قائد مقاومة التواهي أنيس العولي لـ«الأيام»: واجه أبناء عدن المدنيين السلميين جيش اليمن بكل سلاحه وعتاده
حاوره/ ذويزن مخشف
مرت ثلاث سنوات على الحرب في عدن وكأنها منذ 3 أيام.. مازالت شواهد وقصص وحكايات معركة صمود أبناء المدينة المسالمة وآثار الحرب والدمار التي خلفها الغزو بالمسمى الشعبي (الحوثي العفاشي) واضحة الملامح في كل بيت وشارع وحي ومنطقة.. ومازالت الصورة أليمة وموجعة، فكم شاب بترت يداه أو إحدى ساقيه تجده هنا وهناك في مكتب أو مؤسسة أو دهاليز السلطات يبحث عن حقوقه في مشهد مأساوي قلما تجده في هذا الزمان.
للحرب في عدن أحداث كثيرة وسجلات تاريخية مليئة بالمعارك والتضحيات الجسام وجل ذلك والأهم، هم أبناء عدن الذين أسسوا مقاومة عظيمة ستفخر بهم أجيال وراء أجيال، والتاريخ سيشهد باليوم والساعة أن أبناء عدن كان لهم عظيم شرف الذود عن أهلهم ودينهم وعرضهم ضد الغزو الثاني القادم من الشمال.
لا شك أن أحداث حرب مارس 2015، التي شنها الحوثيون وقوات صالح آنذاك على العاصمة عدن، والجنوب عامة مازالت راسخة في الأذهان، ومن عاشها بتفاصيلها الدقيقة عدا أولئك الذين قضوا نحبهم وهم يواجهون المد الحوثي وقوات صالح بكل بسالة وفداء حينذاك.
في حديث ذي شجون لأول مرة مع الصحافة يسرد أحد أبرز المقاومين الجنوبيين الشباب أحداثا عظيمة شهدتها أعرق المدن العربية (عدن) بداية تاريخ الحرب 26 مارس وحتى تحريرها في الليلة الكبيرة 27 رمضان 14 يوليو 2015.. بذكرى مرور 3 سنوات على الحرب وصمود سكان عدن.. التقت «الأيام» قائد مقاومة التواهي الأخ أنيس العولي، الذي سرد بعضا من أحداث تلك الحرب وذكر تفاصيل لم تكن ظاهرة، ولا يعلمها - بعد الله تعالى - إلا من شارك فيها، فإلى التفاصيل:
* مرت علينا الذكرى الثالثة للحرب قبل أيام.. ماذا تعني لك هذه الذكرى؟
- في البداية أهنئ صحيفة «الأيام» بعودة إصدارها بعد انقطاع دام سنين بسبب الظلم الذي تعرضت له من قبل نظام صالح، نتيجة مواقفها في نصرة المظلومين، والدفاع عن حقوقهم، وأتمنى أن تستمر بنفس ذلك النهج كما عهدناها دوما.. بالنسبة لذكرى الحرب فهي تعني لكل سكان عدن، ذكرى معركة انتصار عدن نيابةً عن الأمة الإسلامية والعربية ضد المد الفارسي الإيراني، الممثل بالحوثيين وصالح، كما أن هذه الذكرى مؤلمة عندما نتذكر كوكبة من خيرة شباب ورجال عدن الذين استشهدوا دفاعا عنها وعن الدين والأرض والعرض، وأولئك الرجال والشباب الذين جرحوا وتقطعت أوصالهم، وما زالوا يعانون حتى اللحظة آثار تلك الجراح التي لولها وتضحيات الشهداء -بعد الله تعالى- لما تحقق ذلك النصر العظيم. وأيضا لا أنسى دعم إخواننا وأشقائنا في التحالف العربي الذين كان لهم دور كبير في هذا النصر. وأستغل هذه الفرصة للتذكير بالظلم والإهمال الذي يطال أسر الشهداء والجرحى من كل الجهات المعنية، فمهما أعطيناهم، ومهما قلنا عنهم لن نعطيهم حقهم، لذا أرجو من «الأيام» أن تنقل معاناة الجرحى وأسر الشهداء للرأي العام، وكشف المتلاعبين بملف الجرحى والشهداء كأقل واجب نقدمه لهم.
* حدثنا عن دورك في بداية معركة الدفاع عن عدن؟ ومعركة التواهي؟
- قبل معركة التواهي التحمنا بإخواننا الأبطال في مديرية خورمكسر، عند بداية التصدي للحوثيين وصالح، وتحديدا في منطقة (المطار)، وما حوله، وخلال المعركة تم إسناد إخواننا في مقاومة المُعلا لتحرير ميناء المحافظة الذي كان محتلا من قبل قوات الشرطة العسكرية، وتم تطهير الميناء، وأسر 15 فردا من الشرطة العسكرية، وبعد تطهير الميناء حصلنا على معلومات من الأسرى عن تواجد قيادتهم وأفرادهم، وعددهم 60 فردا مسلحا داخل مقر الشرطة في منطقة (الفتح) بالتواهي، فقمنا بترتيب شباب مقاومة التواهي لمحاصرة مقر الشرطة، كونه المعسكر الأخير لقوات صالح والحوثيين في التواهي، حيث تم تطهير كل المواقع العسكرية فيها، ومنها القصر الجمهوري، واغتنام ثلاث دبابات مع ذخيرتها، كان ذلك قبل بداية معركة المطار، ثم حاصرنا المقر، والاشتباك معهم، وسيطرنا على معسكر الشرطة العسكرية وأسر عدد منها، ثم عدنا إلى جبهة خورمكسر، ونُقلت دبابتان بعد اشتداد المعارك فيها، لكن مع الأسف لم يكنْ معنا غير شباب عدن المدنيين الذين ليس لديهم خبرة في استخدام الأسلحة الثقيلة. كانت معركة خورمكسر شرسة، شارك فيها معظم أبناء مديريات عدن، واستبسلوا فيها بشجاعة منقطعة النظير، وسقط أول شهيد من مقاومة التواهي، وهو الشهيد البطل (محمد الشعوي) رحمهُ الله، وكذا استشهد قائد مقاومة القلوعة البطل محمد الجمهوري، والعديد من خيرة شباب عدن في تلك المعركة، واستعدنا المطار ومعسكر بدر مرتين من قوات الحوثيين وصالح، لكن كنا نواجه قوات عسكرية منظمة ومسلحة تسليحا عاليا، بل نواجه الجيش اليمن بكل قوته وعتاده فى ظل عدم وجود قوة مدربة مدعمة بعدد محدود من قيادات عسكرية، ومنهم الشهيد قائد المنطقة اللواء علي ناصر هادي، وقائد عمليات المنطقة الرابعة عمر عبيد، وقائد عمليات المقاومة، وبعض الضباط، لا أتذكر أسماءهم بالضبط، من الذين كانوا متواجدين فى إدارة أمن عدن..
*أثر سقوط خورمكسر
وبعد اشتداد المعارك وسقوط شهداء كثيرين في معركة خورمكسر، نتيجة عدم التكافؤ بيننا وبين القوات الغازية، وبعد أيام من الصمود البطولي لأبناء عدن في وجه جيش كامل، تم الالتفاف علينا من ساحل أبين بقوة كبيرة، وكثافة نارية بمختلف الأسلحة الثقيلة أدت إلى الانسحاب إلى داخل أحياء خورمكسر، وأُصيب حينها قائد مقاومة خورمكسر القائد سليمان الزامكي بإصابات بالغة، وسيطرت قوات الحوثيين وصالح على ساحل أبين، واتجهوا إلى كريتر عن طريق الساحل، لذلك قمنا بالانسحاب بعد سقوط خط ساحل أبين بخورمكسر لمساندة إخواننا فى مقاومة كريتر بقيادة الشهيد عبدالرحمن قنان، الذي كان لهُ دور كبير فى معركة خورمكسر منذ البداية، ومعه أبطال مديرية كريتر الذين كانوا منتشرين في الجبل المطل على المحكمة، وفي جولة العاقل، وعقبة مفتاح عدن، وتم تعزيزهم ببعض الذخائر والمستلزمات الطبية التي كانت معنا، وعدنا إلى خورمكسر لتعزيزهم بالأفراد والذخائر التي أتينا بها من التواهي، لكننا تفاجأنا، ونحنُ في الطريق، وتحديدا في جولة فندق عدن بوجود دبابات وعربات (بي. أم. بي) منتشرة، واُستهدفنا مباشرةً بالأسلحة الثقيلة لكن نجونا من الموت بأعجوبة، ولم يصب أي فرد غير إعطاب مدرعة كانت معنا، انسحبنا إلى منطقة (دكة كباش) بالمعلا، وقوات الحوثيين وصالح تطاردنا بالقصف بالأسلحة الثقيلة، وحاولنا نحن وأفراد مقاومة المعلا (بقيادة القائد سامح بازرعة، وعادل عبادي، والشهيد محمد باشميلة، وفهد مشبق، والخضر العبد، ومحمد الجمهوري، والبطل عدنان القراوي)، وكثير من أبطال ورجال المعلا والقلوعة والتواهي التصدي لتلك القوات، وصمدنا لأيام، وتم تكليف جمال الملقاط، هو ومجموعته، بالقدوم من التواهي عن طريق البحر والتمركز بجزيرة العمال، وكانوا مسلحين بمدافع (بي عشرة، ودوشكا)، وكان لهم دور كبير في قطع طريق الجسر على قوات الحوثيين، وصمدوا لمدة أسبوعين في مواقعهم، حتى تم استهدافهم بسلاح المدفعية من قبل الحوثيين وإعطاب الدوشكا، التي كانت بحوزتهم، وحُصروا، واُخرجوا من الجزيرة عن طريق قوارب الصيد إلى مدينة التواهي، كما قلنا فارق التسليح والخبرة والعدة والعتاد بينا وبينهم، إضافة إلى العمل الاستخباراتي الذي كان كله تحت أيديهم، وعدم وجود أي قوات نظامية من الجيش أو الأمن تقاتل إلى جانبنا، حيث غالبية أبناء عدن الساحقة مدنيون، وغير مدربين على استخدام السلاح، لذا تمكن الحوثيون من السيطرة على جبل حديد وأغلب المرتفعات بخطة معدة مسبقا منهم كما كان واضحا ذلك، وبدأوا بقصف مساكن المواطنين في المعلا وكريتر من المرتفعات بشكل عشوائي بالأسلحة الثقيلة، ولم يكن لدينا غير دبابة واحدة كنا نواجه بها تلك القوة التي تمركزت في (عقبة عدن)، وكنا تحت قيادة عبدالفتاح جماجم، وقائد الدبابة البطل المقاوم بشير دنقل، الذي كان يضرب مرتفعات جبل حديد المحتلة، ولكن للأسف نفذت ذخيرتها، وما زالت آثار تلك الدبابة باقية حتى اللحظة بـ(عقبة عدن) بعد تدميرها، وكانت هي آخر خط دفاع يمنع قوات الحوثيين وصالح من السيطرة الكاملة على كل المرتفعات ومداخل ومخارج (كريتر، والمعلا)، وأصبحنا مكشوفين لهم، وهدفا سهلا، فدخلوا إلى مدينة المعلا تحت كثافة نارية عالية من المرتفعات، واستهداف أي مواطن يتحرك حتى وإن كان مدنيا، وفعلا دخلت قواتهم مع المدرعات من البوابة الشرقية لميناء المعلا، بعد قتلهم البطل ياسر الحقيري، الذي استبسل هو وأفراده للدفاع عن الميناء من ذلك الاتجاه، وأُسر وقُتل وجُرح أغلب المجموعة التي كان يقودها، ليسقط الميناء، وتم إبلاغنا بذلك، وبسقوط الميناء تحولت الحرب إلى حرب شوارع في المعلا، لكن انتشار قناصة مدربين من الحوثيين وصالح في كل مكان تقريبا في المعلا، ولوجود خسائر كثيرة في صفوف أفراد المقاومة والمواطنين جراء القنص، انسحبنا لترتيب خطوط دفاع جديدة فى الأماكن المتبقية لدينا في المعلا، ومنطقة القلوعة، وفي مدخل التواهي بمنطقة (حجيف)..
*بداية حصار التواهي
في اليوم الثاني لترتيبنا الجديد تقدمت قوات الحوثيين بشكل كبير في الطريق الدائري بالمعلا باتجاه القلوعة لكن إخواننا في مقاومة المعلا والقلوعة استبسلوا استبسالا كبيرا بقيادة البطل الجمهوري والبطل محمد المقطري، وكثير من الأبطال، الأمر الذي أذهل الحوثيين، فانسحبوا، وكُسر زحفهم من اتجاه الخط الدائري في المعلا والقلوعة رغم عدم تكافؤ الطرفين، ولا مقارنة أصلا بين شباب مدنيين يقاتلون بما توافر لهم من أسلحة، وأغلبها شخصية، وللمرة الأولى يستخدمون الأسلحة، وبين جيش جرار مُدرب ومسلح بكافة أنواع السلاح، وكان بطل هذه المعركة الشهيد القيفي، الذي سطر أروع البطولات -رحمهُ الله- قبل استشهاده، وهنا انسحبت تلك القوات، واتجهت إلى منطقة حجيف، المدخل الآخر لمدينة التواهي، كونها الهدف الرئيسي للحوثيين وصالح في ذلك الوقت لوجود الكثير من مؤسسات الدولة فيها، وسقوطها هدف إستراتيجي لهم، ومن هنا بدأت محاصرة مدينة التواهي لمدة خمسة وأربعين يوما، وكانت التواهي والقلوعة بالكامل بيد المقاومة، وأجزاء من مدينة المعلا بيد مقاومة المعلا مثل (حافون، وردفان، والشيخ إسحاق)، وكان أكثر الضغط على مقاومة التواهي في منطقة (حجيف) مدخل المدينة، ومنطقة (حافون) على مقاومة المعلا والقلوعة المتمركزة هناك، وكانت أغلب خسائر قوات الحوثيين وصالح في تلك المناطق، التي رابط وصمد فيها أبطال عدن بشكل بطولي، كسائر مناطق عدن، وكذلك في منطقة (السنترال، والسوق) بالمعلا، حيث كانت لا تزال بيد مقاومة المعلا بقيادة فتحي الاعدادي وخالد العولقي، اللذان سطرا أروع البطولات، وصمدا واستبسلا للدفاع عن مدينتهما بكل ما أوتيا من قوة، ولم تتوقف المقاومة عن القتال في أغلب المناطق التي سقطت بيد الحوثيين بشكل عام، رغم أنها كانت بوتيرة أقل بعد دخول الحوثيين وصالح إليها، واستهدافهم الأسرى والمواطنين في تلك المناطق، لكن أبطال عدن استمروا في القتال، واستشهد الكثير منهم في تلك المعارك ومنهم القائد محمد امزربة في مدينة خورمكسر.
استمر القتال حتى سقطت مدينة التواهي، وانتقل أغلب رجال وشباب مقاومة عدن في المديريات الأربع بشكل كامل إلى المناطق غير المحتلة بعدن، طبعا أحاول أن أتحدث باختصار، كون الأحداث كانت كثيرة، ومن الصعب تذكرها بالتفصيل في هذا اللقاء، وأعتذر إذا كنت قد نسيت أحدا، وأنا متأكد أن هناك الكثير من الأبطال في تلك المعارك يعجز الإنسان عن إعطائهم حقهم مهما تكلمنا عنهم، وعن بطولاتهم، وهم ليسوا بحاجة إلى شهادتي، أو شهادة غيري، فلهم مني كل التحية والتقدير أينما كانوا.
* سقوط التواهي معركة قسمت ظهر المقاومة، فما هي أهم عوامل صمود المقاومة لأكثر من شهر؟
- معركة مدينة التواهي ومقاومتها البطلة من شباب ورجال وشيوخ المدينة، وبعد أن شاركوا مع إخوانهم بما يستطيعون لصد الحوثيين وصالح إبان غزوهم عدن تراجعوا للدفاع عن مدينتهم، وبفضل الله، ثم بتضحيات وصمود أولئك الأبطال، تم كسر ذلك الزحف البربري على عدن، وعلى أسوار مدينة التواهي في مدخلها الرئيسي بوابة (حجيف)، وتكفلت مقاومة القلوعة، وأبطالها في كسر ذلك الزحف وحماية مدينة التواهي من مدخلها الثاني، الذي يمر وسط منطقة القلوعة، ويؤدي إلى ساحل جولدمور، وكانت هذه أول هزيمة حقيقية لقوات الحوثيين وصالح في حربهم على عدن، وكُبدت تلك القوات خسائر فادحة باعتراف القوات نفسها، ولم نكتفِ فقط بالدفاع، فقمنا بشن هجمات متكررة على مواقع تلك القوات الغازية، خاصة في الصوامع وشرطة المعلا، وإدارة الكهرباء بحجيف، وكان ذلك بتنسيق مع مقاومة القلوعة والمعلا، وفقدت التواهي خيرة رجالها وشبابها أثناء تلك المعركة. كانت نقاط التماس بيننا وبين العدو من حيث المسافة تكاد تكون معدومة، فقد كنا نسمعهم ويسمعوننا، وهذا أحد أسباب صعوبة تلك المعركة خاصة عندما تقاتل جيش نظامي مُدرب على مثل هكذا معارك، إضافة إلى فارق التسليح الكبير، وعدم امتلاكنا أسلحة، غير أسلحتنا الشخصية، وما تبقى لدينا من أسلحة متوسطة اغتنمناها خلال المعركة، ومع ذلك صمدت مدينة التواهي 45 يوما في وجه العدوان الغازي لعدن.. وأذكر هنا أحد أهم أسباب صمود التواهي، وهو دور قائد المنطقة الرابعة، الشهيد اللواء الشيخ على ناصر هادي أثناء الحرب، فقد كان دوره كبيرا في صمود المدينة، وكان يبث الحماس والهمة في صفوف أبناء مقاومة التواهي، ويخوض معهم المعارك في خطوط النار الأولى رغم كبر سنه، وكان يقوم بنقل ما يستطيع من الذخائر والمستلزمات الطبية عن طريق البحر من المناطق الأخرى كون المدينة محاصرة، ولم يتبقَ لها غير طريق البحر فقط، وصمد وقاتل حتى اُستشهد في مدينة التواهي، وكان يقاتل بنفسه وماله وأهله، الذين جرح منهم أربعة من أحفاده في تلك المعركة، وكان من القيادات القليلة التي بقيت في عدن للدفاع عنها، ولا أنسى مدير الإمداد العسكري العميد علي الكود، الذي كان له دور كبير في دعم مقاومة التواهي، وباقي المديريات من اليوم الأول للحرب وإلى يوم انتصار عدن، حيث قام بتوفير الغذاء والدواء، وما استطاع من الذخائر، وبقي معنا حتى آخر يوم، واُستشهد في الحرب أحد أقربائه، وجُرحى اثنان من إخوانه، وأيضا لا أنسى دور مؤسسة الموانئ ممثلة بمديرها محمد امزربة، حيث ساهمت معدات المؤسسة بنقل الجرحى وإسعافهم وإجلاء الأسر وإحضار مواد الإغاثة والمستلزمات الأخرى إلى مدينة التواهي، والمعلا، والقلوعة، وكريتر، وخورمكسر، وكل ذلك عن طريق البحر، بالإضافة إلى تقديم قسم ورشة الموانئ الكثير خلال الحرب، وبعض الضباط والأفراد في الشرطة البحرية، وخفر السواحل، والقاعدة البحرية، الذين بقوا بشكل فردي، وكان لهم دور في المعركة من خلال الزوارق البحرية المتبقية في تقديم المساعدات، ونقل الجرحى، ومشاركتهم في بعض المعارك من خلال ضرب مواقع الحوثيين بالأسلحة المتوسطة من البحر، وكان على رأسهم الشهيد محمد الملقاط، وأتذكر منهم العميد سعيد سالم، قائد الورشة البحرية فى ذلك الوقت، ومازن الشحيري وآخرين من الأبطال لا أتذكر أسماءهم، إضافة إلى من تبقى من أطباء وممرضي مستشفى باصهيب العسكري، فقد كانوا أبرز المساندين لمقاومة التواهي داخل المدينة، وكذا مقاومة البريقة ومدينة الشعب، الذين كانوا يساندوننا في مواجهة قصف الحوثيين التي تحاصر التواهي بصواريخ (الكاتوشا)، واستمرار المقاومة في المعلا والقلوعة، وكل هذه العوامل مجتمعة مع استبسال واستماتة أبطال مقاومة التواهي في الدفاع عن مدينتهم، هي من أدت إلى صمودنا لأكثر من أربعين يوما في معركة غير متكافئة.
هناك بطولات وقصص عديدة في تلك المعركة لا يتسع المجال لسردها بالتفصيل.
في الجزء الثاني تستعرض «الأيام» كيف هُزمت مقاومة التواهي، وماذا حدث، ومن خذلها، ووقائع أخرى كعملية إنزال التحالف للسلاح لأول مرة في عدن وأحداث أخرى حول الحرب.
حاوره/ ذويزن مخشف