الرئيس قحطان الشعبي ينحني تحية للورد شاكلتون في مفاوضات الاستقلال أواخر نوفمبر 1967م
عندما بدأ شعب الجنوب العربي يشكل ملامح هويته الواحدة المستقلة وهو يرزح تحت الاحتلال البريطاني حصرها مبدئيا في الآتي:
1- شكل نخبة من الطبقة المتعلمة و المثقفة من أبناء الجنوب العربي عام 1951م أول حزب سياسي اطلق عليه مسمى "رابطة الجنوب العربي" ومن أهم أهدافه دمج كل السلطنات والامارات في كيان واحد اسمه " الجنوب العربي".
2- اسس حكام الجنوب العربي العام 1959م كيانا سياسيا جديدا تحت مسمى "اتحاد الجنوب العربي" ومثل خطوة متقدمة لبناء دولة عصرية وحديثة, وكانت تجربة سياسية فريدة وناجحة قام بتدشينها سلاطين وأمراء الجنوب العربي وانضمت اليه معظم الامارات بما في ذلك ولاية عدن.
وفي ظل الاحتلال البريطاني شهدت عدن تطوراً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً وتحول الجنوب الى منطقة جذب لكل الجنسيات، واكثرها العناصر اليمنية، فمنهم من وفد للبحث عن مصادر للرزق، ومنهم من وصل هرباً من ملاحقات سياسية خلال العهدين: الملكي والجمهوري، ومنهم المهشمون والمتسولون وبعد تكاثر هذه المجموعات تحولت الى قنابل موقوته ومدمره لهوية شعب الجنوب العربي، ولم تنصهر في المجتمع الجنوبي كالهنود والصومال وغيرهم.. بل سيطرت هذه المجموعات على النقابات والأحزاب السياسية في القيادة والقاعدة، واستخدمت سلاحاً رائجاً في الخمسينات والستينات من القرن الماضي وهو النزعة القومية العربية، والوحدة العربية، وسعت بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م التي قامت في اليمن الى تركيز حملتها على:
- شن الحملات الاعلامية الرخيصة على رابطة الجنوب العربي
- تشويه صورة سلاطين وامراء الجنوب ووصمهم بشتى انواع السباب والشتائم الحقيرة للانتقاص من مكانتهم كرموز تاريخية للجنوب العربي.
واستغلت تلك العناصر اليمنية المد القومي العربي وشعاراته الرنانة من خلال خطابات جمال عبد النصر ، وسحبت زمام المبادرة من الجنوبيين لصالح العنصر اليمني، ومصادرة التاريخ وهوية الجنوب العربي ويمننته، وساعدها في ذلك الخطاب، اذاعة صوت العرب ومديرها احمد سعيد و ثورة يوليو في مصر عام 1952م والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، وصعود الناصرية وثورة العراق والجزائر، واستغلال الخطاب القومي العربي بكل مفرداته للانقضاض على هوية وتاريخ شعب الجنوب العربي، واتهام حكامه ورموزه الوطنية بالخيانة والعمالة من خلال وسائل الإعلام الناصرية – اليمنية.
ومن ناحية أخرى فقد تسربت العناصر اليمنية في عدن من خلال انتشارها وتكاثرها في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى العديد من الأحزاب القومية مثل : حركة القوميين العرب، حزب البعث العربي الاشتراكي، الحركة الناصرية وغيرها !!
وبدأت بفرض هويتها اليمنية على الجنوب العربي، وساعدها في ذلك غياب الوعي والرؤية السياسية لدى الشباب المغامرين من ابناء الجنوب الذين تصدروا العمل السياسي و انقادوا لعواطفهم مما أدى الى تخليهم عن هويتهم الجنوبية وارتضوا بمسميات الحاق وطنهم باليمننة فظهرت وراجت في تلك الأيام الشعارات في ادبيات الجبهة القومية مثل كلمة " الجنوب اليمني المحتل" وفي الوقت نفسه كان للوجود المصري في اليمن ابان الحرب الأهلية بين الملكيين والجمهوريين دوراً بارزاً عندما أراد عبد الناصر توجيه ضربة انتقامية لبريطانيا وطلب منها ان تحمل عصاها وترحل عن الجنوب المحتل !!!
في حين بدأت الأجهزة المصرية بالتخطيط لضرب الوجود البريطاني في الجنوب بهدف الاستقلال الوطني في حين ان بريطانيا قد اعلنت انها ستمنح الجنوب العربي استقلاله الكامل مطلع يناير عام 1968م!!
وانساق المئات من القبائل والمكونات الجنوبية تحت تأثير الدعاية الناصرية التي ألهبت حماسهم والتحقوا بجبهات القتال في اليمن للدفاع عن ثورتها، واستغلت الأجهزة المصرية تلك المجاميع واوعزت اليها البدء في احداث القلاقل في الجنوب والتقت مصالح المصريين مع اليمنيين للانقضاض على الهوية الجنوبية، وتمثل ذلك في الميثاق الوطني للجبهة القومية ( لتحرير الجنوب اليمني المحتل ) في 22 يونيو 1962م!!
وتم خلالها سيطرة العنصر اليمني على الجبهة القومية سواء في تعز اوعدن ، وادعت الجبهة القومية قيادة العمل المسلح وتسلقت على أكتاف قبائل ردفان في حادثة الاشتباك المسلح الذي حدث بين تلك القبائل والانجليز صبيحة 14 اكتوبر عام 1963م والذي استغلته الماكينة الاعلامية المصرية القوية آنذاك وروجت لقيام الثورة بقيادة الجبهة القومية ضد البريطانيين مع احترامنا للنفوس الزكية التي قضت في تلك المعركة من ابناء ردفان والضالع بالذات،
منظمة التحرير التي تشكلت في مطلع 65 من الرابطة وحزب الشعب اﻹشتراكي برئاسة الفقيد عبدالله اﻷصنج والمستقلين.. وجبهة التحرير تشكلت في13 يناير 66 من جزء من منظمة التحرير ماعدا الرابطة وجزء من الجبهة القومية بترتيب من مصر.
وحاول عبد الناصر دمج الجبهتين في كيان واحد عام 1966م ولكن الدمج القسري الذي حاول عبد الناصر التوافق عليه فشل، مما أدى الى " الحرب الأهلية في نوفمبر عام 1967م، والتي انتهت بهزيمة جبهة التحرير مما أسس لادعاء الجبهة القومية انها الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجنوب، وقلبت ظهر المجن للثوار الحقيقين !!!
كذلك استصدرت الرابطة قرار اﻷمم المتحدة في مايو 1963م باستقلال الجنوب ...وتشكيل حكومة منتخبة من شعبه تحت اشراف اﻷمم المتحدة لتستلم السلطة من بريطانيا.
وفي جنيف تفاوض وفد الجبهة القومية مع البريطانيين على الاستقلال واعلن مسمى الجمهورية الوليدة "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" وكان العنصر اليمني حاضرا وممثلا في شخص عبد الفتاح اسماعيل اثناء توقيع وثيقة الأستقلال وبدلاً من أن يتم الاحتفال بعيد الاستقلال لدولة الجنوب العربي تبين لاحقا اننا اضعنا هويتنا وتاريخنا منذ ان فرطنا بمسمى الدولة الوليدة
التي حملت اسماً ممسوخاً ومشوهاً لا يمت للأض والإنسان في الجنوب العربي بصلة.
والى اللقاء في الحلقة الثانية.
د علوي عمر بن فريد العولقي