانفصال والاستقلال التي تجد قبولاً كبيراً لدى الجنوبيين.
وأن تقسيم الجنوب جاء وفق رغبة الشريك الأخر وليس وفق رغبه أهله. وأن الشريك الأخر أستغل أخطاء النظام الجنوبي السابق، واستعملها في عملية تقسيم الجنوب.
البيتي أشار في سياق حديثه إلى أن الخبراء الدوليين يؤكدون على أن نجاح الفيدرالية يرتبط من رغبة الأطراف بها. ولن تنجح في جو عدم الثقة بين الأطراف.
وأن الشراكة الوحدوية تم القضاء عليها بالحرب وأن الجنوب تحت الاحتلال الآن بحسب توصيف اللواء على محسن الأحمر.
وأكد الصحفي المعروف أن الوجوه التي دمرت الوحدة اليمنية في السابق، هي ذاتها الآن من تُروج وتُطالب بالفيدرالية. وأن الجنوب لم يُمثل في مؤتمر الحوار الوطني، وأن من مثله لا يُعبرون عنه وعن مطالب شعبه.
الناشط السياسي م. صالح بامخشب، قال أن تأييده للفيدرالية يأتي نتيجة قناعته الثابتة أن الوحدة اليمنية بشكلها الاندماجي فشلت منذ اليوم الأول لتوقيعها بنفق القلوعة بمدينة عدن. وأنه يمكن القول أن وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الموقعة في 25 يناير هي وثيقة الوحدة اليمنية الحقيقية.
وعن الحراك الجنوبي السلمي قال بامخشب أنه ينظر للحراك الجنوبي على أنه بمثابة قدوة حقيقية للثوار في اليمن، ولكل الشعوب العربية الثائرة بسلمتيه ونضاله الصامد والشجاع.
أما السياسي والقيادي المعارض لخيار الفيدرالية الاستاذ ناصر باقزقوز، فقد قال أن من كانوا يُرددون شعارات ( الوحدة أو الموت ) هم اليوم نفسهم من يُرددون شعارات الفيدرالية ويرسمون الأحلام الوردية للشعب. متسائلاً بالقول كيف يمكن لهم أن يقنعونا بالفيدرالية ومخرجات الحوار الوطني في الوقت الذي نرى فيه المتحاورين يتقاتلون فيما بينهم البين؟
وفي ما يخص خصوصية إقليم حضرموت ، قال باقزقو أن أبناء حضرموت يتعرضون للتغيب، وأنهم لم يُطالبوا بالأقاليم والفيدرالية، بل طالب بها ممثلي مكونين وهما نفس الحزبين اللذين دمرا الوحدة اليمنية.
وأن حضرموت لم تحصل على تمثل جيد يليق بها في مؤتمر الحوار الوطني. متهماً الأحزاب السياسية بإقصاء كوادرها الحضرمية من الحوار الوطني .مدللاً على قيام الحزب الاشتراكي باختيار عضو حضرمي واحد فقط للمشاركة في الحوار، وهو نفس الأمر الذي قام به التنظيم الناصري.
وأشترط باقزقوز قبوله بفكرة إقليم حضرموت، بأن تأتي فكرته وفقاً لمطالب أبناء حضرموت وليس أحداً أخر. وأنه من غير المقبول أن نحتفل بالإقليم قبل أن نعرف ما الذي سنحصل عليه كحضارم، أو الكيفية التي ستكون عليها قوانين الإقليم. قائلاً " لن نحتفل بالمولود إلا بعد ولادته".
ممثل العصبة الحضرمية في المناظرة الاستاذ عبدالله باسويد، وهو من المؤيدين لخيار الفيدرالية، عبر عن تأييده ودعمه لما تحدث به المعارضين للفيدرالية من تهميش حضرموت وإقصائها. غير أنه أيضاً أبدى تعجبه من ما أسماه إقحام بعض أبناء حضرموت أنفسهم في صراعات (جنوبية جنوبية – جنوبية شمالية). وطالب بضرورة الحفاظ على بقاء الهوية الحضرمية مستقلة وبعيدة عن اليمننة أو الجونبة.
وذكر الناشط العصبوي أن تياره السياسي يقبل بخيار الفيدرالية التي تُحقق أهداف وأسس لحضرموت. وأنهم يؤكدون على أن تكون الدولة الفيدرالية المقبلة بعيدة المسمى عن اليمن أو الجنوب. وأن يحفظ الدستور الاتحادي على خصوصية وهوية حضرموت وحقوقها السياسي والاقتصادية.
أما الصحفي المعروف صبري بن مخاشن فقد شن هجوماً حاداً على دعاة الفيدرالية. موجهاً الحديث إليهم بالقول " من سمح لكم الحديث باسم الجنوب ؟ واصفا إياهم بفاقدي الشرعية التي قال أن القيادات الجنوبية هي من تمتلكها مستمدة إياها من الشعب الجنوبي الذي يخرج بالملايين في الساحات ليعبر عن مُعاناته ومطالبه المتمثلة بالتحرير والاستقلال واستعادة دولته الجنوبية المنهوبة – حسب توصيفه.
ووصف بن مخاشن في سياق حديثه القيادات الجنوبية بالقيادات الوطنية التي ضحت بكل شيء من أجل تحقيق الوحدة اليمنية التي آمنت بها آنذاك.
متهماً كل من الرئيس السابق وحزب التجمع اليمني للإصلاح، بالعمل معا على التواطؤ لإفشال الوحدة في مهدها. مستدلاً على ذلك بما جاء في مذكرات الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر.
وعن الثورة الشبابية التي شهدتها البلاد مطلع العام 2011 ، قال بن مخاشن أنها ثورة قامت بها القبيلة والعسكر بعد شعرت أن الرئيس السابق علي صالح، سيعمل على تحويل الدولة إلى دولة الأسرة، خشية فقدان مصالحها وتأثيرها.
وأضاف بالقول أن من نهب الجنوب هم الآن من يتربعون على هرم السلطة في البلاد، وعلى رأسهم كل من الرئيس عبدربه منصور هادي، واللواء على محسن الأحمر، وكذلك حزبي المؤتمر الشعبي والإصلاح. وأن الحرب لاتزال مستمرة ضد الجنوب.
وخلال المناظرة طالب بن مخاشن بأجراء مناظرة خاصة بتصنيف الوضع في الجنوب مع رئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح بحضرموت الاستاذ محمد بالطيف، بعد أن رفض الأخير تصنيف الوضع في الجنوب على أنه احتلال. وهو الطلب الذي أمتنع القيادي الإصلاحي عن قبوله.
عصبة القوى الحضرمية لم تكن لتسلم هي الأخرى من الهجوم الساخن الذي شنه الصحفي بن مخاشن ضد دعاة الفيدرالية حينما وصفها (بالعصابة) متسائلاً كيف تقبل العصبة الحضرمية بالفيدرالية في الوقت الذي تصف فيه النظام بالاحتلال؟
وهو الوصف الذي أدى إلى انسحاب ممثلي مؤيدي الفيدرالية، والإعلان عن انتهاء المناظرة من قبل منظميها