وكأن الخوف من الهزيمة ريح صرصر عاتية، لا اتقاء منها إلا بالحذر الشديد، والاختباء في بروج مشيدة، لكن هل تمنع هذه البروج حدوث الهزيمة، أم هي عاجزة عن ذلك، تماما كما عجزها عن منع الموت؟!.
في النصر أغلقت الأبواب، أغلقت بإحكام، في وجوه الجماهير، وأعضاء الشرف، وقيل لهم في رسالة نصية بثت من جوال النادي "نقدركم .. ونحترمكم، لكن لا تحرجوننا"، فيما الأبواب في الهلال لم تغلق "رسمياً" في وجه أحد حتى الآن، الأبواب والقلوب ما زالت مفتوحة، ربما لأنه لا يوجد في النادي العاصمي ما يستحق أن يُخفى، خصوصاً بعد التعثر المؤذي البارحة تحت أقدام الشباب بثلاثة أهداف، سجلت برأس تلو رأس، فالدفاع مكشوف، والمحترفين الأجانب انكشفوا .. والنهاية السعيدة تبحث عمن يكتشفها قبل أن يُكشف عنها الغطاء.
في الهلال، لا شيء غير "الغضب" يرتفع رصيده في القلوب الزرقاء الحانقة على الرئيس، والمدرب، ونصف اللاعبين، بسبب الإسراف في إهدار النقاط، وشحّ العزيمة على الفوز، فيما الرصيد في خزينة الجار اللدود يزداد مليوناً في أعقاب المليون .. ستة ملايين من "الاتصالات السعودية"، ومليونين ونصف المليون من "ماسا"، ومليون ونصف المليون ريال من عضو الشرف الهلالي الذي تحوّل فجأة ليصبح عضو شرف نصراوي.
في النصر، النشوة بلغت ذروتها، والثقة في الفوز توشك أن تصبح عقيدة، لكن اللاعب اليوناني الجديد ما زال عالقاً، بين قرارين "مقبول" أو "مرفوض"، أما أيوفي الذي بكى مرة من الألم ومرة من ضياع الأمل .. وظن النصراويون في المرتين أنه يبكي على فراقهم، فليس أمامه سوى أن يلّم عكازاته وضمادته ووخزات الوجع في قدمه، ويقفل عائداً إلى بلاده، في انتظار أن يرجع إلى الرياض يوما ما (ربما مدرباً)، أما في الهلال فالحسرة تأكل قلوب المشجعين، على الذين غادروا البيت الأزرق فتصدعت جدرانه من بعدهم، ليس سامي الجابر أولهم، ولن يكون عادل هرماش الأخير، وهو ما ترجمه هلاليون في تغريدات ساخرة تتخلص من الحزن الذي يضج في صدورهم بأن يزرعوا له جناحين، ثم يطلقونه في سماء "تويتر" على هيئة نكات وتعليقات ساخرة، يُذرف الدمع في بعضها من شدة الضحك: "اكسروا رجل عبدالله الزوري .. وأنا أشتري له جهاز آيباد"، "أيها الزعماء لا تحزنوا ولا تقلقوا .. هذا الموسم خسرنا الدوري، وأحمد الفريدي، وأسامة هوساوي، .. وكسبنا لاعبا كبيرا، هو محمد مسعد"، "عادل هرماش، واحسرتاه عليك، خذلتك الإدارة بعدما كنت اللاعب الأفضل".
في الهلال .. اجتمع أعضاء شرف على مائدة عشاء أول يوم هذا الأسبوع، وفي النصر أعضاء الشرف، مازالوا في ألد الخصام .. ولا أيدٍ ستوضع مصافحة لأيدٍ صفراء أخرى قبل أن تتوسط الكأس مجلس الرئيس.
في الهلال، هناك من يقول للرئيس الأمير عبدالرحمن بن مساعد "ارحل"، و"انج بنفسك .. قد تكون كبش الفداء يوم الجمعة"، و"شبيه الريح .. وش باقي من الآلام والتجريح" .. لكن على نقيض هناك من يقول: "الهلاليون الذين يطالبون برحيل رئيس النادي، إما أنهم أغبياء أو دخلاء"، و"رحيل عبدالرحمن بن مساعد الآن .. سيذبح الهلال"، و"النصراويون محروق دمهم من عبدالرحمن بن مساعد، يريدون أن يرحل بأي شكل، يعتقدون أنهم أوصياء على الهلال، لكن ألاعيبهم لن تنطوي على من يفهم".
أما في النصر، فالرئيس الذي صرخوا في وجهه أمام بوابة النادي وفي المدرجات، قبل أشهر: "ارحل .. لا نريدك"، يصيحون الآن في وجهه: "خلّك .. ما نبي غيرك".
"نحن عندما نجد أنفسنا في المركز الثاني نقول: "تراجع الهلال .. وأنت عندما تصل إلى المركز الرابع تحتفل وتقول عاد العالمي" .. هذا ما يقوله هلاليون لخصمهم.
"النصر، ليس قوياً .. ولا يمكن اعتباره نداً، كل ما في الأمر أنهم محظوظون، شاهدوا مباراتهم الأخيرة مع الهلال لتعرفوا كيف فازوا" .. هذا ما يقوله هلاليون عن خصمهم.
"على الرغم من أنه يعيش في أسوء حالاته منذ تأسيسه ما زال ينافس .. سيلعب على نهائي كأس ولي العهد، وما زال في المراكز الأولى للدوري .. إنه الهلال" .. هذا ما يقوله هلاليون لأنفسهم.
"الهلال كان قاسياً على خصومه، لكن الآن أصبح قاسياً جداً على عشاقه .. المستويات والنتائج مرهقة، ومخجلة" .. هذا ما يقوله هلاليون عن أنفسهم.
"كنا ننتظر هذه اللحظة منذ سنوات .. الآن سيعرف العالم كل العالم من هو البطل الحقيقي، ومن هو بطل الحكام واللجان" .. هذا ما يقوله نصراويون لخصمهم.
"الهلال يخدر خصومه إعلامياً، ثم يجهز عليهم في الملعب .. احذروا إعلامهم ولا تنطلي عليكم أكاذيبهم يا نصراويين" .. هذا ما يقوله نصراويون عن خصمهم.
"لسنا أقوى من الهلال، ولا نملك تاريخه من البطولات، لكننا أشد حاجة منه إلى الفوز، إنه يعني لنا بداية حياة جديدة، ولهذا السبب سنفوز" .. هذا ما يقوله نصراويون لأنفسهم.
عاد النصر للمنافسة فعاد ممدوح بن عبدالرحمن بن سعود ليبحث عن الأضواء .. هذه هي عادة أعضاء شرف النصر، لا يدفعون ويجيدون (الترزز)" .. هذا ما يقوله نصراويون عن أنفسهم.