ترامب يعود مجددا للضغط على مصر ويهدد ضمنيا بعقوبات اقتصادية في حال رفض تهجير سكان #غزة
*- شبوة برس – السفير سامح عسكر
عمليا هذا هو أقوى اختبار للإدارة المصرية الحالية في تاريخها، ربما أقوى من اختبار الإخوان والصراع الممتد معهم منذ عام 2013
ترامب لا يعبأ بالتاريخ أو الجغرافيا أو الثقافة، بل يعبأ بشئ واحد فقط هو تحقيق الحلم الصهيوني بإسرائيل الكبرى، وقبل توليه المسؤولية وهو دائم الحديث عن ضرورة توسيع مساحة إسرائيل..
ربما الولايات المتحدة في السبعينيات كانت أعقل كثيرا في ظل إدارة نيكسون وكارتر، ولم يكونوا متحمسين لتوسع مساحة إسرائيل بهذه الدرجة، أما ما نراه الآن سيؤدي لاندلاع حرب إقليمية أخرى بين إسرائيل ودول المنطقة لعدة أسباب:
1- مصر ومنذ العهد الملكي جربت فكرة تهجير الفلسطينيين بدعوى إعادة الإعمار ، ثم تحول التهجير المؤقت لدائم
تخيل حضرتك الفلسطينيون الذين هجروا إلى لبنان عام 1948 كانت ظروفهم مثل سكان #غزة الآن، حيث هدمت منازلهم واستشهد أقاربهم، وقيل لهم اطلعوا خارج المدن والقرى لحين بناءها..
ثم فوجئوا بقدوم المستوطنين الأجانب من أوروبا للسكن في منازلهم والسطو على أراضيهم، وكلما حاول الفلسطيني في لبنان استرداد أرضه المسلوبة يتهموه بالإرهاب، ويقتلوه بدعوى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها
لذلك قال رئيس مصر أن هذا ظلم لا يمكن لمصر أن تشارك فيه نظرا للتجربة التاريخية السابقة..ولأن مصر ترفض تجربة المخيمات لأثرها السلبي على القضية برمتها..
2- سيناء تمثل في العقيدة المصرية الحديثة أرض نضال وكفاح وعمل عسكري، وفكرة السطو عليها ولو بشكل مدني بتهجير سكان فلسطين إليها يمثل تعديا عسكريا يستوجب ردا عسكريا فوريا..
لاحظ أن خطاب إسرائيل والولايات المتحدة بضرورة فتح المعبر لتهجير الفلسطينيين يتطابق كليا مع خطاب جماعة الإخوان المسلمين ودعايتها بضرورة فتح المعبر لمرور سكان غزة، وهو تطابق يثير النظر حول دوافع الجماعة من إطلاق تلك الدعوات، وشيطنة الجيش المصري بناء عليها..
3- تهجير سكان غزة لسيناء هو تصفية تامة للقضية الفلسطينية، وهذا يمثل خطرا محدقا على الأمن القومي المصري، لعلم القيادة المصرية منذ زمن عبدالناصر أن مصر هدفا إسرائيليا باحتلال القاهرة، وإنشاء دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات..
يعني مصر تتعامل مع فلسطين و إسرائيل بنظام أكلت يوم أكل الثور الأبيض، لذا فلم تضع مصر أي مكون فلسطيني على لائحة الإرهاب برغم خلاف الأفكار مع بعضهم، وهي صديقة لكل مكونات شعب فلسطين، وتدعم حقهم في إنشاء دولتهم، ومن يسمع خطابات الرئيس المصري الآن سيراها لم تتغير عن خطابات عبدالناصر والسادات ومبارك.
4- إسرائيل يحكمها تيار ديني متطرف منذ زمن، وتراجع العلمانيون حتى. لم يعد لهم أثرا في منظومة الحكم، وهذا التيار شديد العداء ليس فقط لفلسطين بل للعرب كافة، ولمصر بالخصوص لأسباب تاريخية ودينية مذكورة في العهد القديم .
تشجيع ترامب لهذا التيار هو تشجيع للصدام العسكري مع مصر حتما، لذا فقد يكون الرجل جاهلا بطبيعة من يدعمه، لكنه ليس جاهلا بما حدث في غزة، وهو ثمرة من ثمرات ذلك التطرف الديني المعادي للعرب..
الخلاصة: ما يفعله ترامب ويصر عليه سيؤدي للصدام العسكري الإسرائيلي مع مصر، فهو يفعل ذلك بناء على ضغوط من اللوبي الصهيوني الذي يستعجل إنهاء القضية، وثقتي أن القيادة المصرية على علم بطبيعة ومستقبل هذه الضغوط وهي مستعدة للرد عليها بأساليب سنراها في الأيام المقبلة..