مصلحة شئون القبائل 2 مليار و400 مليون ريال.
* وزارة الثقافة 937 مليون ريال.
* المصدر : الموازنة العامة لـ سنة 2014. سنة الثورة الشبابية والدولة المدنية الحديثة.. وارحبوا على الحاصل.
لما نشرت الرقمين الموضحين أعلاه على صفحتي في الفيسبوك قبل أيام، علق أحدهم ساخرا: الثقافة فيها أيوب وعطروش بس، أما مصلحه القنابل فيها الشايف والغادر وطعيمان وحبطرش. هناك فرق. وقال آخر : هذه هي الدولة المدنية اللي قالوا عليها. وأما وزير المالية صخر الوجيه فقد تلقى من اللعنات ما يكفي لأن أشفق عليه..
في فرنسا – بالمناسبة - حصل – قبل أيام - لغط كبير بسبب الموازنة المعتمدة للثقافة، إذ بقت كما كانت عليه في العام الماضي 13 مليار يورو، مطالبين بزيادتها لأن قطاع الثقافة في فرنسا يرفد الدولة الفرنسية بـ 63 مليار يورو سنويا، في حين أن موازنة تثقيف الشعب اليمني 937 مليون أي ما يعادل ثلاثة مليون يورو !
الثقافة في العالم كله قطاع منتج.. قطاع استهلاكي كبير يقبل عليه غالبية أبناء الشعب إلا في اليمن، تبدو قطاعا أشبه بالصدقات والأجر عند الله. تصبح الثقافة إنتاج مربح ومهم حينما تكون هناك دولة تحترم الثقافة والفنون أصلا. وفي اليمن ابتلانا الله – من قبل ومن بعد - بنظام سيء الصيت.
في اليمن لدينا دولة عثيرة يديرها في الغالب مجاميع من النهابة وقاطعو الطريق.. وهؤلاء بالتالي لا يرحموا ولا يخلوا رحمة ربنا تنزل. لا إنهم وقعوا رجال دولة محترمين و تبنوا مشروع تنمية ثقافية وأنفقوا في سبيلها فقط – نصف ما تنفقه الدولة من ترضيات للجماعات المسلحة ومن وديات للقتلة ومن معالجات لفعائل ضرب أبراج الكهرباء وقطع الطرق. ولا إنهم سهلوا للمشتغلين في قطاع الثقافة والفنون مهامهم وعملوا على تشجيع الأنشطة الثقافية الذاتية وحمايتها من المتطرفين الذين حاربوا ودمروا أنشطة السينما والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية، وجعلوا قطاعا واسعا من المشتغلين في هذه المجالات مجرد أناس هامشيين لا عمل مستمر يقتاتون منه ولا دولة تنظر إليهم بعين التقدير على الأقل باعتبارهم رعاياه الذين لم يحمل أحدهم البندقية يوما في وجهها !
إننا نعيش في دولة مكسورة ناموس أصلا. دولة رخوة وحق صميل. دولة تتفاوض مع القتلة واللصوص ومع أطرف جماعة مبندقة أو جماعة خاطفة ومخربة أو جماعة قاطعة طريق، إذ يتم تركيعها من قبلهم – بسهولة - حتى تحقق لهم مايطلبون. لكنها حيال الثقافة وشريحة المثقفين تنفش ريشها ولاسبع البرُمبه. وبيني وبينكم، المثقفين يستاهلوا مايقع بهم، فلطالما قبل كثيرون منهم أن يكونوا – دائما – مجرد أحذية لدى هذا الحاكم أو غيره، ما جعل منهم رخاصا وغير ذي بال.. و" يزنط لازنط من حقه".
هذه الموازنة التافهة على أي حال، بالكاد تكفي لتحقيق مجد وطموحات وتطلعات شخص الوزير "المُدهنن". ولو أن هناك – في الأساس- عقولا مستنيرة ونظيفة تدير هذا البلد الوسخ، لما تجرأ أحدهم ووضع ذلك الرقم البخس كموازنة للثقافة. الثقافة التي هي – بالنسبة لأي محترم - الوجه الحضاري لأي بلد.
ولو أن هناك عقولا نظيفة تدير هذا البلد – الميت – أساسا، لما ازدحمت حياتنا اليومية بكل هذه العاهات والأوساخ الجالسة على رأس مؤسسات الرئاسة ورئاسة الوزراء ووزارة المالية، وقبلهم جميعا مؤسسة مجلس النواب الذي هو في رأيي أم العاهات والأوساخ كلها.