ترك الشارع الجنوبي منقسما قد يؤدي إلى العنف
قيادات الجنوب تبدد أملا في أن تكون موحدة وكل فريق يعود إلى مربعه بانتظار مزيد من التشظي
سرعان ما تبددت بارقة أمل عقب لقاء البيض ـ علي ناصر ـ حيدر العطاس ـ في بيروت في أن قيادات الجنوب أدركت حرج موقف القضية الجنوبية وبدأت في الاتفاق على موقف واحد إلا أن كل ذلك تبدد حين عاد كل إلى موقعه.
وظل علي البيض وحسن باعوم على مطلبهما من فك الارتباط والمطالبة بالانفصال الفوري بينما عاد علي ناصر وحيدر العطاس ومن معهم في مؤتمر القاهرة إلى موقفهم المطالب بفيدرالية من إقليمين جنوبي ـ شمالي.
وأعلن العطاس عن فشل اللقاء أثناء كلمته الهاتفية في اختتام المؤتمر الجنوبي الأول الذي عقد في مدينة المكلا..
قائلاً "سمعتم بلقاء بيروت بين الإخوة الأعزاء، البيض وعلي ناصر وحسن باعوم، وابلغنا بنتائج اللقاء الذي تمخض عن دعوة لاجتماع سياسي محدود في يوم الثلاثاء 25 فبراير الجاري وبدأنا نعد العدة لذلك وفوجئنا في اليوم الثاني بالتراجع عنه، ورغم ذلك سنواصل مساعينا من أجل وحدة الجنوب..
وإذ جاء عقد المؤتمر عقب ما تبدى من فشل لمسيرة الحسم التي أقامتها الكيانات الجنوبية في عدن في ال21 من هذا الشهر، فقد تمثلت المفاجأة في أنه وحتى هذا المؤتمر شهد اتهامات باختراقه وانسحاب أحد قياداته، حيث أعلن قيادي في الحراك الجنوبي انسحابه من مجلس الحراك السلمي (تيار القاهرة) بسبب ما قال إنه اختراق من قبل حزب الإصلاح.
وقال القيادي في الحراك الجنوبي ناصر محفوظ باقزقوز إنه قدم استقالته من مجلس الحراك السلمي (تيار القاهرة) وانسحب من قاعة الاجتماع الانتخابي الذي عقد في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، الاثنين ..
مشيرا إلى انه لجأ إلى هذا الخيار مجبرا بعد أن فرضت قيادة المجلس في الخارج النائب الإصلاحي محسن باصرة في أعلى هيئة قيادية للمجلس.
و في منشوره له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) قال: إن حزب الإصلاح ورئيسه في حضرموت ليسا مع الحراك، قضيتهم تختلف عن قضيتنا، وقياداتهم المركزية مساهمون في قتلنا وتدميرنا، فشلت اليوم لأني وقفت وحيدا أصرخ لكنها الديمقراطية المرة هي من أجبرتني على تقديم استقالتي من مجلس الحراك السلمي والانسحاب ومغادرة قاعة المؤتمر لأني لن أرضى بأن يقودني إصلاحي .
وكان أوضح العطاس في كلمته من أنه بسبب التشتت والمزايدة تم اختراق الحراك من قبل السلطة واستقطبت وجوها أخرى لتشارك في الحوار ولتدشن لمرحلة جديدة كيف نتعامل مع هذا الواقع . القاعدة التي ستمكننا من الانتصار هي وحدة الجنوبيين ونحن نسعى منذ سنوات لتحقيق ذلك لأن الجنوب فقط سينتصر بجميع أبنائه.
وبهذا الخصوص استغرب باقزقوز من أن قيادة الحراك تحذر من اختراق الحراك وهي من تفرض عليهم باصرة زعيما وفي نفس الوقت هو زعيم للإصلاح .. متسائلا بقوله: أي تناقض هذا؟! .
واستطرد القيادي باقزقوز قائلا: الرئيس حيدر العطاس في كلمته للمجتمعين قال تعاطوا مع المعطيات.. آسف سيدي الرئيس، المعطيات كانت عفنة جدا.
وكان العطاس قال للحاضرين إن أحد أسباب عقد مؤتمركم هذا هو وحدة الجنوب: اكسبوا الأعداء والأنصار محلياً وإقليميا ودولياً من أجل الانتصار لقضيتنا، لا تقطعوا علاقاتكم مع أطراف التقدم في الشمال، هم سند لكم وأنتم سند لهم، افتحوا صدوركم مهما اختلفتم أو تباينتم.
وكان أشار الرئيس علي ناصر في كلمته بذات المؤتمر إلى التفاف بعض القوى المتنفذة عسكريا وقبلياً والتي تمثل امتداداً لنظام الحكم السابق على الانتفاضة المباركة في اليمن شمالاً وجنوباً مشيدا بنضال الشعب الجنوبي الذي أظهر بنضاله السلمي قضيته على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ونال بجدارة شرف المبادرة للنضال السلمي الحراكي فكانت طريقاً سلكته شعوبنا العربية في ثورات الربيع العربي.
وأضاف الرئيس " ناصر": إننا على ثقة بأن صمود الشباب في ثورة التغيير ستمكنهم من تحقيق أهدافهم، كما أن صمود الحراك الجنوبي السلمي الواعي سيمكن شعبنا في الجنوب من الانتصار لقضيته العادلة.
وأوضح أن أبرز المحددات اليوم تكمن في أن الفراغ المعبر عنه بأكثر من حالة في صنعاء يريد أن يجتاح الجنوب، وهذه نظرية معاكسة لسنن الطبيعة فهي محكومة بالفشل حتماً، ويأتي ذلك في ظل ما تشهده الساحة اليمنية من تحولات ملحوظة في مراكز النفوذ ومستوياتها، وعليه فإننا معنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى للانتقال من مرحلة الانفعالات إلى مرحلة الأفعال، وأن تكون أفعالنا مدروسة وقادرة على استيعاب الموقف الراهن والمتغيرات في مراكز صنع القرار والتعاطي الايجابي والمنفتح سياسياً والذي يخدم القضية الجنوبية ويهيئ طريق الانتصار لها .
وعلى ذات السياق، مما ينبئ من أن قيادات الجنوب ماضية في اتجاه التشظي أكثر منه إلى التوحد مما يؤدي إلى انقسام الشارع الجنوبي واتجاهه إلى العنف، فقد مثل تراجع الشيخ صالح بن فريد العولقي ـ رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع ـ عن ما كان يصرح به من نجاح حول جمع شمل القيادات الجنوبية، صدمة بسبب توسع الخلافات بدلا من حصرها.
وشن هجوماً لاذعاً على القيادات الجنوبية في الخارج، حيث وصف قيادات الجنوب في الخارج بأنها عبئ على الساحة الجنوبية, مطالباً إياها بتقديم الاعتذار للجنوب على ما لحقه بسببها من إخفاقات ومآسٍ أرجعته مائة سنة إلى الوراء.
وأكد في حوار صحفي أنهم لن يسحموا لأي قيادات تعيش في الخارج بفنادق 5 نجوم أو 7 نجوم, أن تقود شعب الجنوب.. وقال إن مربط الفرس في الساحة الجنوبية ومن يريد الزعامة أو العمل فليأتي إلى الداخل, مؤكداً بأن شعب الجنوب يتحرك من تلقاء نفسه ولا تأثير عليه من هذه القيادات التي تعيش في الخارج.
واتهم بعض القيادات الجنوبية في الخارج بأنها أصبحت تتاجر بالقضية, وتستغل دماء أبناء الجنوب في الداخل وتضحياتهم وقضيتهم من أجل الكسب الرخيص.
وقال إن هذه القيادات التي أهدرت 80 سنة من عمرها ولم تحقق شيئاً سوى إيصال الجنوب إلى هذا الوضع المأساوي, لا ينتظر منها أي إنجاز جديد للجنوب.
هذا وقد كان صدر عن المؤتمر الجنوبي الأول، المنعقد في المكلا في الرابع والعشرين من فبراير، بيانا سياسيا حوى عددا من القرارات والتوصيات وأعلنت عن انتخاب هيئة رئاسة المجلس والذي يتكون من (22) شخصا.
كما تم انتخاب رئاسة اللجنة التنفيذية حيث اختار ممثلو الهيئات التنفيذية، والمقدر عددهم بـ75 شخصاً، هيئة لرئاسة المؤتمر برئاسة علي ناصر محمد و المهندس حيدر أبوبكر العطاس نائباً أول والوزير السابق صالح عبيد أحمد، وتم انتخاب الأمانة العامة وهم ـ عبدالمجيد سعيد وحدين رئيس اللجنة التنفيذية ـ عصام عبده علي نائبا رئيس اللجنة في الداخل ـ علي فضل بن هرهرة نائب رئيس اللجنة في الخارج . الدكتور سيف علي حسن الجحافي أمين عام الجنة التنفيذية .
كما تم انتخاب خمسة نواب للأمين العام وأحد عشر شخصا كرؤساء للمكاتب بالإضافة إلى انتخاب لجنة رقابة وتفتيش.
يشار إلى أن هذا المؤتمر يضم القيادات التي التقت في القاهرة 2011 وكان من بينها محمد علي أحمد الذي لم يحظره.
* صحيفة الوسط اليمنية