من الطبيعي أن تتوالى الأزمات التي يمر بها اليمن و الجنوب العربي ولعل أسوأها هي الحرب ذاتها و ما خلفت من اثار مدمرة بشرية واجتماعية و مادية.
سنوات صعبة للغاية عاشها ويعيشها الناس في مناطق سيطرة الحوثة و كذلك الحال في الجنوب المحرر، حيث يئن فيها السكان تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة هي الأسوأ في التاريخ المعاصر، وتتزامن مع وضع سياسي و عسكري معقد من حالة اللاسلم و اللاحرب يجاريها فشل سياسي تقوده رئاسة شرعية عاجزة، و حكومة فاشلة وفاسدة عرقلت الكثير من الخدمات المقدمة للمواطنين و دفعت بالوضع إلى شفير الانهيار التام والسير نحو الهاوية.
من أسوأ انعكاسات هذه الأزمات هو الانهيار المستمر للريال مقابل الدولار، حتى وصل سعر الدولار في السوق ١٤٥٠ريال ريال و هذا قاد إلى تضخم مالي غير مسبوق أدى بدوره إلى ارتفاع في أسعار السلع التي تضاعفت بشكل جنوني مع انهيار القدرة الشرائية للناس.
إن الفساد والنهب المنظم لموارد البلد لم يعد سرا، فهناك تقارير دولية و محلية تشير إلى نهب الحوثة لحوالي ٧ مليار دولار من البنك المركزي لا يُعرف كيف صُرفت و اين ذهبت، اما نهب الموارد من بيع النفط قبل توقفه فكانت لا تورد الى البنك المركزي في عدن و انما تحول الى حسابات في الخارج تتصرف فيها الشرعية دون رقيب او حسيب، و الحال كذلك لموارد ميناء الحديدة و منافذ الوديعة و شحن و موارد مأرب جميعها لا تورد للبنك المركزي ما عدا عدن، و تتصرف بها السلطة المحلية بالتفاهم مع الشرعية التي توجهها.
ان الإنسداد السياسي و العجز الذي رافق قيام مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي يعكس حقيقة القوى السياسية اليمنية التي تنتظر دائما المال و الحل من الخارج و ليس لديها وازع ديني او اخلاقي او وطني يدفعها للبحث عن مخارج لا للحرب و لا للازمة الاقتصادية،و من هنا فإن الأسوأ لم يأت بعد و الوضع في طريق الانهيار الشامل اقتصاديا و سياسيا واجتماعيا و امنيا، نظرا لعدم وجود سياسة متكاملة لتفكيك تلك الازمات إلى جانب غياب الإرادة السياسية الحقيقية لحل أسباب الصراع و الحرب.
لقد اصبح من غير الممكن التنبؤ بما يمكن أن يكون عليه الوضع خلال اسابيع بل حتى ايام قادمة، حيث بات المجال مفتوحاً على كافة الاحتمالات، حتى تحين تلك اللحظة التي يقوم الكل بجمع أوراقه ليضعها على طاولة التفاوض للبحث عن حل نهائي للصراع حتى يأتي ذلك الوقت لا بد من الانتظار لان مفتاح الحل في رأيي هو من ضمن التسوية الإقليمية التي ستنسحب على اليمن و الجنوب وبعدها ممكن أن تكون هناك ضغوط دولية لفرض السلام بعيدا عن سياسة الترقيع، التي ستمهد لانفجار آخر فيما بعد، طالما لم يفرض حل مستدام يؤدي إلى انفراج حقيقي في اليمن و الجنوب العربي.
د. حسين لقور #بن_عيدان