التحالف والمجلس الانتقالي صراع النفوذ في الجنوب

2025-12-19 17:19

 

منذ نشأة المجلس الانتقالي الجنوبي كان هدفه واضحًا ومعلنًا وهو استعادة الجنوب دولة وهوية، ويرى أن تحقيق هذا الهدف لا يمكن أن يتم إلا ببسط السيطرة على كامل الجغرافيا الجنوبية.

 

في الثالث من ديسمبر اتخذ المجلس الانتقالي قرارًا باستكمال سيطرته على محافظتي حضرموت والمهرة، اللتين ظلتا تحت سيطرة ما يسمى بالشرعية، باعتبارها غطاءً لاستمرار شريان الإمداد للمليشيات الحوثية في صنعاء. ويذهب كثيرون إلى أن خط الإمداد المحمي والمشرعن للحوثيين يبدأ من ميناء نشطون مرورًا بالمهرة وحضرموت، وبحماية المنطقة العسكرية الأولى في سيئون، وصولًا إلى صنعاء.

 

عقب سيطرة القوات الجنوبية على المحافظتين، تصاعدت ردود فعل رشاد العليمي والقوى المعادية للمجلس، وتم افتعال أزمة هدفت إلى إقحام التحالف في مواجهة مباشرة مع الانتقالي، من خلال تهديد العليمي بالاستقالة بعد مغادرته إلى الرياض، مصطحبًا معه سالم بن بريك وعددًا من أركان حكومته. وقد نجح في خلق هذه الأزمة عبر مطالبته العلنية بعودة القوات الجنوبية إلى مواقعها السابقة قبل الثالث من ديسمبر.

 

تتمحور الأزمة الحالية بين التحالف، وخصوصًا السعودية، والمجلس الانتقالي الجنوبي حول السيطرة على حضرموت والمهرة، بوصفهما منطقتين استراتيجيتين ونفطيتين بالغتي الأهمية. وترى السعودية أن هذه السيطرة تمس نفوذها في المحافظتين، وتطالب المجلس بالانسحاب منهما دون شروط.

 

يمتلك التحالف أدوات ضغط مؤثرة تتمثل في دعمه العسكري لما يسمى الشرعية، ونفوذه الإقليمي الواسع، إضافة إلى الغطاء الأممي والدولي للحكومة المعترف بها. في المقابل، يستند المجلس الانتقالي إلى واقع السيطرة الميدانية على محافظات الجنوب، وقوات عسكرية مدربة، ودعم شعبي واسع، ومطالب متزايدة باستعادة دولة الجنوب وإعلانها بصيغة فدرالية.

 

السيناريوهات المطروحة متعددة، فقد يتجه التحالف إلى تصعيد عسكري غير مباشر عبر زيادة دعمه للحكومة، أو تكثيف الضغط الدبلوماسي على المجلس، أو محاولة فرض صيغة تقاسم سلطة في المحافظات الجنوبية، وهو خيار يراه كثيرون الأكثر خطورة. كما لا يُستبعد السعي لإحداث انقسام داخلي داخل المجلس لإضعاف موقفه ودفعه نحو تسويات مفروضة.

 

في ظل هذه الأزمة التي تتفاعل بهدوء تحت السطح، يبقى موقف الإمارات مرهونًا بعدة احتمالات، من بينها الاستمرار في دعم المجلس الانتقالي، أو السعي إلى حلول وسط، أو زيادة دعمها له إذا رأت أن حضرموت والمهرة مهددتان بالعودة إلى قبضة تنظيم الإخوان.

 

في المحصلة، فإن قرار المجلس الانتقالي بالاستمرار في فرض أمر واقع سيظل مرتبطًا بقدرته على تقييم موازين القوة، وإدارة علاقته بالتحالف، وتحمل الضغوط الإقليمية والدولية المترتبة على ذلك.