علينا أن نقبل بكل سلوكيات العبث والاستهتار في الجنوب، ونعتبر مواجهة هذه السلوكيات نوعًا من التعدي على الحريات! هكذا أُغرقت مدننا بأعداد هائلة ممن يسمون بالنازحين، رغم أن نزوحهم إرادي، والدليل على ذلك أن أعدادهم الكبيرة تقضي إجازات العيد في مدنهم وقراهم في الشمال، ولا شيء يُجبرهم على النزوح.
إذن، أي إجراءات أمنية في الجنوب تُعتبر مساسًا بحرياتهم، حتى وإن ثبت، بما لا يدع مجالًا للشك، ضلوع بعضهم في أعمال تخريبية! رغم أن تلك الأعداد الهائلة تقف وراء ما تعانيه عدن تحديدًا من أزمات في الخدمات، وتردٍ معيشي، وغيرها من المشاكل التي يدفع ثمنها سكان الجنوب.
لقد تم العبث بوضع الجنوب بشكل ممنهج، لتحقيق أهداف بعيدة المدى. هذا التلاعب لم يكن ليحدث مطلقًا لولا رؤية الأشقاء في التحالف السياسية، التي كبّلت الجنوبيين تمامًا تحت مسمى "الشراكة المرحلية"، والتي أثبتت فشلها التام على مدى عقد من الزمن.
تساؤلات الجنوبيين مشروعة حول ما آلت إليه حياتهم من بؤس، مع استمرار تشكيل الهيئات الرئاسية والوزارية العقيمة، التي لم تؤدِ إلا إلى المزيد من المعاناة. الجنوب وحده هو من يتحمل التبعات، إذ تُركت ساحته مفتوحة لكل اللاعبين، ممن يعارضون قضيته الأساسية بشدة.
لم يكن الخذلان نابعًا من قيادات الجنوب، التي التزمت بالسير مع الأشقاء في التحالف، مؤمنة بوعود حلولٍ لم تأتِ أبدًا. والآن، مع ذروة المعاناة الاقتصادية في الجنوب، يُحمَّل المجلس الانتقالي كامل المسؤولية، كونه الواجهة التي تمثل الجنوب. لكن، حتى لو حاولت القيادات الجنوبية التنصل من هذه المسؤولية، فإن الناس محقون في استيائهم.
إذن، الانتقالي يُجلَد من شعبه، وهناك من يدفع بالأمور إلى نقطة اللاعودة، عبر استغلال انهيار العملة المحلية، الذي وجد فيه الكثيرون ضالتهم للتخلص من الحامل السياسي للجنوب.
لقد تُرك الجنوب عرضةً لكل أشكال العبث، سواء تحت شعار "الحريات"، الذي يُستخدم ذريعةً لتمكين أيادي التخريب من العبث بالممتلكات العامة والخاصة، أو عبر ضرب المجلس الانتقالي بتهمة التخلي عن شعبه، والضغط عليه لتكبيل أبناء الجنوب ومنعهم من الدفاع عن وطنهم المستباح، تنفيذًا لمسارات حلول الأشقاء، التي أظنها لم تأخذ في الحسبان حجم التردي الحياتي الذي بلغناه.
لقد قُيّدت إرادة الجنوبيين بالكامل، ومنعوا من استعادة دولتهم، لأن ذلك يشكّل خطرًا على أطراف كثيرة، تسعى للانقضاض على كل ما هو جنوبي. وكلما زاد الوضع سوءًا، ازداد شعور القاعدة الشعبية بالخذلان من قياداتها، التي هي نفسها في وضع لا تُحسد عليه.
فهل يدرك الأشقاء حجم المعضلة التي يواجهها الحليف الجنوبي، بعد التزامه بشراكة كانت مجرد غطاءٍ للعبث بكل الجنوب، أرضًا وإنسانًا؟
وضعٌ كهذا لا يخدم إلا أعداء الجنوب، من القوى المتطرفة وأصحاب الأجندات العبثية، الذين يُظهرون حرصهم على الجنوب، بينما يمارسون سلوكيات عدوانية تُفاقم الوضع أكثر فأكثر.
"لا حد يكلم سعد... خلو سعد يعمل على مشتهاه!"