غياب الواقعية السياسية في الخطاب الإعلامي الجنوبي

2025-09-13 20:09

 

 عرف جوناثان هاسلام الواقعية بأنها :

﴿ مجموعة من الأفكار التي تدور حول المقترحات المركزية الأربعة : السياسة الجماعية، الأنانية، الفوضى ، والقوة السياسية﴾ .

وتعتمد الواقعية على مفاهيم لتفسير تعقيدات السياسة الدولية منها " الدولة ، القوة ، المصلحة، العقلانية ، الفوضى ، الاعتماد على الذات، المخاوف الأمنية " .

هذه المفاهيم كلها تكون فاعلة مع وجود الدولة ، لكن مع عدم وجود الدولة فإن الواقعية ترتكز على الأسس الأربعة " سياسة جمعية - أنانية - فوضى - قوة سياسية " .

 

الحقيقة أن الخطاب الإعلامي الجنوبي يكاد يخلو من الواقعية ويتجاوز حدود المعقول في توزيع صكوك الوطنية وكيل الإتهامات وتمجيد الزعامات !! ويتناسى المهمة المركزية التي يجب أن يتبناها ويدافع عنها وهي ﴿ قضية الجنوب ﴾ .

حتى الخطاب الرسمي لا يرقى إلى الواقعية السياسية التي يجب أن تكون عنوان خطابه في هذا الظرف الدقيق والمتغيرات المتسارعة التي تمر بها قضية شعب الجنوب .

إن تناول الإعلام الجنوبي الرسمي للمستجدات في الجنوب يدل على غياب الوعي بالسياسة الواقعية وكيفية تسخيرها لخدمة القضية الجنوبية بعيدا عن التوصيفات وبيع الوهم الذي يخالف الواقع .

 

لننظر مثلا : مع صدور التعيينات الأخيرة التي أعلنها  الرئيس عيدروس في مناصب تتبع (الشرعية) وكذا قرارات إقالة بعض مسئولي الأراضي من قبل الأستاذ سالم ثابت ، اختلفت الرؤى وتباينت المواقف وانقسم الإعلام بين مؤيد لتلك الإجراءات ومعارض لها .. حتى وصل الحال إلى إحياء النفس المناطقي خاصة فيما يتعلق برئاسة هيئة الأراضي والمساحة بعد تعيين رئيس جديد للهيئة من قبل رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي ، وكيفية الاستلام والتسليم !! وبحضور الأمين العام للمجلس الانتقالي !!! والإحتفال الغير مبرر من قبل المقالين ، وإعلان الإنتصار على قرارات بن ثابت والعودة إلى وظائفهم السابقة في نفس يوم تعيين المهندس محمد  عبادي (و بشارات النصر !) وكأن شيء لم يكن ..

 

هذه التصرفات لاتخدم التوافق ولا تخدم المجلس الانتقالي وتتنافى مع الواقعية السياسية التي تحتاجها قضية الجنوب  وتمجد الشللية الفاسدة.

 

قضية الجنوب التي تبناها المجلس الانتقالي يجب أن تكون قضية كل شعب الجنوب ومكوناته وفئاته وكل فرد فيه .. وهي بالتأكيد ليست قضية المجلس الانتقالي وحده أو رئيس المجلس أو أي مسئول فيه بل هي قضية شعب ضحى بالغالي والنفيس في سبيل استعادة استقلاله وبناء دولته المدنية دولة النظام والقانون .

 

هنا لابد من قول كلمة : المجلس الانتقالي مكون جماهيري تشكل من خليط من أحزاب ومكونات حراكية ومواطنين مستقلين قدم الجميع شهداء في سبيل الجنوب وليس من أجل وظيفة أو أرضية أو دفاع عن فاسد في إدارة معينة أو تقاسم مراكز وظيفية في هيئة أو سلطة .. يجب أن يفهم الجميع أننا في مرحلة حساسة وحرجة وبحاجة إلى رص الصفوف وتوحيد النسيج الاجتماعي الجنوبي لما يخدم قضيته ويعلم الجميع أن كل تصرف محسوب لك او عليك فالحذر الحذر .

 

نتمنى أن نرى كل هيئات المجلس المركزية وقياداته في المحافظات متاحة لكل الكفاءات وليست حكرا على الشلة والاتباع والأقارب والمنافقين.

قلنا ذلك فإن أصبنا فمن توفيق الله وإن اخطأنا فمن المناطقيين وداعمي الفاسدين والشيطان .