عند الحديث عن القضية الجنوبية يجب ان نتحدث بواقعية وأن نبتعد عن الأمنيات وقول فرعون "ما اريكم إلا ما أرى" لأن القضية الجنوبية قضية شعب، وهذا الشعب ينتظر تقرير مصيره واستعادة سيادته واستقلاله في أرضه.
وعلينا ان نفهم ان قضية الجنوب "عالمياً" هي جزء من أزمة اليمن والمنطقة وان العالم ينظر لها من هذا الإتجاه.
واذا فهمنا هذا، ماهو واجبنا تجاه قضيتنا وكيف نستطيع أن نجعل العالم (واقصد الدول المهتمة بأزمة اليمن) يتفهم موقفنا ويقف معنا؟
في حقيقة الأمر فإن ذلك ليس بالسهل مع وجود (تحالف عربي) تقوده السعودية شارك في الحرب منذ ٢٠١٥م بيده ملف الأزمة اليمنية، ودول العالم تتحدث في هذا الشأن مع السعودية بدرجة اساسية بصفتها قائدة التحالف العربي في اليمن.
منذ سنوات والمملكة تخوض مفاوضات متواصلة في سلطنة عمان مع مليشيات الحوثي "مباشرة او عبر الوسيط العماني لا ندري" المهم ان المفاوضات موجودة ومتواصلة، وقد تكون حول مايسمى التسوية السياسية الشاملة في اليمن برعاية أممية، وما يهمنا فيها هو "أين موقع قضية الجنوب في هذه التسويات؟".
متأكدون ان التحالف يحاول الخروج من الأزمة في اليمن، وأن السعودية والإمارات لايمكن ان تحارب في اليمن الى الأبد، ويبدو لنا ان التحالف عقد العزم على النأي بنفسه عن مستنقع اليمن ويبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه لخروجه ولن تستغرب إذا اعلن التحالف انهاء الأعمال الحربية في اليمن وسحب قواته الموجودة منها.
كل هذا متوقع وممكن.. لكن ماذا بعد؟
كيف سيكون الحال بعد خروج التحالف؟ هل سيترك الساحة لتبدأ حرب أهلية جديدة بين الجنوب والشمال؟ ومن هي الجهة التي ستدفع ثمن المقايضة بين التحالف والحوثي؟
هذه أسئلة افتراضية حاليا لكنها قد تكون واقعية يوما ما.
ان تحديات المرحلة المقبلة بالنسبة لقضية الجنوب مفصلية ويجب الإستعداد لها قبل ان يقع الفأس في الرأس وحينها لاينفع الندم.
المجلس الإنتقالي الجنوبي هو الواجهة الرئيسية الجنوبية وعليه مسئولية الدفاع عن قضية الجنوب في المحافل الإقليمية والدولية ويجب عليه عدم التفريط بها او الدخول في مفاوضات (كل شيء جاهز باقي التوقيع!) مثل القمم العربية.
المرحلة حرجة والتحالف على مشارف الرحيل شئنا أم أبينا والعودة الى القتال في هذه الأوضاع الصعبة اصعب مما كان ولو ان شعب الجنوب سيدافع عن قضيته مهما كانت الظروف إلا ان الثمن سيكون مضاعف لو حدثت حرب جديدة بين الشمال الحوثي والجنوبي، فهل يعي قادة المجلس الانتقالي ذلك؟.
ان المغردون خارج السرب ممن لازالوا متمسكين بنعش الوحدة المغدورة من الجنوبيين يخدعون أنفسهم بأن وقوفهم ضد مصلحة الجنوب سيشفع لهم عند حكام صنعاء، ولو كانوا يعقلون لأعتبروا بما يعانيه اخوانهم في نظام صنعاء حالياً لأن مليشيات الحوثي تستخدمهم مناديل فقط وليس لهم اي قيمة في قاموس حكم الهضبة الزيدية.
نعود ونقول: ماذا اعدت القيادات الجنوبية لطاولة المفاوضات ان كانت هناك طاولة؟
نختم بقول ابو دلامة للخليفة العباسي المنصور، حضر يوما جنازة امرأة المنصور ابنة عمه حمادة بنت عيسى وكان المنصور قد حزن عليها، فلما سووا عليها التراب وكان أبو دلامة حاضرا، فقال له المنصور: ويحك يا أبا دلامة ! ما أعددت لهذا اليوم؟
فقال: حمادة بنت عيسى يا أمير المؤمنين.
اعدوا لأنفسكم قبل ان توجه لكم الدعوة لعرس لم تحضروا فرحه
عبدالله سعيد القروة
١٩ يوليو ٢٠٢٤م