*- شبوة برس - محمد عبدالله المارم
المجلس الانتقالي الجنوبي لم يأتِ من فراغ بل هو ثمرة تضحيات طويلة وعظيمة قدّمها شعب الجنوب على مدى سنوات.. رجال استُشهدوا، وآخرون جُرحوا وعائلات كثيرة دفعت الثمن وكل ذلك من أجل حلم استعادة الدولة وبناء مستقبل آمن ومستقر.
تلك التضحيات هي من أنشأت هذا الكيان وهي من منحته شرعيته ومكانته في قلوب الناس.
ومن رحم هذه التضحيات خرج المجلس الانتقالي ليكون الصوت المعبر عن آمال وتطلعات الجنوبيين وحامل قضيتهم في الداخل والخارج.
فهو خلاصة نضال طويل يمثّل اليوم صوت الجنوب، وهمّ المواطن، رغم أن الطريق لم يكن ولن يكون سهلاً أو خالياً من التحديات.
اليوم يواجه الانتقالي تحديات كبيرة جدًا وامتحانًا صعبًا على رأسها ملف الخدمات والرواتب الذي أصبح إحدى جبهات الحرب الخفية التي تستخدمها بعض القوى المعادية للجنوب في محاولة لضرب المجلس والتأثير على شعبيته، بعد أن فشلت في مواجهته عسكريًا.
لقد سعت جهات عديدة بخطوات مدروسة إلى خلق فجوة بين المجلس الانتقالي وقاعدته الشعبية عبر إثقال كاهل المواطن بالأزمات لإظهاره وكأنه المسؤول المباشر عن معاناة الناس.
*ومن المؤكد أن ما جرى فجر اليوم في مسجد عمر بن الخطاب بمدينة المنصورة من أحداث واقتحام واعتقال لإمام المسجد، سيتم نسبه إلى المجلس الانتقالي وقواته كجزء من حملة ممنهجة تهدف إلى تحميله تبعات كل ما يحدث، وتشويه صورته أمام الرأي العام. حتى ولو ليس له اية صلة بالحدث نهائيا*
وفي ظل هذا الوضع يعيش المواطن الجنوبي ظروفًا بالغة القسوة من غلاء في الأسعار، وانقطاع في الخدمات (كهرباء، ماء، وقود وغيرها) وتأخر مستمر في الرواتب.
*وهذه الأزمات تُستغل سياسيًا لإحداث شرخ بين الجنوبيين ومشروعهم الوطني وكأن المطلوب أن يتخلى المواطن عن قضيته تحت وطأة الجوع والمعاناة.*
ورغم كل ذلك، لا يزال المجلس الانتقالي صامدًا، محافظًا على ثوابته، وقريبًا من قاعدته الشعبية التي أنشأته.
لكنه اليوم بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى التفاف شعبي حقيقي، وإلى خطاب موحد، ومصارحة داخلية تُقوّم الأداء وتغلق الأبواب أمام محاولات التشويه والانقسام.
قد نختلف في التفاصيل، نعم، لكننا نتفق على الجنوب، ونتفق على حق شعبه في حياة كريمة، وعلى حلمه الذي لا يزال حيًا في قلوبنا ولن يموت.
علينا أن نكون واعين لما يُحاك حولنا وأن نحافظ على وحدتنا، وألّا نسمح لأحد بأن يفرّق صفوفنا. الجنوب أكبر من الأزمات، وقضيتنا تستحق أن نصبر لأجلها، ونواصل الطريق حتى يتحقق ما ضحّى الناس من أجله.
محمد عبدالله المارم القميشي
2025/6/26