قطر تستعرض إنجازها السوري بزيارة الشيخ تميم إلى سوريا ولقاء رئيسها المنصّب أحمد الشرع
زيارة الشيخ تميم تؤكد حرص قطر على استغلال حالة التردد الإقليمية تجاه التغيير في سوريا، لتظل هي صاحبة النفوذ
*- شبوة برس – العرب دمشق
مثلت زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى دمشق استعراضا من الدوحة لمنجزها في سوريا بإسقاط بشار الأسد ووضع منظومة حكم موالية لها تم الاشتغال عليها لسنوات، قبل أن تتحول إلى واقع ملموس جسده تنصيب رئيس إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع رئيسا لسوريا دون انتظار إجراء انتخابات.
وأمّنت الدوحة نفوذها الجديد في سوريا من خلال التلويح بمشاريع كبرى في مجال إعادة الإعمار كما تداولت تقارير صحفية الفترة الماضية استعداد الدوحة للمساهمة في زيادة رواتب موظفي القطاع العام.
وحرص الشيخ تميم على أن يظهر في صورة المتحكم في مجريات الوضع في سوريا، والمؤتمن عليه، من خلال توجيه نداء إلى السوريين لتشكيل “حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري لتوطيد الاستقرار والمضي قدما في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية والازدهار.”
وتابع أن “دولة قطر ستواصل وقوفها مع الأشقاء السوريين لتحقيق أهدافهم التي ناضلوا من أجلها وصولا إلى دولة تسودها الوحدة والعدالة والحرية، وينعم شعبها بالعيش الكريم.”
ويرى مراقبون أن زيارة الشيخ تميم إلى دمشق كأول زعيم عربي يزور البلاد منذ الثامن من ديسمبر، تاريخ مغادرة الأسد، تؤكد حرص الدوحة على استغلال حالة الشك والتردد الإقليميين تجاه التغيير الذي جرى في سوريا، لإحكام السيطرة على الأوضاع وتطويق مخلفات فشلها السابق في دعم “الربيع العربي” واستعادة ثقة المجموعات التي كانت تراهن عليها.
ومن المهم بالنسبة إلى قطر بناء الثقة مع مختلف الأطراف السورية حتى لا يتم إفشال بعض الخطط المستقبلية المهمة مثل خط الغاز القطري إلى أوروبا، مع الاستفادة من التخطيط المشترك مع تركيا في السيطرة على الوضع الجديد وتحويله إلى صالحهما.
ورغم أهمية الدور التركي في عملية الانقلاب الشاملة، إلا أن الدوحة وأنقرة تبدوان على توافق تام بشأن توزيع الأدوار وعدم شبْك الحضور في ما يوحي بموقف تنافسي بدلا من التكامل.
وتريد قطر أن تكون قوتها في سوريا من قوة الشرع لمنع تكرار أخطاء تجربتي “ربيع” تونس أو مصر، اللتين اتسمتا بالتذبذب، ولذلك فإن زيارة الشيخ تميم إلى دمشق تزامنت مع قرارات تنصيب الشرع رئيسا للبلاد.
من المهم بالنسبة إلى قطر بناء الثقة مع مختلف الأطراف السورية حتى لا يتم إفشال بعض الخطط المستقبلية المهمة مثل خط الغاز القطري إلى أوروبا
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا الأربعاء إسناد منصب رئيس البلاد في المرحة الانتقالية إلى الشرع، في خطوة تعزز قبضته على السلطة بعد أقل من شهرين من قيادته حملة الإطاحة بالأسد.
وأعلنت الإدارة أيضا تفويض الشرع بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقالية وتعليق الدستور ضمن مجموعة من القرارات صدرت خلال “مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية” في دمشق بحضور قادة الفصائل المسلحة الأعضاء في إدارة العمليات العسكرية.
وقال الشرع في كلمة أمام المؤتمر “أولويات سوريا اليوم هي أولا أن يملأ فراغ السلطة بشكل شرعي وقانوني.”
وقال فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد إن الإعلان “أضاف طابعا رسميا إلى مكانته كحاكم قوي.” وأضاف “أعتقد أن هيئة تحرير الشام والشرع ينويان تعزيز الحكم الإسلامي على أساس الحزب الواحد.”
وشملت القرارات “حل حزب البعث العربي الاشتراكي وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وما يتبع لها من منظمات ومؤسسات ولجان،” وكذلك “حل جميع الفصائل العسكرية والأجسام الثورية السياسية والمدنية” مع دمجها في مؤسسات الدولة.
وأصدرت قطر بيانا عقب الإعلان رحبت فيه بـ”الخطوات التي تهدف إلى إعادة هيكلة الدولة السورية الشقيقة وتعزيز التوافق والوحدة بين كافة الأطراف السورية.”
وناقشت الدوحة ودمشق الخميس “إطارا شاملا” لإعادة إعمار سوريا، كما أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، خلال زيارة أمير قطر إلى البلاد.
pop
وقال الشيباني في مؤتمر صحفي مع وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي “ناقشنا في اجتماعات اليوم (الخميس) إطارا شاملا للتعاون الثنائي في ما يتعلق بإعادة الإعمار.” وأضاف “غطت مناقشاتنا قطاعات حيوية بما في ذلك البنية التحتية وضمان استعادة أسس المجتمع والاستثمار والخدمات المصرفية وتمهيد الطريق للتعافي الاقتصادي والصحة والتعليم.”
وأعلن الوزير القطري من جهته أن بلاده سوف تستمر “في تقديم الدعم المطلوب على كافة الصعد الإنسانية والخدمية وأيضا في ما يتعلق بالبنية التحتية والكهرباء.”
وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، الذي زار دمشق في منتصف يناير، قد أعلن أن بلاده ستقدّم الدعم الفني اللازم “لإعادة تشغيل البنى التحتية اللازمة” في سوريا. وقال إن قطر ستوفّر لسوريا 200 ميغاواط من الكهرباء، على أن تزيد الإنتاج تدريجيا.
وبحسب مصدر دبلوماسي في الدوحة تدرس قطر مع دمشق خططا لتوفير أموال من أجل زيادة رواتب القطاع العام في سوريا. وإثر وصول السلطة الجديدة إلى دمشق كانت قطر الدولة الثانية، بعد تركيا، التي أعادت فتح سفارتها في دمشق.