*- شبوة برس - العقيد/ محسن ناجي مسعد
من المؤسف أن مفهوم الإصلاح الذي تتحدث عنه الحكومة بات في نظر المواطنين مرادفًا للإفقار والتجويع والمعاناة، وليس للإنقاذ أو التصحيح. فكلما أعلنت الحكومة عن "خطوات إصلاحية"، استعد الناس تلقائيًا لمزيد من الأزمات، وانقطاع الخدمات، وارتفاع الأسعار، وتأخر الرواتب.
إذا كان الإصلاح كما يُفترض، يعني ترشيد الإنفاق ومكافحة الفساد وإعادة هيكلة المؤسسات بما يضمن كفاءة الأداء وتحسين معيشة الناس، فإن ما يجري اليوم في الجنوب لا يمتّ إلى ذلك بصلة. فالإصلاح لا يعني أن تُقطع الكهرباء والمياه عن المواطنين، ولا أن تُوقف رواتب الموظفين لأشهر طويلة، ولا أن يُترك المواطن يواجه مصيره تحت وطأة الغلاء والفقر وانعدام الأمن.
- كيف يمكن لحكومةٍ أن تتحدث عن الإصلاح وهي عاجزة عن توفير الخدمات الأساسية التي تمثل الحد الأدنى من واجباتها تجاه المواطنين؟
- هل الإصلاح يقتضي إذلال الناس في طوابير الماء والوقود، أو دفعهم للاعتصام في الشوارع بحثًا عن حقهم في الراتب الذي هو أبسط استحقاق إنساني؟
لقد تحوّل ما يُسمى بـ"الإصلاح الاقتصادي" في واقع الحال إلى غطاء لنهب المال العام ورفع الدعم عن المواطنين دون أي بدائل حقيقية، بينما يستمر الفاسدون في مواقعهم ينعمون بالامتيازات والمخصصات. فهل هذا هو الإصلاح الذي بشّرت به الحكومة؟
إن الإصلاح الحقيقي يبدأ من محاسبة الفاسدين، واستعادة موارد الدولة، وتوجيهها نحو تحسين حياة الناس، لا من تجويع المواطنين وإذلالهم. فالإصلاح لا يُقاس بكمية المعاناة التي يتحملها الناس، بل بمدى قدرتهم على العيش بكرامة في ظل دولة عادلة ومسؤولة.
إن استمرار الحكومة في هذا النهج الممعن في العقاب الجماعي لن يؤدي إلا إلى تآكل ما تبقّى من الثقة بينها وبين الشعب، وإلى انفجار الغضب الشعبي في أي لحظة. فالشعوب قد تصبر على الفقر، لكنها لا تصبر على الظلم المتعمّد وسياسات الإذلال التي تُمارس نهارا جهارا باسم الإصلاح .
وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا أمام الحكومة:
- هل الإصلاح في مفهومها هو إصلاح الدولة أم إفساد حياة الناس؟
- وهل يُبنى الإصلاح على أنقاض معاناة المواطنين، أم على قاعدة إنصافهم وتحسين أوضاعهم على كافة الأصعدة وفي شتى مناحي حياتهم.