قحطان الشعبي , عبدالفتاح اسماعيل الجوفي, سالم ربيع علي ,محمد علي هيثم, علي عنتر, فيصل عبداللطيف الشعبي
وقعت "الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل " كما سمت نفسها وثيقة الاستقلال منفردة في 30نوفمبر 1967م ويمننة الجنوب العربي بمسمى "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية"!!
ورفعت الجبهة شعار : " كل الشعب قومية " وأقصت كافة الأحزاب والمنظمات.. وتنازلت عن التعويض البريطاني المستحق لشعب الجنوب كتعويض عن قاعدة عدن مبلغ 60 ( مليون جنيه استرليني )مقابل استلام الحكم !!!
وقامت بالتواطؤ مع بريطانيا بملاحقة كافة الرموز الوطنية من حكام وقادة احزاب سياسية حتى من ساهم منهم في استقلال الجنوب العربي.
وكان اختيار التسمية للجمهورية الوليدة الإقرار بأن (الجنوب) كان جزءا من كيان (اليمن) رغم عدم وجود كيان سياسي يطلق عليه اليمن يجمعهما !
ورفعت الجبهة القومية شعار "النضال من أجل تحقيق الوحدة اليمنية " الذي كان المسمار القوي الذي دق في نعش الجنوب العربي كتاريخ وهوية !!
اتخذت الدولة الوليدة طابع التطرف وبدلا من حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الملحة هربت الى الشعارات الايدلوجية!!
وانقادت للعنصرين اليمني والفلسطيني وخضعت للجناح اليساري الماركسي وقد كان يقود هذا الاتجاه (العنصر اليمني ) الذي زرع التفرقة والخصومة والتنافريين العناصر الجنوبية حتى داخل الجبهة القومية، وتمكنوا من السيطرة على مفاصل الدولة وأركانها الأساسية مستغلين سذاجة وطيبة العناصر الجنوبية ومثاليتها في العمل الوطني والوحدوي،.
وتمكنت العناصر اليمنية من تأجيج نار الصراعات والثارات بين الجنوبيين وبدأوا بالانقضاض اولا على المؤسسة العسكرية : الجيش، والأمن ، باعتبار منتسبيها جميعا من رجال الجنوب وتمثل ذلك في مؤتمر زنجبار عام 1968م،.
وبدأ عمليا في 14مايو 1968م عندما تمرد يسار الجبهة القومية بقيادة سالم ربيع علي وعبدالفتاح اسماعيل وعلي عنتر على القيادات العسكرية والأمنية وطالب بجعل جماجمهم منافض للسجائر و جلودهم أحذية كما رددوا ذلك في شعاراتهم البغيضة بعد المؤتمر الرابع للجبهة القومية وقابلت القيادات العسكرية ذلك بحركة 20 مارس!!!
وأودعت معظم قيادات يسار الجبهة القومية السجون بما فيهم البيض وعبدالفتاح اسماعيل ..!
الا انهم تمكنوا من دق اسفين الخلافات والصراع المناطقي واحياء النعرات في الجيش والأمن بين العوالق ودثينه !!!
مما أدى الى اعتقالات وتصفيات في تلك القوات لصالح قيادات اليسار..
وعندما شعر العوالق بالخطر قاموا بحركة 22 يوليو 1968م وطالبوا بالوحدة الوطنية، بالتنسيق مع ابناء ردفان والصبيحة، وقوبلت تلك الحركة بقمع الجيش والأمن ومن ثم اقصاء من تبقى من العوالق وردفان والصبيحة من مؤسستي الجيش والأمن، مما أدى الى ثورة مسلحة ضد حكومة الجبهة القومية انهك الجيش خلالها من الأعمال الحربية التي استمرت من 22يوليو 1968م حتى نهاية شهر سبتمبر1969م في كور العوالق...!!
وكان من نتائجها عودة يسار الجبهة القومية من تعز بقيادة ربيع وعلى اثرها حانت الفرصة ليسار الجبهة القومية للتخلص من بقية العناصر الجنوبية الأخرى في الجيش والأمن من دثينه وغيرها..
وأثمر ذلك الصراع عن قيام حركة 22 يونيو عام 1969م بقيادة سالم ربيع ويسار الجبهة القومية وتم اقصاء الكثير من العناصر الجنوبية عن الحكم وتمت تصفية قحطان الشعبي وابن عمه فيصل الشعبي ومعهم الكثير من الكوادر الجنوبية السياسية والعسكرية..!!
واشتدت القبضة الحديدية على العناصر الجنوبية الفاعلة في الجنوب حين كان (محسن الشرجبي) على رأس جهاز أمن الثورة وهو " يمني" .
وجرت ابشع انواع الاغتيالات السياسية تحت مسمى "فرسان القبائل" في كافة انحاء الجنوب، كما تم تصفية الرموز الدينية والوطنية من كافة شرائح المجتمع، وتمت ملاحقة المشتبه في ولائهم، وتم طرد مئات العائلات ومصادرة أكثر من 65 الفاً من بيوت المواطنين في عدن، وآلاف المزارع الخاصة للمواطنين الجنوبيين وحتى قوارب الصيد !!!
وخرجت المسيرات المؤيدة لإجراءات التأميم التعسفية التي ادارها الحزب بإشراف سالم ربيع والتي طالت المؤسسات الاقتصادية والخد مية الخاصة وتحويلها الى ملكية الدولة !!
وتم توصيف الصراع بين الجنوبيين بقيادة قحطان وربيع بأنه بين اليمين واليسار في الجبهة القومية وتم تصفية الالاف من ابناء الجنوب سواء داخل الحزب ام خارجه !!
وكل تلك الممارسات الاجرامية كانت تجري خارج القانون او بمحاكمات صورية بتنفيذ وزارة أمن الدولة !!
وتم قتل الكثير من المواطنين الأبرياء في مسيرات جماهرية من قبل عناصر الجبهة القومية كما حدث في مدينة نصاب بالعوالق عدما تم تصفية أكثر من 20 رجلا من دولة العوالق والسادة آل الحداد وعلى رأسهم العلامة الشهير السيد احمد بن صالح الحداد عام 1972م!!
وكان على رأس تلك الجموع علي شائع هادي وحسن احمد باعوم وبمباركة سالم ربيع !!
وتبع ذلك تصفيات جسدية طالت الدبلوماسيين الجنوبيين عندما تم تفجير طائرتهم وهم في طريقهم الى حضرموت في 30ابريل عام 1972م واغتالت الأيدي الآثمة 22 من رجال السلك الدبلوماسي الجنوبي والمثقفين والأدباء من ابناء الجنوب العربي في حادثة الطائرة الملغومة ومنهم:
محمد صالح عولقي، ونور الدين قاسم، وعبد الباري قاسم، وسيف احمد الضالعي ، محمد ناصر عبيد، عبد القادر أحمد ناصر السلامي، ومحمد عبدالولي والعشرات من الكوادر الجنوبية !!
وطالت حملات القمع والترويع الاف المواطنين الجنوبيين حتى فر معظمهم من بلادهم !!
وبدأت مرحلة اخرى قادتها العناصر اليمنية في 26 يونيو عام 1978م وهي سلسلة متعاقبة لتصفية القيادات الجنوبية وزرعوا التنافر والشكوك بين العناصر الجنوبية تحت شعار المناطقية التي تتعارض مع فكر الاشتراكية العلمية تحت شعار الصراع الأيدلوجي بين اليسار المغامر واليسار الحقيقي، وتمت تصفية سالم ربيع علي لاحقا والعديد من القيادات الجنوبية بصورة فجة بعيدة عن الأعراف والأسس القانونية بذرائع واهية، بعد أن تبين لهم ان سالم ربيع قد بدأ في مراجعة نقدية لذاته وفكر في البدء بتغيير سلوك النظام السياسي برمته.
والى اللقاء في الحلقة الثالثة.
* بقلم : د علوي عمر بن فريد العولقي
* للاطلاع على الجزء الأول : اضغـــــــط هنـــــا