الأخ محافظ عدن اللواء عيدروس قاسم الزبيدي… حياكم الله وسـدّد بالخير خُـــطاكم.
يقال بأن الصمت يساء فهمه كما يساء فهم الكلام تماماً,خصوصاً حين يكون يتعلق الأمر بشاغلي المناصب الرسمية الرفيعة كالمنصب الذي تشغلونه, وفي أوقات استثنائية دقيقة كالتي نعيشها اليوم,وفي ظل استهداف واضح من الجهات الأربع يحاول النَـيل من عدن حاضرا ومستقبلاً ومن الجنوب ككل ومن وقضيته الوطنية السياسية.
وعطفاً على ما تقدم نأمل أن تخرجوا من شرنقة الصمت الى رحاب وفضاء توضيح وشرح حقائق الأمور التي تجري على الأرض في عدن حتى لا يساء فهم صمتكم من قبل الناس الذين وضعوا فيكم أملا كبيرا لترسوا بسفينتهم على شاطئ الأمل وضفاف الغد المنشود, فضلاً عن فهم خصومكم لصمتكم هذا. وحتى يتبين لهم خيط الزيف الأسود من خيط الحقيقة الأبيض ولكي تسلط الأضواء على من الذي يدمّــر ومن الذي يعمّــر, مَــن الذي يبشّـر ومَـن الذي ينفّــر, ويتضح من هي الجهات التي تعبث بعدن وبأمنها وحياة أهلها, وتصادر ارواح ابنائها وساكنيها و تطال خدماتهم وتكدّر عيشهم وتسرق رغيفهم وتعليمهم وصحتهم وهدأتهم, وتصادر أحلام أجيالهم جهاراً نهاراً بكل فجاجة وتحدي.
سيادة المحافظ … لو كنتُ مكانكم لخصصتُ من كل أسبوع أو أسبوعين ساعة من الزمن عبر وسائل الإعلام المتاحة استعرض فيها باستفاضة ووضوح حال المحافظة سلباً وايجابا بقدر المستطاع , لأوضح بكل تجرد وشفافية وأمانة حال المجالات المختلفة بالمحافظة وما تواجهه من مصاعب وتحديات وعراقيل مفتعلة وغير مفتعلة ليكون الناس على بينة من أمرهم وعلى دراية بما يدور بمحافظتهم بصفتهم أصحاب الشأن والمصلحة, ولتخلي مسئوليتكم أمام الله وأمامهم, ويكونوا لك في ذات الوقت عونا وسنداً في مجابهة قوى الفوضى والعبث والفساد والتطرف ,ويكونوا عضداً لكم في مسيرة اعادة بث الحياة من جديد بجسد هذه المحافظة المثقّـلة بالألم والمسكونة بالأمل, بدلاً من حالة الصمت والهمود الذي يولّد مزيدا من نقع التضليل فوق الرؤوس ويثير غبار التشويش بعيون المواطن و يذهب بعقول نخب عدن السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية ويمنح قوى الفساد والتطرف واصحاب المشاريع المريبة التدميرية مزيدا من المساحة وحرية الحركة للنهب والفساد والفوضى وعرقلة الجهود الوطنية المبذولة.
فلا يفهم معظم الناس هنا في عدن صمتكم هذا بأن الأمور على خير ما يرام, (فصمت المقابر لا يعني أن الكل في الجنة كما يقال), ولا يفهمه على أنه صمتٌ أملته الضرورة وفرضته الظروف واضطراب الأوضاع القائمة بالوطن والمنطقة كما قد يتفهم له من هم على دراية بخفايا السياسية ودهاليزها,ولا على انه صمت المضطر الذي يراعي فيه صاحبه كثير من الاعتبارات الداخلية والخارجية, بل يرى فيه سلبية لا نظير له, سلبية لا يمكن تفهمها أو التماس العذر لصاحبها خصوصا حين يتعلق الأمر بحياة الناس ويستهدف أمنهم وأحوالهم وتوردهم موارد التيه والضياع .
لو كنتُ مكانكم سيادة المحافظ لعملتُ فوراً على إصلاح الدائرة المحيطة بعملي واصلاح شأنها وتطعيمها بكوادر ادارية وعلمية وفنية وثقافية واجتماعية وتجارية وأمنية مجربة تمتلك اسباب النجاح والتمكن بالمضي قُــدماً نحو المستقبل بصرف النظر عن انتماءاتها الحزبية والسياسية والجهوية دون النظر في ماضيها السياسي طالما اخلصت العمل والنية,على الأقل الى حين ترسي السفينة الجنوبية على جودي النجاة وميناء الأمان.
(لأننا نتقن الصمت، حمّلونا وزر النوايا).فلو كنتُ مكانكم لتخليتُ ولو جزئيا عن فلسفلة الصمت القائلة: رب سكوت أبلغ من كلام, ولضربتُ على الطاولة ولو مرة واحدة ليفهم الشركاء قبل الاعداء ان لنا كجنوبيين عليهم حق مثلما لهم علينا واجب وأننا شركاء واصحاب انتصارات لا أتباع ولا أذناب لأي جهة مهما بلغت قدراتها وطاقاتها .فالتراجيديا الكبرى كما قال احد مفكري الغرب ليست الاضطهاد والعنف الذي يرتكبه الأشرار، بل صمت الأخيار على ذلك.
لو كنتُ مكانكم لشرعتُ في الحال بثورة, ولو (ثورة ناعمة) حقيقة جادة بعيداً عن الضجيج الإعلامي الزائف لإصلاح حال المؤسسات المختلفة التي يفترسها الفساد وينهشا جسدها الخائر التسيب والاهمال والتخريب, ولأستأنفتُ حالاً حملة إزالة العشوائي وحملة البسط الجائر على أراضي ومنشئات الدولة والأملاك الخاصة لكبح جماح جنون البسط والاستحواذ والتفيد.
لو كنتُ بموضعكم لربطتُ دعوتي للقوى والنخب الجنوبية المختلفة بإنشاء حامل سياسي للقضية الجنوبية بالتنفيذ العملي فوراً ولن اتوقف عند الدعوة الإعلامية فقط والدخول بعدها في موات سياسي كما هو حاصل منذ اشهر, بل بالعمل الملموس( مع إقرارنا بصعوبة المهمة وقسوتها).
لو كنتُ بمكانكم هذا لما ترددتُ لحظة بالوقوف بحزم وبدون أي مواربة قولاً وفعلاً حيال الوضع الأمني المرتبك, والعمل على توحيد كل المكونات الامنية تحت لواء المؤسسة الأمنية الرسمية ولنبذ كل المليشيات والكتائب المسلحة الغير قابلة للانضواء تحت مؤسسات أمنية رسيمة التي تم تأسيسها أي هذه الكتائب والمليشيات على قاعدة جهوية وفكرية وجغرافية وطائفية (مع إقرارنا أيضا بصعوبة هذه المهمة ووعورة مسالكها), ولعملتُ على الفور على إعادة الكادر الجنوبي الأمني والمدني المسرح منذ عام 94م ولو بالحد الأدنى الممكن الى مواقعه, ولوقفتُ بصرامة إزاء التجاوزات الأمنية التي تسيء للأمن وللسلطة المحلية وتنال من سمعة الجميع جاني ومجني عليه.
ختاما تقبلوا خالص التقدير والاحترام.
أخوكم \صلاح السقلدي-عدن-.