لا يزال نظام صنعاء بما يملكه من أدوات سياسية ودينية وإعلامية.. يشن حملاته ضد الجنوب عبر الشيطنة والتشويه الممنهج.. والفجور اللفظي وانتقاء الكلمات وتحديدا عبر تلك المؤسسات والقنوات التي لا تزال تسبح في فلك مشروع الوحدة "المرحومة"..
فحين سلمت ألوية ما تسمى بـ الجيش الوطني مديرية بيحان للحوثيين علنا نهارا جهارا دون أي تصعيد أو مناوشات.. التزمت قنواتهم وتصدر مواقعهم الإخبارية مصطلحات تواري "البيعة" بأنه "انسحاب تكتيكي" وأخرى تقول بأنه إعادة تموضع.. وتقارير وكلام فضفاض وهمز ولمز جبان.. ثم ينطوي الحدث كما طويت صنعاء.
وما إن اندفعت ألوية العمالقة الجنوبية باتجاه ذات المناطق التي سقطت تغيرت لهجة تلك الوسائل المنحطة بنفس التزليف..
ولم يقدم الحدث باعتباره استعادة لأرض أو انتصارا، بل جرى تصويره على أنه تحرك مدفوع بأجندة خارجية وربطوا معركتهم مباشرة "بالإمارات" حتى الشهداء لم يمنحوا شرف التسمية بل أُدرجوا تحت وصف "القتلى" هنا تتضح الصورة كاملة لا لبس فيها ولا دهشة.. عداء المراكز والإعلام اليمني للجنوب نهج ونية مسبقة، تريد فقط أن يبقى الشمال طاهرا حتى في الخيانة.. ويظهر الجنوب مدنسا حتى وهو يقود مشروع قومي.
هذا التناقض ما هو إلا نتاج عن رؤية سياسية قديمة.. ترى في الجنوب تابعاً لا يجب له أن يتحرك خارج الإشارة ولا يحق له أن يدافع، إلا إذا منحوه الموافقة، ولا يصرح له أن يقدم مشكلته إلا إذا مرت عبر غرفهم.. هذا هو الأسلوب والسلاح والوحيد الذي تستخدمه معظم المراكز والنخب بل والمؤسسات لتجريد الجنوب من شرعيته الأخلاقية والسياسية، وشيطنة جناحه العسكري.
خلاصة الأمر
اليمن مهما تشرذم وتنازع بين مراكزه وأقطابه، ومهما واختلفت أحزابه وطوائفه وقبائله يبقى الجنوب نقطة التصالح والتسامح بالنسبة لهم.. فلا تجتمع المكونات اليمنية وتتوحد كلمتها إلا حين يتعلق الأمر بالجنوب تسقط العداوات وتشترك البندقية والتوصيفات.. المشروع الجنوبي بالنسبة لهم هو التهديد المشترك لكل مشاريعهم المتناقضة ويجب إبقاؤه ضمن حدود السيطرة والتبعية.. فلا غرابة أن ترى مراكز إعلامية متخاصمة طوال الوقت.. لكنها لا تختلف في لهجتها حين تتناول الإنسان الجنوبي ولهذا.. فإن منابرهم مهما اختلفت مشاريعها.. مهمته هو إجهاض أي وعي مجتمعي جنوبي يفكر خارج ما يملى عليه.. ولذلك تحالفت كل تلك المراكز على تشويهه وتحجيمه.
*- سيف الحاجب