سياسة التسريب وثقافة التيئيس.

2019-10-26 07:27

 

تلقيت اليوم وابلاً من الأسئلة والانتقادات ورسائل الابتهاج وشكاوي التشاؤم عبر خدمتي ووتسأب وماسينجر في ضوء ما تم تسريبه من أوراق معظمها بعيدة عن أي مضمون حقيقي لما أطلق عليه "اتفاق جدة"، ومعظم أصحاب هذه الرسائل  يعلنون تشاؤمهم وغضبهم مما تضمنته تلك التسريبات

 وقال بعضهم أن المجلس الانتقالي تخلى عن القضية الجنوبية مقابل حقيبتين وزاريتين أومحافظ محافظة.

لن أناقش مضمون اتفاق لم يعلن بعد وما تزال تفاصيله غير مباحة للنشر، لكنني سأتوقف عند ما تم نشره من تسريبات مع يقيني أنها لا تقدم شيئا من مضامين مشروع الاتفاق وأفضل التسريبات انتقى أصحابها ما يروق لهم من مشروع النص وتعمد تجاهل ما لا يروق له، وهنا أشير إلى الحقائق التالية:

١. ما اصطلح على تسميته حوار جدة لم يأتِ لمعالجة القضية الجنوبية وإنما جاء لمعالجة الأزمة التي تسبب بها بعض الحمقى المسنين في صفوف الشرعية الذين فجروا ازمة لم يكن هناك مبرر لتفجيرها.

٢. لم يذهب المجلس الانتقالي للحوار ليطالب بمناصب والقاب ونصيب من الحكومة التي صار الاقتراب منها تهمة، وإنما ذهب استجابة لدعوة الأشقاء في دول التحالف العربي للتهدئة ووقف التصعيد وحشد كل القوى الرافضة للمشروع الإيراني في اليمن، واغتنم المجلس الفرصة ليقدم من الحجج والبراهين ما يثبت موقع القضية الجنوبية في الأزمة اليمنية، وهي القضية التي ظلت محل إهمال وتجاهل من جميع الفاعلين الإقليميين والدوليين، وقد نجح في هذه المهمة بامتياز.

٤.  تقول بعض التسريبات أن الحكومة القادمة ستكون حكومة تكنوقراط، أي حكومة كفاءات َليست محاصصة بين اي قوى سياسية فكيف يكون للمجلس نصيب في حكومة كفاءات غير تابعة لأي طرف سياسي؟ وهو ما يدحض فرية أن المجلس يبحث عن نصيب في السلطة، وإلا لكان اكتفى بما كان لديه من محافظين ووزراء قبل تأسيس المجلس.

٥. تتضمن كل التسريبات تشكيل لجنة ثلاثية للإشراف على اداء الحكومة ولمراقبة تنفيذ مضامين الاتفاق أحد أطراف هذه اللجنة هو المجلس الانتقالي ما يعني أن المجلس من حقه أن يرفض او يعترض على اي اسم او إجراء لا يراه يستقيم مع منطق التطورات على الساحة الجنوبية.

٦. أصبحت القضية الجنوبية على جدول أعمال المجتمع الإقليمي والدولي وسيكون الجنوب طرفا في أية مشاورات او مباحثات قادمة كطرف مستقل بعد أن ظل الآخرون هم من يختار للجنوب ممثليه وفقاً للمقاييس التي تروق لهم.

٧ ويكفي أن يعلم الجميع أن موضوع محاربة الفساد وفحص جميع الملفات وتعرية الفاسدين قد صارت اليوم على طاولة اللجنة الثلاثية بعد أن استظل عدد من الفاسدين بمظلة الشرعية ولم يدعوا موردا إلا وسخروه لعبثهم واستثماره لمصالحهم الفردية والحزبية في أحسن الأحوال.

أتوجه إلى جميع الزملاء والأصدقاء من الإخوة والأبناء الذين يتلقون معلوماتهم من رسائل المروجين والملفقين إن يكفوا عن التعاطي مع هذه المصادر، وأن يقرأوا ما وراء كل سطر وكل جملة وكل كلمة تصدر من طرف غير موثوق أو حتى موثوق.

أخيرا سنتقيد بآداب التخاطب مع شركاء الاتفاق ونترك الغواة لغيهم، لكننا نثق أن قضيتنا العادلة قد احتلت مكانتها اللائقة في جدول اعمال الشركاء، أما الذين كانوا يتوقعون أن يأتي لهم وفد المجلس الانتقالي في حوار جدة بدولة جنوبية جاهزة فأرجوهم التأني والتعلم ان حرق المراحل يحرق في طريقه البذور والزرع والثمار معا، وأن لكل ثمرة موعداً للحصاد فلا تستعجلوه.