اسقاط الدولة الجنوبية يسقط مشروعية الجهاد

2015-07-09 12:14
اسقاط الدولة الجنوبية يسقط مشروعية الجهاد
شبوة برس - متابعات - عدن

 

كثر الحديث مؤخراً عن التأصيل الشرعي لقتال الحوثي وحلفائه ، حتى أصبح هذا الجانب باب من أبواب تمزيق الجنوبيين أكثر مما هم فيه . . . وأصبح بعض الأخوة الملتحين يخاطبوننا باستعلاء شديد ، لأنهم يعتقدون أنهم يجاهدون في سبيل الله ، ونحن نقاتل من منظور سياسي انفصالي دنيوي ضيق...؟

 

وهذه الرؤية التي يرونها غير صحيحة .

فحب الوطن من الإيمان ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم هجرته مخاطبا مكة {والله إنكِ لأحب الديار إلى نفسي لولا إن أهلكِ أخرجوني} ، ، وقد نجد في نهاية البحث أن قتالنا من أجل التحرير والاستقلال هو الجهاد الحقيقي وقتال الآخرين ليس كما يقولون .

 

مع التنبيه في بداية المقال أنني لست فقيه في الدين ، ولا طالب علم شرعي ، فأنا من عامة الناس ؛ أقرأ أحياناً أقوال الفقهاء كما يقرأ غيري ، من باب التثقيف الشخصي في الأمور الدينية . . . وعندما أنقلها في مقالي هنا فأنا أنقلها من باب الاستئناس لتوضيح رأيي ، وليس من باب الاحتجاج الشرعي على أصحاب الأقوال الأخرى .

 

الشيء العجيب أنَّ الحوثي يقول كذلك أنَّه يجاهد في سبيل الله...!!! عموماً لايهمنا ما يقول ؛ فلو قبلنا له الحد الأدنى من الحجة الشرعية والأخلاقية في غزوه بلادنا ماقاتلناه إبتداءً . . . هناك شيء يجمع بين الحوثي من طرف ، والإصلاح وسلفيي الإصلاح ودماج من الطرف الآخر يجعلهم يعطون أنفسهم القداسة الدينية وينفونها عن غيرهم...؟

 

والمشكلة في التأصيل الشرعي لشركائنا في الخندق ، هي ؛ أنَّهم لا يرفعون نوعاً واحداً من أنواع الجهاد...؟؟ .. فبعضهم يقول جهاد دفاعاً عن الدين والوطن والعرض والمال ، والبعض يقول جهاد أعداء الله ورسوله ، وبعضهم يقول جهاد الفئة الباغية الخارجة على ولي الأمر ، والبعض يقول جهاد دفع الغازي ..... إلى آخره مما يقال .

 

وفي هذا المقال سنكتفي بتناول النوعين الرئيسيين من الجهاد ، الذي يقول به الأخوة السلفيين . . . الفريق الأول منهم يقول ؛ أنَّهم يجاهدون مع ولي الأمر الرئيس هادي ضد الفئة الباغية الخارجة عليه وهو الحوثي . . . والفريق الثاني يقول : أنَّه يجاهد جهاد الدفع ضد العدو الغازي . . . ولا نستطيع معرفة أيُّ الرئيين على صواب إلَّا بوضعها على ميزان أقوال العلماء المعتبرين عند الأمَّة...؟

 

الفريق الأول ؛

وبوضع رؤيتهم على ميزان أقوال العلماء المعتبرين نجدها تتعارض معها ؛ فالعلماء يقولون بتلبية دعوة ولي الأمر للجهاد ضد الفئة الباغية الخارجة على الجماعة طالما والبلاد بيده ، ولكن إذا تغلب هذا الخارج على ولي الأمر ، وهرب ولي الأمر ، وسيطر هذا الانقلابي على السلطة وجب التوقف عن قتاله فهو ولي الأمر الجديد "بالغلبة" و له السمع والطاعة .

وقد وجدت أثناء بحثي نصوص منسوبة لعلماء كبار أنقل منها التالي ؛

- قال الحافظ بن حجر -رحمه الله تعالى- (وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب ، والجهاد معه ، وأن طاعته خير من الخروج عليه ، لما في ذلك من حقن الدماء ، وتسكين الدهماء) فتح الباري ( 13 / 7 ) .

 

- وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : (الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان ، له حكم الإمام في جميع الأشياء ، ولولا هذا ما استقامت الدنيا) الدرر السنية ( 7 / 932 ) .

 

وعليه ؛ فالحوثي سيطر على العاصمة صنعاء وأكثر من ٩٠٪ من مساحة اليمن (ج ع ي) خلال يوم واحد بدون قتال يستحق الذكر ، وولي الأمر الذي خرج عليه -عبدربه- هرب ومعه كل سلطته في أول يوم . . . وعلى ذلك وجبت للحوثي على الناس السمع والطاعة حكماً .

 

الفريق الثاني ؛

الذين يقولون أنهم يجاهدون جهاد الدفع ، وبوضع رؤيتهم على أقوال العلماء ، نجده متوافق مع كلام العلماء ولكن بشرط أن يكون الجنوب قطر عربي مسلم مستقل عن القطر الشمالي . . . فإذا اعترفوا أن الجنوب قطر عربي مستقل تحقق الشرط وأصبح جهادهم صحيح "جهاد لدفع هذا الغازي" دون الحاجة لوجود ولي الأمر ، ولا لدعوة للجهاد منه .

 

وحتى لو سيطر العدو الغازي على كامل البلاد فلاسمع له ولا طاعة ، بل يستمر الجهاد ضده حتى يتم إخراجه من كل أراضي القطر .

 

وقد وجدت نص منسوب للقرطبي يقول فيه : (إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار، أو بحلوله بالعقر، فإذا كان ذلك ؛ وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافًا وثقالاً ، شبابًا وشيوخًا ، كل على قدر طاقته ، من كان له أب بغير إذنه ، ومن لا أب له ، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثر)

 

وهنا أضع ملاحظة قد لا أكون الوحيد الذي أدركها وهي ؛ أن الفريق الأول هو ذلك الفريق الذي يقوده الإصلاح وسلفيون شماليون ، وأغلبهم من دماج . . . وقد يكون هذا هو الجامع بين الحوثي وبينهم "أنَّهم شماليوا الأصل أو شماليوا الهوا" . . . بينما الفريق السلفي الثاني ؛ هم جنوبيون وبقيادة جنوبية ، وهم مثلنا منع عنهم تسليح ودعم التحالف العربي .

 

مما سبق يمكن للمراقب أن يقول ؛ لاتوجد أي شرعية دينية لقتال الحوثي بعد أن سيطر على السلطة بالغلبة وسيطر على أغلب البلاد إلَّا بشرط واحد أن يكون من يقاتله في الجنوب مؤمن بأن الجنوب قطر عربي مسلم تعرض لعدوان وغزو من قطر آخر .

 

وهذا الشرط متوفر عند المقاومة الجنوبية ؛ حتى لو كان أفرادها لايصرحون بالإسم الشرعي لقتالهم ، واكتفوا بوسم سلطة صنعاء بالاستعمار فهذا يكفي ليفهم منه الإسم الشرعي وهو "جهاد الدفع" . . . ولن يفهم منه نوع ثاني من أنواع الجهاد .

 

عندما كانت القنوات الفضائية تتصل بي بداية الحرب ، كنت أضع شعار الحرب مقصور بثلاث كلمات هي (نحن في معركة دين ووطن وشرف) . . . وعندما كنت أقابل الناس وتسألني عن شرحها...؟؟

 

كنت أقول لهم : الحراك الجنوبي وجناحه العسكري "المقاومة الجنوبية" يعتقدون بأنَّ الثورة الجنوبية هي "جهاد دفع" ؛ ليس منذ ٢٥ مارس ٢٠١٥ بل منذ قرر شعبنا العظيم أن الوضع وضع احتلال وليس وحدة في ٧-٧-٢٠٠٧ . . . ومن هذا التاريخ ونحن نجاهد -جهاد الدفع- سلمياً لتحقيق التحرير والاستقلال ، حتى فرض علينا القتال شركاء الإحتلال -سلطة ومعارضة- في هذا العام -٢٠١٥- فقاتلنا .

 

وسوف ننتصر ، الشعوب الحرَّة تنتصر ؛ قد تطول المعركة ؛ وقد يطول التخبط الفكري ؛ وقد تطول سيطرة الإصلاحيين والسلفيين الشماليين على قرار المقاومة في عدن ، ويستمر التحالف في ضخ الأموال والأسلحة إلى مخازنهم ويستمر حرمان المقاومة منها . . . وقد تطحن رحى هذه الحرب كل المرابطين اليوم في الجبهات ؛ لكنَّ شعبنا في نهاية المطاف سوف ينتصر ، فالشعوب العريقة تستطيع أن تصمد أمام كل ذلك ، وشعبنا أعرق شعوب الأرض . 

 

طيَّب الله ثراك ياوطني بدماءٍ زكية وحماك من كل شر .......

 

* بقلم : عبدالسلام بن عاطف جابر - ناشط وكاتب