قحطان الشعبي وعلي سالم البيض وزير الدفاع
الصورة (قحطان ثم علي سالم البيض ثم عبدالملك اسماعيل عضوا القيادة العامة للجبهة القومية)
اغتيال بريطانيا لعدن والجنوب العربي تأليف رئيس الدولة الاتحادية ووزير المعارف سابقا محمد حسن عوبلي
عرض وتلخيص د. علوي عمر بن فريد
الحلقة السابعة عشرة
حماقات قحطان الشعبي:
لم يكن في المنطقة أي صراع سياسي يستدعي اهتمام قحطان.. ولكنه بحماقته وغرور فيصل عبداللطيف الشعبي خلق ذلك الصراع.. وذهب الإثنان ضحيته!!
بدأ بارتكاب أولى حماقاته..فقدم للمحاكمة كافة أعضاء المجلس الأعلى الاتحادي غيابيا.. وأربعة منهم حضوريا.. كما قدم للمحاكمة أشخاصا آخرين كانوا في خدمة الدولة.. ووكل أمر المحاكمة إلى عبدالله الخامري، وهو يمني الأصل وموظف بسيط سابق في خطوط عدن الجويه.. وجعل منه رئيسا لمحكمة أمن الدولة العليا..!! وكان هذا أول خطأ فادح ارتكبه قحطان الشعبي.
لقد ترك الجميع البلاد له من الأمراء والوزراء والسياسيين.. تركوا كل ما يملكون ولجأوا إلى المملكة العربية السعودية لا للعمل السياسي.. بل لأنهم كانوا واثقين من عطف الحكومة السعودية على عائلاتهم والإنفاق على معيشتهم ليس إلا .. بحكم رابطة الدين والأصل والجوار!!
مهزلة المحاكمة:
أربعة وزراء قدموا للمحاكمة وكانت تذاع مباشرة على الأثير.. وكانت المحاكمة مهزلة..وقد وجهت تهمة العمالة للوزراء الأربعة..بسبب عملهم مع بريطانيا ، ووجه المتهمون حديثهم إلى رئيس المحكمة وقالوا وما الفرق بيننا وبين الرئيس قحطان الشعبي ؟؟:
ألم يكن قحطان الشعبي قد عمل أيضا في وزارة الزراعة وتحت الإدارة البريطانية..؟؟ فلماذا لا يقدم هو أيضا للمحاكمة؟؟
وضج الجمهور بالضحك!!
وقدم أحد الوزراء الأربعة للمحاكمة بتهمة العمالة لبريطانيا.. فأجاب أنه قد قام بمهامه الوزارية خير قيام وطلب من المدعي العام أن يثبت أي تقاعس في أداء واجباته نحو الشعب..فاحتد رئيس المحكمة وقال:
ليس المهم خدماته للشعب بل قبوله منصب الوزير وبذلك صار عميلا بريطانيا.
أجاب الوزير:
أنه لو كان عميلا لبريطانيا لكان الآن اما رئيس الجمهورية.. أو رئيس الوزراء .. لأن بريطانيا لا تتخلى عن عملائها!!
واحتد رئيس المحكمة غضبا واقفل النقاش.. وأصدر حكما بالسجن على الوزير السابق عشرة أعوام..فاعترض الوزير على الحكم بحجة أنه مجحف وأن المدة طويلة.. وقد يحول الموت دون إتمامها!!(وهو يقصد موت الجبهة القومية)
وضج الجمهور بالضحك!!
اما الوزراء الذين كانوا خارج المنطقة فقد حكم عليهم بالإعدام كالشريف حسين، والسلطان صالح بن حسين والسيد عبدالرحمن جرجره.. والسيد حسين بيومي والبعض بالسجن لمدة خمسة عشر عاما.. وكان هذا من نصيبي أنا.. ونشرت الأحكام في حينه يوم 19 مارس عام 1968م.
ثورة 20 مارس عام 1968م:
في مطلع مارس من نفس العام عقد المؤتمر الرابع للجبهة القومية في زنجبار وتقدم عبد الفتاح اسماعيل وسالم ربيع زعماء الجناح اليساري الشيوعي باقتراح لحل (المنشآت الرجعيه) التي أنشأتها بريطانيا ومن ضمنها الجيش والأمن .. وإحلال "المليشيا القومية" محلها !!
فعارض قحطان الشعبي هذا الاقتراح وحدث صخب في الجلسه.. وشعر الجيش بالخطر.. وفي ليلة 20 مارس عام 1968م قام الجيش بحركة عسكرية واعتقل رئيس المحكمة العليا (إياها) عبدالله الخامدي الذي تمكن من الهرب بعد أن قفز من نافذة خلفية في منزله فحدثت كسور في عموده الفقري.. ولم يفطن الجيش إلى وجوده وإلا لقبض عليه..! وفر ساليمن وعادل خليفه وأعضاء الجناح اليساري إلى الجبال ومن ثم إلى اليمن وبلغاريا.. وضغط ضباط الجيش على قحطان وطلبوا منه شخصيا التوجه إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون ليذيع خطابا على "شعبه العزيز" مؤيدا حركة الجيش!!
ولما رفض ذلك أنهال عليه الضباط ضربا ورفسا بأحذيتهم الثقيلة حتى فقد وعيه.. واستدعى الدكتور كومار لمعالجته..!!!
وبعد أن أفاق جرُ جراً إلى محطة التلفزيون والدماء تسيل من وجهه .. وأصدر بيانا مقتضبا "لشعبه العزيز" أعلن فيه أنه يؤيد ويبارك حركة الجيش وعاد إلى دار الرئاسة!!
قحطان يساعد الجناح اليساري ماديا:
كان قحطان الشعبي لا يتخلى عن زملائه ابدا.. فأرسل لهم الأموال إلى اليمن ومصر وبلغاريا بسخاء .. في الوقت الذي كانوا هم يدبرون طريقة للتخلص منه.. مستخدمين في ذلك الأموال التي يرسلهم لهم.
حرب العوالق العليا:
كانت مشيخة العوالق هي الولاية الوحيدة التي رفضت تهديد بريطانيا وحكم الجبهة القومية وحين أرسلت بريطانيا عملائها للتخريب وعلى رأسهم المقدم عبدالله علي مجور وهاجم بعض أفراد المليشيات والأمن والقبائل مقر الأسرة الحاكمة (آل محسن بن فريد) في الصعيد استطاع كل من:
الأمير عبدالله بن محسن بن فريد، ونائبه وشقيقه الشيخ فريد بن محسن بن فريد وأنصارهم استطاعوا صد الهجمات على منازلهم ثلاث ايام بلياليها متتالية.. وأخيرا توسط رجال القبائل بين الجيش والأمير عبدالله بن محسن على أساس انسحاب الأمير عبدالله والشيخ فريد إلى الأراضي السعودية مع كل ما يملكون.. ولم يعترض سبيلهم أحد!!
وخرج أنصارهم معهم..وعند الحدود السعودية دمروا أسلحتهم ليحرموا قحطان الشعبي من الاستفادة منها..!!
تفجر الوضع في العوالق من جديد:
بعد أقل من عام طلب فيصل عبد اللطيف رئيس الوزراء ومحمد علي هيثم وزير داخليته حضور زعماء الرابطة في العوالق إلى عدن وهم:
الشيخ فريد بن أبو بكر
الشيخ محمد أبو بكر عجرومه
وذهبا إلى عدن وعندما شعرا أن حكومة الجبهة القومية تنوي اعتقالهما هربا إلى العوالق وتفجر الوضع يوم 22 يوليو عام 1968م وتوجه فيصل الشعبي رئيس الوزراء آنذاك إلى عتق لمقابلة زعماء الثورة ومعهم جموع غفيرة من قبائل العوالق.. وكان اللقاء في "يهمل" بين عتق والصعيد وجرى نقاش حاد بين الطرفين وكادت أن تحدث مجزرة لولا تدخل بعض كبار الضباط العوالق في الجيش وهم: العقيد عبدالله صالح سبعه والمقدم عبدالله علي مجور والمقدم أحمد صالح بن لحمر وانفض الاجتماع دون نتائج ملموسة وفشلت المفاوضات وعاد فيصل الشعبي إلى عدن!!
الحرب الطاحنة في العوالق:
جردت حكومة الجبهة القومية حملة عسكرية مكونه من ثمانية آلاف جندي وضابط، ضد العوالق وقد استمرت تلك الحملة على العوالق مدة عام كامل ولم يستطع الجيش أن يهزم القبائل الذين تحصنوا في كور العوالق وأخذوا يشنون حملاتهم على الجيش من جبال الكور .. وتمكنوا خلالها من إسقاط طائرتين عسكريتين.. وإحداث الكثير من الخسائر في صفوف الجيش بين قتيل وجريح!!
وانعكس ذلك الوضع على الحكومة في عدن.. وعاد اليساريون إلى عدن بعد أن ضعف مركز قحطان وحكومته..
وللحديث بقية وإلى اللقاء في الحلقة ( 18 )
*- للإطلاع على الحلقة السادسة عشرة : اضغـــــــــط هنــــا