عندما يأتي مَن يأخذ مجهودك عنوة، تكون المرارة كبيرة، لا تتجاوزها مرارة، إلا حين يكون هذا الجهد الذي قمت به هو نيابة عن الذي أخذ منك جهارا نهارا كما فعل مكتب الأوقاف بعدن الذي زعم أنه هو من قام بترميم مسجد الشيخ أحمد بن علي العراقي بالتواهي، وهو العمل الذي قامت به مشكورة مجموعة من الشبان المتطوعين الغيورين على آثار وهوية عدن!.
يتم التعاطي من قبل بعض القوى اليمنية مع العمليات الإرهابية وفقاً لهوية الضحية وانتماء الجاني، فآخر عمليتين تعرض لهما الجيش اليمني (مساء أمس الأول) الثلاثاء 9 ديسمبر الجاري، كانت الأولى في الضالع نسبتها وسائل إعلام صنعاء للحراك الجنوبي السلمي، وهي التي درجت على اتهام الحراك الجنوبي بمثل هكذا تهم بعد دقائق من كل عملية.
واحتفاء ذلك الإعلام بتلك العملية ليس تضامنا مع الضحايا المفترضين من الجنود بل هو احتفاء بإيجاد الفرصة لإلصاق التهمة بالحراك الجنوبي، وخصوصا في هذه الظروف الدقيقة.. وبالمقابل لم تحظ العملية الإرهابية التي أودت بالعشرات من الجنود في حضرموت بين قتيل وجريح يوم (أمس الأول) الثلاثاء والتي اعترف تنظيم القاعدة بمسئوليته عنها ذاكراً اسم الانتحاريين، لم تحظ بربع ما حظيت بها عملية الضالع المفترضة، مع أن القاعدة قد اعترفت بجريمتها، ومع ذلك اعترت ذلك الإعلام حالة من الصمم والعمى!.
وعلى ذلك نتذكر كيف يتناول هذا (الإعلام الأعور) موضوع ضحايا مجزرة سناح بالضالع قبل قرابة عام على فداحة تلك المذبحة بأسلوب ضحل ومسوّف، ومثلها كان التعامل مع مذبحة 21 فبرايرعام 2012م في خورمكسر، وقبلها مذبحة زنجبار والمكلا وغيرها وغيرها، ولا يحتاج أحد منا أن يتذكر أيضا كيف يتم التعامل مع ملف جرحى وشهداء الثورة الجنوبية الذين يحولهم ذلك الإعلام من ضحايا إلى جناة ليقتلوهم مرتين، مرة بالرصاص ومرة بالتشهير، مقارنة مع جرحى ثورة الحصبة والستين الذين يرفلون في تركيا وألمانيا والأردن، فهذه أدلة قاطعة تعرض نفسها أمام العيان، ليس أقلها ما قالته رئيسة صندوق رعاية أسر الشهداء والجرحى بصنعاء السيدة سارة عبدالله حسن من أن “بقاء بعض الجرحى في تركيا أصبح غير مبرر، وأن الصندوق قد أرسل لبعض الجرحى الموجودين هناك ستة آلاف دولار”.. ويحدثونك عن الوحدة والمساواة.
المؤسف أن ترى بعض القوى اليمنية أو على الأقل تلك التي تناصب جماعة أنصار الله الخصومة ومعها اليوم دول الخليج كما ورد في بيانها الختامي الصادر عن قمة الدوحة يوم أمس الأول الثلاثاء لا يجدون أي حرجا ولا غضاضة بتوصيف تواجد أنصار الله في صنعاء وباقي المحافظات الشمالية بأنهم (قوة احتلال) مع أنهم (أي أنصار الله) متواجدون في مناطقهم، ونجد بالمقابل بعض الجنوبيين يتملكهم الخوف ويستبد بهم الرعب إذا سمع كلمة احتلال شمالي للجنوب، ناهيك عن الهلع الذي يغشاه إذا طُلب منه المشاركة في فعالية جنوبية ورفع علم الجنوب، أو يتحدث عن احتلال النهب والإقصاء.. والغريب في الأمر أن تجد من بعض الشماليين الجرأة وهم يعرفون الوضع في الجنوب منذ عام 94م بأنه احتلال.
ومن يود أن يعرف أسباب هذا الوضع وهذا (الزمن المخلبص) ـ حد وصف الشاعر الراحل عبدالله البرودني - في الجنوب فسيجد أن قيادات (الغفلة الجنوبية) تقف خلفه بقصد أو بدون قصد، وإن لم يكن بشكل كلي.