من وحي الحراك والهبـة..والبيان رقـم(1)

2014-01-21 14:56

 

أن العظمة الحقيقية لثورة الحراك الجنوبي تكمن في الخيار السلمي الذي جعل منه الحراك منهجاً لنضالات الجنوبيين عند إنطلاقته عام 2007م في ساحة العروض بخور مكسر كوسيلة نضالية للمطالبة باستقلال الجنوب وهي الوسيلة التي تعبر عن ثقافة شعبنا الجنوبي وحضاريته رغم المحاولات اللامنتهية من قبل نظام الاحتلال لجر الحراك السلمي إلى مربع العنف إلا أن الحراك ظل متمسكاً بقناعاته ومتكئاً على وعي نضالي سلمي وهذا ما جعل الاحتجاجات في الجنوب أكثر تصاعداً بمرور الايام كون العنف المتصاعد الذي تمارسه سلطات الاحتلال في الجنوب قد قام بتأجيج مشاعر الجماهير لتصبح أكثر صموداً وثباتاً ورغبة في الإنتصار لمطالبها واهدافهـا.

 

طوال تلك السنوات اجتاز الحراك الجنوبي الكثير من التحديات والصعاب التي تحيط بثورته السلمية..منهـا الحملات الإعلامية الممنهجة والهادفة إلى تشويه الحراك والنيل من سلميته من خلال محاولة ربـط الحراك باحداث عنف وقتل في الجنوب والعمل على تصوير الحراكيين على انهم مجرمين وقطاع طرق و... الخ إلا أن تلك الاكاذيب والافتراءات سرعان ما يسقطها العقل والمنطق"فلطالما قتل الكثيرمن أبناءالجنوب على أيدي أشخاص معروفون في أجهزة الأمن اليمنية ولم يقم بالرد لأن نهجه سلمي فكيف يمكن للحراك ان يهاجم من لاناقة له ولا جمل" ويكفي أن مئات الالاف من الجنوبيين يحتشدون في ساحات وميادين النضال السلمي ويغادرونهـا دون أن يكسرون غصن شجرة.

 

بمثل هذا الحرص والوعي تجاوز الحراك السلمي عوامل الهدم من الخارج وبالتالي يجب أن نكون حريصين كل الحرص على عدم نشوء عوامل هدم من داخل الحراك لأنها أكثر خطراً من عوامل الهدم التي تستهدف الحراك من الخارج وقد تؤدي إلى إفراغ العديد من المفاهيم والقيم التي ارساها الحراك من مضمونها الحقيقي والقضاء على مكتسبات ثورة الحراك السلمية وحرف مسارها بشكل يهدد السلم الاجتماعي الجنوبي وعدالة القضية الجنوبية ومطالب الجنوبيين المشروعة في إقامة دولتهم الجنوبية الفيدرالية الجديدة.

 

في نظري أن التسوية السياسية التي تجري في صنعاء وغيرها من المؤامرات لا تشكل خطراً على قضية الجنوب في هذه المرحلة بقدر الخطر الذي تشكله "دعوات" التحول من النهج السلمي في الجنوب إلى الكفاح المسلح اذ يفترض على كل جنوبي أن يرفض مثل هذا العبث فالتحول إلى مربع العنف في نظري يعتبر اسهل الطرق لوأد قضية الجنوب كما أن العمل العشوائي الغير مرتب والغير منظم سيضر أكثر مما ينفع مهمـا كانت فرقعاته التي تعجب اولئك الذين يستبدلون العقل والمنطق بالمشاعر والعاطفة.

 

الحراك الجنوبي بدأ سلمياً وما زال سلمياً وسيظل متمسك بنهجه السلمي الحضاري كما أنه ليس من المنطق الخلط بين الحراك "و"الهبة الشعبية"و"المقاومة الجنوبية" ويجب التفريق بين الحراك السلمي كمعطى سياسي وثوري وحامل لقضية الجنوب وبين "الهبة الشعبية" التي ارتبط مضمونها بالقبائل التي تعد أحد شرائح المجتمع الجنوبي ومتضررة من الواقع المعاش وبالتالي من حقها أن ترفض هذا الواقع معتمدة على ثقلها وسيطرتها على الارض وبين "المقاومة الجنوبية" التي لا تعني "التمرد المسلح" بل تعني دفاع الاهالي" عن انفسهم وعن أطفالهم ونسائهم وبناء على ذلك فالبيان رقم(1)للمقاومة شكل خلطاً للاوراق واوحى "بتمرد مسلح" يعطي للنظام الحق في قمعه ويقدم للمحتلين مخرجاً إعلامياً لجرائمهم ويصبح الشهداء من النساء والاطفال مجرد ضحايا حرب بين الدولة والمسلحين.

 

دعوة لكل جنوبي إلى التمسك بالنهج السلمي ورفض العنف بمختلف اشكاله وأنواعه ومن أي جهة كانت ودعوة أخرى لوسائل الاعلام الجنوبية بشكل عام أن تكون على قدر من المسئولية والتعاطي مع المفاهيم والاحداث بشكل عقلاني وموزون يسهم في تعزيز الوعي النضالي وعدم التفريـط في النهج السلمي لأنه الأجدى لكي تحقق الثورة الجنوبية التحررية أهدافها..وسلاما على الحراك السلمي الجنوبي إلى يوم الدين.