هل تنجح السلطة الجديدة في سوريا؟

2024-12-23 18:45

 

هل تكون سوريا نموذج لحكم الإسلام السياسي في الوطن العربي بمباركة أمريكا والعرب؟

لماذا ينقسم العرب بين مؤيد علني و (او متخوف من الوضع الجديد في دمشق؟

سنحاول بفهمنا المحدود الإجابة على ما سبق وسنبدأ بالسؤال الثاني:

 

المعلوم عن العرب محاربة الإسلام السياسي بغض النظر عن دعمهم له سوريا تحديدا، للقضاء على المشروع الإيراني (كما يصفونه).

لكنهم او معظمهم يحتضنون السلطة الجديدة "ذات المسحة الاسلامية" في سوريا المدعومة بقوة من تركيا (الإخوانية).

بعض الدول العربية أبدت تأييدها (للجولاني _الشرع لاحقاً) منذ بدء تحركه ضد بشار الأسد وكأنهم يعلمون سقوط الأسد السريع.

البعض الآخر بقي مترددا يحاول ان يرى ما يشجعه على الإعتراف بالنظام الجديد.

الحقيقة ان نظام (الجولاني) إلى الآن ابدأ مرونة في التعامل مع الجميع حتى اسرائيل التي احتلت معظم محافظة القنيطرة لم يذكرها بسوء بل أكد (ان سوريا لن تكون منطلقا لهجمات ضد إسرائيل!!) طيب و بلاده التي احتلتها؟ يقول :انه سيتفاهم معها عبر الأطر الدولية والدبلوماسية!!.

 

نعود للسؤال الأول

هل يصنع الجولاني انموذج جديد لحكم الإسلام السياسي الذي ترضى عنه أمريكا؟

يبدو ان الرجل ذكي جدآ فهو يحاول الإمساك بكل خيوط اللعبة في سوريا بقوة، ولديه داعم قوي (تركيا) التي هي عضو في الناتو ولديها علاقات كاملة مع إسرائيل.

عندما فاز الإخوان بحكم مصر عبر الإنتخابات قامت قيامة (بعض الدول العربية) وكأنه إنقلاب عسكري على حكمهم !!

 لماذا يعارضون حكم الإخوان في مصر ويؤيدونه في سوريا؟

هناك عدة مسائل يجب فهمها وهي : 

_ ان الدول العربية بشكل عام لا تملك السيادة وأنها مسلوبة الإرادة والقرار من قبل الغرب وأن ما تريده أمريكا هو الصحيح.

_ تخوف الحكام من المشروع الإخواني (المصري) بحكم ان مصر منبع (الأخونة) وأن الإخوان إذا نجحوا في مصر سينقلب على الحكام من لديهم من الإخوان وهم منتشرون في جميع الدول العربية.

_ الصمت المخزي من الإرهاب الصهيوني في غزة وجنوب لبنان واحتلال الكيان الصهيوني لمحافظة القنيطرة السورية! حتى ان بيانات الشجب والإستنكار التي صدرت من البعض هزيلة وقد تكون للتعمية على الشعوب وأنها لدرء الشبهة عنها لموافقتها عن ما يحصل.

هذه النقاط ليست كل ما يجب فهمه حول الموقف العربي الرسمي من الأحداث الجارية اليوم لكنها تجمل المفهوم العام للوضع العربي الردي هذه الأيام.

معدل النجاح والفشل أمام القيادة الجديدة في سوريا هو في قدرتها على التماهي الموجود بعد سقوط إيران في لبنان وسوريا واحتمال اليمن (مع اختلاف الموقف في اليمن عن سوريا).

 

قد تكون يد أمريكا هي من أوصلت القيادة الجديدة إلى دمشق عبر صفقة سرية ثمنها نظام الأسد وتقويض النفوذ الإيراني في الشام مقابل تنازل لروسيا في مكان آخر.. لا نعلم لكن سياسة تقاطع المصالح بين روسيا وأمريكا لابد يكون لها ثمن على حساب العرب طبعاً. 

تحييد إيران وخنقها في سوريا ولبنان وإعلان بعض الفصائل التابعة لها في العراق وقف هجماتها على إسرائيل قد يكون جزء من الصفقة. لكن المهم هو الصعود السني السريع في سوريا وكيف ستقبل إسرائيل وأمريكا الضيف الجديد إذا لم تكن هي من اوصلته للسلطة؟

 

في مذكرات هيلاري كلنتون ذكرت أنها (أي أمريكا) كانت متفقه مع نظام الرئيس (مرسي) في مصر حول معظم القضايا التي تهتم بها الولايات المتحدة!! وهذا ليس بجديد على السياسة الأمريكية فهي من صنعت بن لادن ودعمت الجهاد في أفغانستان، فقد تكون مكيدة للإخوان المسلمين للإيقاع بهم في ضربة تتخلص من خطرهم المزعوم على إسرائيل.

 

الجولاني لن ينجح إلا بموافقة أمريكا وتسليم الحكم لسلطة في سوريا على وئام تام مع إسرائيل وهو ما ظهرت بوادره في تصريحات (الشرع) للصحف الغربية.

تركيا والغرب وإسرائيل متفقون على إسقاط نظام الأسد وقد يتفقون على خليفته بشرط حفظ مصالح تلك الدول والسير في ركابها.

 

سوريا بموقعها الجغرافي واهميتها الكبيرة لن تفلت بعد الآن من قبضة الكبار وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والنجاح والفشل بعد اليوم في سوريا سينعكس على المصالح الأمريكية في المنطقة وخاصة حفظ أمن إسرائيل الذي هو اهم مصلحة لأمريكا في الشرق الأوسط قبل النفط والمصالح التجارية الأخرى.

 

هذا طبعاً رأي متواضع حسب فهمنا لما يجري ولم يكن خارق للعادة فهذه نهاية الطغاة، انما انهيار نظام قمعي في مدة 12 يوم لا يمكن ان يكون بقوة (الثورة) بل قوة الله الذي اذا اراد شيء يقول له كن فيكون.

 

عبدالله سعيد القروة

23 ديسمبر 2024