بسم الله الرحمن الرحيم
وعادت الأيام بغصة وفرحة .. غصّة لرحيل فارسها الذي لم تقرعينه بعودتها ... وفرحة بانتصار الكلمة المنحازة للحق مهما اشتدت دياجير الظلام وطغيان الفراعنة ومهما مجّد "الدواشين" قبحهم وزيّنوه.
كانت آخر قوة ممانعة الجنوب عندما سلبوه كل مقومات الممانعة التي تدفع الحد الأدنى من الظلم ، فدافعت ودافع عميدها ،فدفع الثمن من ماله وصحته وأمنه ولم ينتظر من الجنوب تعويضا ماديا، لكنه نال من قلوب أبنائه المحبة والتقدير . عودة تفتقد كاريزما هشام باشراحيل وفروسيته ، أمامها تطوير إرثه وانحيازه للكلمة المهنية الداعمة للحق الذي تأسست مصداقيتها وجماهيريتها من انحيازها له فلم تخشَ السيف الذي ترصّدها مرات ليقطع رأس الحق فيها .
عادت والرئيس في صنعاء جنوبي إلى جواره قوى جنوبية تدعمه..وأغلبية جنوبية تخاف منه وتخاف عليه ، فصنعاء غادرة وقواها فاسدة متآمرة ماكرة لا ترعى عهدا ولا تحفظ ذمة لن تتقبل من نسمات العصر الا ما يحمي مصالحها ولن ترضخ لفكرة الدولة ناهيك عن دولة مدنية ، وتخاف منه لأن صنعاء لا تريد الا أن تطبّع به مخرجات حرب 1994م .
عادت الأيام والحراك الجنوبي عملاق بلا قوائم، تحمله هيئات وزعامات مثل أرجل أم أربعة وأربعين تغلغلت فيها الأنانية ومكر أعدائه فتكاثرت وتنافرت لزعامة وطن مازال في فم الأسد .
عادت الأيام والسماء قد انفتحت والأرض انكشفت للطيران الأمريكي فيصيب هدفه مرّة ويحرق الأبرياء مرات..في مرحلة تضطرم بصراع منه المعلن واغلبه خفي يديره ضد المستقبل ثالوث دولة صنعاء الفعلية: القبيلة وعسكرها وقوى من إسلام قبلي بشقيه السني والزيدي، ثالوث يملك الثروة وكل مفاصل السلطة والعسكرة ، دينه ووطنه "ديوَلته " وحماية مصالحه امّا أدواته فمتعددة يخلط فيها الدين بالدنيا، خلطة تآمر وأحزاب وإعلام ومال وفتوى ودراسات ومنظمات ومنها إرهاب رعاه ليمسك به الجنوب ، وانتشار عسكره حتى بقيادات جنوبية لن يجتثه بل سيمسك بهم الجنوب ، ومنها بعض مدارس سلفية سينمو فيها تطرف وتكفير لأنها تحصر الإسلام في "جيتوهات" تعتبر ما خارج أسوارها جاهلية يجب مفارقتها لحفظ الدين!! ومنها اخوانية ، خزان إرهاب، تدين المليشيات!! و تدير مليشياتها في مفاصل السلطة، و تتبرأ من الأخوان تقيّة وتدغدغ الجوار بأنها ثغر جهاد ضد المشروع الرافضي!! .. وحوثية تضع رجلا في مضارب الزيدية وأخرى في مضارب المشروع الأمامي وتتمدد في مناطق نفوذها التاريخي بسرعة وتتغلغل بذكاء في مساحات ليست تاريخيا لها.
عادت الأيام في مرحلة لن تخلو من تلازم الكلمة والسيف لتتحمّل مسئولية إعلام لم يعد ناقل خبر بل ينتج معرفة ويشكل وعي .
* بقلم:صالح علي الدويل باراس