النصر والتحرير هما حلم الشعوب الحرة.!

2025-05-28 19:24

 

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار الذين قدّموا أرواحهم فداءً للوطن، واجعل الجنة مثواهم، والنور طريقهم، والرضا لباسهم.

 

إن حقوق الإنسان لا تُمنح منّةً من أحد، بل تُنتزع انتزاعاً، فهي حقوق مشروعة مكفولة بكل شرائع السماء وقوانين الأرض، ولا يحق لأحد، كائناً من كان، أن يصادرها أو ينتقص منها، مهما كانت الذريعة ومهما تنوعت المبررات.

 

مطالب الشعب الجنوبي في الحصول على أبسط حقوقه من خدمات ومعيشة كريمة بدءًا باستعادة قيمة العملة، مروراً بالكهرباء والمياه والصحة والتعليم، وانتهاءً بالأمن والاستقرار ليست رفاهيات، ولا شعارات غوغائية، بل هي حقوق دستورية يمليها منطق العدالة والكرامة الإنسانية.

 

الشعب الجنوبي وحده من يدفع الثمن الفادح لانهيار الاقتصاد، ويكتوي كل يوم بنار المعاناة، بينما تُدار الأزمات برؤوس باردة، وعقول غائبة.

 

ما نعيشه اليوم من مآسٍ لم يعد خافيًا على أحد عملة تنهار، جوع يستفحل، خدمات تتلاشى، وصرخات شعب تُداس تحت أقدام الجهل والإهمال، بينما تُترك الملفات الحاسمة للمساومة والابتزاز.

 

وعليه، فإن التحالف العربي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحمّل مسؤولياته التاريخية والأخلاقية تجاه هذا الشعب، والكفّ عن استخدامه كورقة تفاوض في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل، وإذا كانت هناك أجندات خفية تُدار في الظل، فعليهم أن يتحلوا بالشفافية، ويكفوا عن الزج بالشعب في لعبة المصالح القذرة.

 

الاستقرار الحقيقي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي يحتاج لوعي وطني مستقل، لا يخضع لإملاءات الخارج، ولا ينجرّ خلف بريق الكراسي والمكاسب الزائلة. لكن للأسف، ما بعد 2015 لم نشهد إلا تمدد قوى عبثية تدّعي السياسة ولا تفقه منها حتى القشور، تعيد إنتاج الاحتلال اليمني بثوب جديد، وتستنسخ ممارسات نظام 1994 الذي حكم الجنوب بالقوة والفساد لعقود.

 

لعنةُ على "تحريرٍ" أنتج كل هذه الكوارث، وجعل الجنوب مرتعاً للفساد والفوضى والانهيار.

 

أما أولئك الذين يرفعون أصواتهم بالشعارات الوطنية ويتغنون بالثروات والاستقلال، فقد حان الوقت ليبرهنوا على صدقهم بالفعل، لا بالهتاف، فقضيتنا العادلة لن تنتصر طالما يُدار نضالها بعقلية الغنيمة لا بعقلية الدولة، وبمنطق المصلحة لا بمنطق الكرامة.

 

شعب الجنوب ليس سلعة سياسية، ولا حطباً لحروب الخدمات، ولن يقبل أن يكون وسيلة للضغط أو الابتزاز، صبره ليس ضعفا، بل وعيٌ عميق، لكن إذا قرر أن يتحرك، فستكون صرخته مدوّية، وزلزاله عاصفا، ولن يُبقي على عرش أحد.

 

كفى عبثاً، كفى استخفافا بالشعوب، الجنوب اليوم أكثر وعياً، وأشد صلابة، ولن يغفر لمن خذله في لحظة المحنة.

 

 رحمة الله على الشهداء...

 

ويبقى الجنوب كما عهدناه...حرّاً، أبيّاً، شامخاً، لا ينكسر.

 

   ناصر العبيدي