(الصورة قحطان الشعبي واللورد شاكلتون – جنيف نوفمبر 1967م)
من كتاب: اغتيال بريطانيا والجنوب العربي لرئيس الدولة الاتحادية وزير المعارف سابقا محمد حسن عوبلي الحلقة (16)
عرض وتلخيص: د.علوي عمر بن فريد
قبل أعضاء وقادة الجبهة القومية تشريد الوزراء وحكام الولايات وعائلاتهم.. وإباحة دورهم بما فيها السلب والنهب ولم يتمكن معظم حكام الولايات من إخراج شيئا من أموالهم!!
قبل أعضاء الجبهة القومية كل شيء .. كل ما أرادته بريطانيا.. نفذوا مخطط بريطانيا الإرهابي والإنتقامي ضد حكومة الاتحاد ووطنيتها.. ضد حكومة حضرموت ووطنيتها .. ضد كل المواطنين الشرفاء!!
بدأت الشرارة الأولى حين احتل لفيف من أعضاء الجبهة القومية "لودر" و "زاره" في سلطنة العواذل بدون مقاومة .. لأن فرقة الجيش الاتحادي هناك هددت بقصف أي جماعة تحاول مقاومة الجبهة القومية.. وكان السلطان صالح بن حسين العوذلي وزير الأمن الداخلي، في أحد مستشفيات لندن حيث أجريت له عملية جراحية لا يستطيع معها العودة الى عدن.. ثم تساقطت الولايات الواحدة بعد الأخرى.. بموجب تخطيط المندوب السامي.. وأصدر وزير الدفاع الاتحادي السلطان فضل بن علي العبدلي أمره إلى جيش الاتحادي بطرد شراذم الجبهة القومية.. ولكن الجيش رفض ،أي أوامر إلا من القائد العام للجيش الجنرال "داي" الذي يعمل حسب توجيهات المندوب السامي البريطاني!!
وطلب من وزير الدفاع مغادرة عدن فورا حرصا على سلامته ونقل إلى معسكر سلاح الطيران الملكي البريطاني وكانت بريطانيا تحقد عليه لأنه رفض أن يكون عميلا لها ثم تدخل بعض قادة الجيش ونقلوه إلى المطار على متن طائرة مدنية ومن ثم إلى جدة وكانوا في وداعه!!
في حين ذهب قحطان الشعبي على رأس وفد من أنصاره ليوقعوا على صك إزهاق روح الجنوب العربي وشعبه وعلى وثيقة عبوديته!!
وبلغ الجهل والغباء بجزء كبير من شعب الجنوب العربي .. بل وببعض الحكومات العربية .. فقد هللوا بوصول الجبهة القومية.. وطرد العملاء من الجنوب العربي!!
ومنعت بريطانيا السلطان غالب بن عوض القعيطي والسلطان حسين الكثيري وسلطان المهره من نزولهم المكلا من السفينة التي كانوا على متنها وأرسلتهم إلى جدة.. وأحدثت انقلابا في جيش البادية الحضرمي!!
والسؤال هو: من هم العملاء الحقيقيون؟
أليس الجواب واضحا لكل من له عقل!!
لقد عرضت بريطانيا على الحكومة الاتحادية السلطة والقوة وشراء ذمم الوزراء بأضعاف أضعاف ما دفعته بريطانيا للجبهة القومية.. شريطة قبول الحكومة الاتحادية التنازل عن المساعدة المالية، ولكنهم رفضوا المساومة على حقوق الشعب ومصيره.. فأنتقمت منهم وشردتهم.. ولا أزال أتذكر قول السير همفري تريفليان:
"إن حكومة الإتحاد متمسكة بالنزاهة ولكنها لا تريد أن تفهم أنه يوجد في سوق المزاد السياسي من هو مستعد للتعامل معنا كما نريد.. وسيبيع ضميره بأبخس الأسعار" وكان طبعا يقصد الجبهة القومية!!
من المضحك المبكي أن الجبهة القومية لا تزال تدعي الوطنية حتى بعد افتضاح أمرها..
وإن البغي أشرف من الجبهة القومية.. لأنها لا تؤذي إلا من يؤذيها في عمليات البغاء.. أما الجبهة القومية فتؤذي كل واحد.. وكل شعب.. لماذا؟؟ لأنهم رفضوا الاضطجاع معها على سرير البغي السياسي.
والبغي قد تتوب او قد تندم أحيانا إلى الصواب.. اما الجبهة القومية فقد قطعت على نفسها عدم العودة إلى الحق حين قطعت ارتباطها بالدين وناصبت خالقها العداء ونادت بالإلحاد وبالفسوق والفجور والاستهتار بالقيم الأخلاقية!!
عهد قحطان الشعبي:
تولى قحطان محمد الشعبي.. مؤسس ورئيس الجبهة القومية ورئاسة الجمهورية بمجرد عودته من جنيف!!
لقد انخدع الشعب بالجبهة القومية لأنه شعب طيب بسيط.. انخدع بشعاراتها البراقة في الحرية والديمقراطية وهي شعارات مضللة ومخادعة!!
كان قحطان الشعبي رجلا متشنجا أنانيا.. ماديا، يدور حول نفسه بصورة غريبة.. وكان أيضا من الذين اكتسحتهم فكرة التقدم والتقدميين .. كانت فيه غطرسة وصلف وكبرياء.. وضيق صدر وعدم قبول للنقد.. وكان متسرعا وطائشا إلى حد الجنون .. وكان مريضا جسمانيا ونفسانيا.. وكان يعالج من هذا المرض في الخارج ولا أعرف كيف اختارته الجبهة القومية للرئاسة بعد أن ثبت لها أنه مصاب بمرض نفساني.. أشبه بانفصام الشخصية.. وبالرغم من هذه النقائص كان يتمتع بفضيلة واحدة.. لاغير.. هي الوفاء لأصدقائه وهذه الصفة تميز بها عكس فيصل الشعبي وغيره من زعماء الجبهة القومية وهي التي أوردته موارد التلف!!
كانت الفرصة سانحة لقحطان الشعبي للحصول على مساعدات من الدول العربية أو الصديقة ولكنه كان اتكاليا.. عديم التصور.. ضيق الأفق.. ينتظر أن تأتيه المساعدات تلقائيا .. كان همه محصورا في كيف يجلس باستمرار على مقعد رئاسة الوزراء معا.. لذلك وجه كل همه نحو الصراع السياسي في المنطقة.. والاحتفاظ بمقعده .. ضاربا بالدبلوماسيه عرض الحائط!!
وللحديث بقية وهو ذو شجون وإلى اللقاء في الحلقة (17)
*- للإطلاع على الحلقة الخامسة عشرة : أضغــــــــط هنــــا