شركة توتال : تاريخ حافل في إشعال الحروب ونهب ثروات الشعوب .. احراق غاز شبوه

2014-02-05 11:12
شركة توتال : تاريخ حافل في إشعال الحروب ونهب ثروات الشعوب .. احراق غاز شبوه
شبوة برس - متابعات

 

 

 

تمتلك شركة توتال النفطية سجلاً سيئاً في إدارة واستغلال الصراعات المستمرة في عديد مناطق نفطية في أفريقيا والشرق الأوسط, لا يقلّ وضاعة وبشاعة عن استنزاف وسرقة طاقات وموارد تلك الشعوب وإضعافها الممنهج لضمان تركيعها واستمرار السيطرة عليها وعلى مقدراتها من خلال إفساد أنظمتها الحاكمة ودعم استبدادها وبقائها خاضعة لهيمنة اللوبي الاقتصادي الأورو أمريكي.

 

وتعد شركة توتال الفرنسية- ومقرها في باريس- واحدة من أكبر ست شركات نفط عالمية, وتأسست عام 1924, ولها فروع ومكاتب في جميع أنحاء العالم، وتملك أسهماً في بورصتي نيويورك ويورونيكست, ويبلغ سعر سهم الشركة 60 دولاراً.

 

إمبراطورية الفساد والماس والذهب الأسود تضم جيشاً من الموظفين (دون العملاء والجواسيس فرق الكوماندوز) بلغ عددهم في العام 2008م فقط 69 ألف عامل، وتجاوزت عائداتها في العام 2007م – مثلاً- 130 مليار دولار!!

 

وكالة إنتاج الحروب والصراعات

تشير تقارير دولية إلى أن شركة توتال وشركات عالمية كبرى ضالعة في التخطيط لشن الحرب على ليبيا وإسقاط نظام معمر القذافي، الذي بدأ ينفتح كغيره من أنظمة الحكم في شمال وشرق أفريقيا وغرب آسيا على الاستثمارات والشركات الاقتصادية الصينية والروسية.. رامية بذلك كسب ود الجماهير التي نادت بإسقاط نظامه وتمتين العلاقة مع الأنظمة الجديدة حد التبعية.

 

وغير مستبعد وجود دور حيوي لتوتال في الحرب الدائرة في سوريا التي تحتفظ فيها إلى جانب شركات غربية وروسية أخرى بحق امتياز استخراج النفط والغاز, تماماً كما هو الحال سابقاً مع العراق.

 

ولعب ثلاثي القوى والهيمنة والنفوذ (بي بي, توتال, ستيت أويل) دورهم الملهم والممول للحروب الطائفية والعرقية المدمرة على طول الخارطة الجغرافية لقارة أفريقيا, بدءاً من نيجيريا وسيراليون غرباً، مروراً بأنجولا وموزمبيق جنوباً، فالسودان والكونغو الديمقراطية شرقاً، والجزائر والصحراء الغربية شمالاً.. وكل ذلك من أجل احتكار السيطرة على الموارد الهائلة للقارة السمراء, من ذهبٍ وماس وأخشاب ونفطٍ وغاز ومعادن وثروات كبيرة.

وفى هذا السياق، يشير (بول كوللير) فى مقال له فى الفورين بوليسي تحت عنوان "سوق الحرب الأهلية"، إلى أن عدة باحثين قاموا بإجراء تحليل شامل لنحو 54 حرباً مدنية كبيرة فى العقود الأربعة الأخيرة فى العالم ومنها افريقيا، حيث وجدوا أنه كلما زادت نسبة الصادرات من المواد الأولية بالنسبة للناتج المحلى الإجمالى، فإن ذلك يزيد من مخاطر حدوث صراع وتلك العلاقة شهدتها القارة الإفريقية بدرجات متفاوتة؛ فعلى سبيل المثال، فى منتصف عقد التسعينيات من القرن العشرين، أصيبت القارة بنحو 16 صراعاً من جملة 35 صراعاً على مستوى العالم كله، ومثلت الموارد الأولية ـ النفط والنحاس والماس والموارد ـ أحد المغذيات الرئيسية لهذه الصراعات.

 

ففى الكونغو، التى تعتبر من أغنى دول العالم من ناحية الموارد، شهدت حرباً كبرى منذ عام 1990 ولمدة خمس سنوات، تسابقت حركات التمرد فيها ودول الجوار التى تدخلت بقواتها للسيطرة على المناطق الغنية بالذهب والماس والخشب والنحاس والكوبالت وتشير منظمة الشاهد الدولى وهى مختصة بالعلاقة بين الصراعات والموارد ـ إلى أن الكونغو على الرغم من أنها تعتبر رابع أكبر منتج للنفط فى إفريقيا، فإنها تعانى من ديون خارجية تقدر بـ 64 مليار دولار بسبب الشركة الفرنسية إلف أكويتان التى سعت لنشر الفساد والرشوة.

 

وفى أنجولا، فإن المتمرد جوزيف سافيمبى تمكن وبمساعدة شركات عالمية وقوى غربية فى فترة الحرب الباردة من جمع أربعة مليارات دولار من الماس خلال فترة حكمه وتمرده قبل أن يتم قتله، ودخول البلاد بعده فى عملية سلام.

 

أما الرئيس الليبيرى السابق تشارلز تايلور، فخصخص موارد البلاد عن طريق بيعها للشركات الأجنبية ووضع دخلها فى حساباته الشخصية، كما مارس تجارة الماس بالتعاون مع الشركات العالمية، واعترف بأنه موّل من خلالها مشتريات السلاح والحرب الأهلية، وتكرر ذلك فى سيراليون، حيث التجارة غير المشروعة للماس، الذى تقاتلت من أجله الحركات المسلحة.

 

 

صفقات ورشاوي

عمدت شركة توتال وبشكل فاضح - يحاكي التفلُّت القيمي والأخلاقي لفرنسا- إلى عقد العديد من الصفقات المشبوهة مع كثيرٍ من القادة الأفارقة تتكفل فيها بحمايتهم وأنظمتهم مقابل إطلاق يدها في ثروات ومقدرات شعوبهم, وسيناريو نقل السلطة في الجابون- وقليلاً في سوريا – من الأب إلى الابن, ومحاولة تعميم التجربة على دولٍ أخرى وأخفقت فيها مثل ليبيا ومصر واليمن, خير شاهد على ذلك.

 

مثلها الدور المساعد لتوتال إلى جانب شركة (p.p) البريطانية في إنجاح صفقة مبادلة المقراحي المتهم بتفجير طائرة لوكربي في اسكتلندا قبل نحو ثلاثة عقود من الزمن, مقابل ابتزاز ليبيا وتغريمها مليارات الدولارات فضلاً عن امتيازات استثمارية كبيرة للشركتين في ليبيا.

 

ولا تغيب عن الأذهان فضيحة "النفط مقابل الغذاء" في العراق مطلع الألفية الثالثة, وإن كان القضاء الفرنسي قد برَّأ توتال في هذه القضية حماية لسمعة الشركة التي تمثل إحدى أهم أذرع الاقتصاد الفرنسي.

 

الشركة المذكورة تم مؤخراً إدانتها في الولاية المتحدة الأمريكية بتهمة تقديم رشىً إلى مسؤولين إيرانيين خلال الفترة 1995- 2004م تجاوزت الـ 60 مليون دولار مقابل منحها حق امتياز تطوير عددٍ من الحقول النفطية الإيرانية, وحكم عليها بدفع 398 مليون دولار للخزانة الأمريكية قبلت بها على الفور.

 

وفيما لا تزال عليها عدة قضايا فساد معلقة, منها اتهام القضاء الليبي لتوتال بدفع رشاوي وامتيازات كبيرة للرئيس الراحل معمر القذافي، ومثله نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي يتهم بتلقي عمولات ورشىً تقدر بمئات ملايين الدولارات مقابل تمكين توتال ومجموعة شركات عالمية من احتكار وبيع الغاز اليمني لسنوات بثمن بخس! لكن المؤكد أن الأيام المقبلة حبلى بالفضائح المتخلقة في آبار الشركة!

 

 

توتال تسرق قوت اليمنيين

 

نظير تمويل إنشاء منشأة بلحاف لتسييل الغاز وتصديره ظفرت شركة توتال ومجموعة شركات أمريكية وكورية مساهمة بصفقة خرافية تمثلت في احتكار تسويق وبيع الغاز اليمني لمدة 20 عاماً قادمة, واحتساب سعر ثابت خلال الخمس السنوات الأولى مقداره 3,2 دولار للمليون وحدة حرارية مقابل متوسط سعرٍ عالمي بلغ حينها 13 دولار للمليون وحدة حرارية!

 

اليوم وبعد انقضاء فترة الخمس السنوات المنصوص عليها قبل تجديد الاتفاقية, وفيما وافقت شركة كوجاز الكورية على شراء الغاز اليمني بسعر 14 دولار للمليون وحدة حرارية, لا تزال شركة توتال صاحبة الحصة الأكبر من الصفقة البالغة 70% (7و4 مليون طن حراري سنوياً) تراوغ وتماطل في رفع السعر, مشترطة شروط امتياز جديدة من بينها تمديد عقود استخراج النفط مقابل موافقتها تحسين سعر الغاز!

وكانت حكومة الوفاق خيرَّت توتال بين شراء الغاز المسال بالسعر العالمي أو بـ 14 دولاراً للمليون وحدة حرارية جاء ذلك خلال لقاء رئيس الوزراء محمد سالم باسندوه مؤخراً برئيس مجموعة توتال الفرنسية وربطه بالأسعار العالمية السائدة ابتداء من مطلع العام الجاري.

 

ونُقل عن رئيس الحكومة باسندوه قوله: "الموارد الغازية هي ثروة وطنية ولا يمكن أقبل بهدر هذه الثروة, فالشعب اليمني في أمسِّ الحاجة لكل دولار من هذه الموارد التي ينبغي أن تساهم بشكل فاعل في التنمية والتخفيف من الفقر" داعياً شركة توتال إلى مراعاة مصالح الشعب اليمني بالقدر الذي تراعي فيه مصالحها, مضيفاً "لا أحد يمتلك الحق في التفريط بهذه الثروة أو بيعها بسعر بخس".

 

إلى ذلك فقد هدد وزير المالية في وقت سابق شركة توتال بـ "التصرُّف" في حال لم تفِ بوعودها التي قطعتها لرئيس الجمهورية حول تعديل أسعار الغاز المسال.

وأوضح صخر الوجيه أن السعر الحالي الذي لا يدخل منه إلى الخزينة العامة سوى 300 مليون دولار في العام يحرم اليمن من نحو ملياري دولار سنوياً.

 

وفي نوفمبر 2012م احتفلت توتال باليوبيل الفضي لبدء نشاطها النفطي في اليمن حتى أصبحت في صدارة الشركات الأكبر استثماراً في اليمن؛ وطوال فترة الـ 26 سنة لا يعلم مقدار الأرباح والعوائد التي جنتها الشركة والعمولات والصفقات المشبوهة التي تورطت فيها, بالنظر إلى غياب مبدأ الشفافية التام عن هذا المورد الاقتصادي والحيوي الهام.

 

بيد أن هناك ما يشير إلى عملية إهدار وتدميرٍ ممنهج لثروات ومقدرات البلاد, تعكس حجم العبث الذي طال الوطن وسمَّم أجواءه والخسائر التي تكبدها نتيجة قصورٍ فادحٍ في صياغة العقود المبرمة بين الحكومات اليمنية السابقة وبين شركة توتال وباقي الشركات النفطية العاملة في اليمن تلزمها بإعادة حقن الغاز المصاحب للنفط فضلاً عن استغلاله في مجال إنتاج الكهرباء.

 

فطوال 10 سنوات ظلت شركة توتال تحرق- وحدها- 25 مليون قدم مكعب من الغاز المصاحب للنفط يومياً في القطاع 10 شرق شبوة, وأكثر منها تحرق شركة OMV النمساوية, ووكيلها في اليمن شاهر عبدالحق, الغاز في ثلاثة حقول نفطية في شبوة ذاتها, مراكمة سحباً من الدخان الملوِّث للهواء والضار بالحياة, يبلغ حجمها 38 مليون قدم مكعب في اليمن!! أي أن ما تفرغه خمس شركات نفطية, 93 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً, يكفي لتزويد محطة مأرب الغازية بالغاز اللازم لإنتاج 341 ميجاوات تعادل 30% من إنتاج الكهرباء و20% من احتياجات اليمن منها.

 

ويقدر أحد خبراء هيئة الاستكشافات النفطية ما أحرقته شركة هنت – مثلاً- بأكثر من 12 ترليون قدم مكعب, وهو رقم يفوق ما اتفق على بيعه من الغاز لكوريا وفرنسا (9,3 مليون قدم مكعب) خلال 20 عاماً القادمة.

 

ومؤخراً ألغى الصندوق السعودي للتنمية تمويل محطة مأرب 3,2 بسبب عدم كفاية ما تبقى من مخزون الغاز اليمني لتشغيل المحطات التي كان من المقرر إنشاؤها, وكانت الكمية المحروقة من الغاز المصاحب لعملية الإنتاج النفطية كافية لتشغيلها وسد جزءٍ كبير من مشكلة الكهرباء.

 

وهو السبب الذي دفع الرئيس هادي إلى إبداء امتعاضه من إحراق شركة توتال للغازل في الحقول النفطية دون الاستفادة منه, مشدداً خلال لقائه رئيس مجموعة توتال على ضرورة التزام الشركة معالجة موضوع الغاز المصاحب وعدم إحراقه في الهواء والاستفادة منه في توليد الطاقة الكهربائية.

 

تجاوزات وقحة

 

لم تمض أيام على الهبَّة الشعبية لقبائل حضرموت, والتي دفعت بقوات دولية يعتقد أنها فرنسية للتأهب استعداداً لتدخل محتمل لحماية الشركات النفطية حال ساءت الأمور في حضرموت, وإذا بالسفير الفرنسي ينبري لقيادة الإرادة الدولية في معارضة فكرة الأقاليم! رغم أن الموقف في ذاته يعكس مخاوف وجيهة ومقاصد قد تبدو نبيلة في الدفاع عن الوحدة, إلا أن طرحه بتلك الطريقة الفجة من السفير الفرنسي لا يعبِّر سوى عن استهانة فرنسية بالسيادة اليمنية.

 

وهو تدخل في شئون اليمن ما كان له أن يحدث لولا مصالح اقتصادية غربية كبيرة في اليمن, تمثل شركة توتال محورها, تجعل من مصادرة المصالح الوطنية هدفاً للشراكة ومن الوصاية على اليمن شكلاً من أشكال الرعاية الدولية والصداقة

 

صحيفة اليقين