قحطان الشعبي ينحني احتراما لرئيس وفد بريطانيا لورد شاكلتون
*- شبوة برس - د. علوي عمر بن فريد
انسحبت بريطانيا من الجنوب العربي أواخر عام 1967م ، لكنها لم تسلم البلاد لحكومة منتخبة أو كيان وطني متفق عليه، وما حدث من قتال بين جبهة التحرير والجبهة القومية الذين فر مقاتلوها من ميدان القتال حينها كان خير شاهد على ما نقول وخاصة عندما استطاعت جبهة التحرير مطاردة فلول الجبهة القومية حتى زريبة البقر ولم تعد الى القتال إلا بمساعدة قوية من جيش الجنوب العربي ، وسرعان ما بدأت الجبهة القومية بملاحقة رموز الحكم من مشايخ وسلاطين وبعض رموز الحكم الاتحادي ورموز السياسة من الجنوبيين الذين رفضوا مغادرة الوطن أو تقطعت بهم السبل ، ووضعتهم جميعا في غياهب السجون المظلمة ولم ينجو من ذلك الا سعيد الحظ، او تم تصفيتهم جسديا في واحدة من أكثر المراحل دموية في تاريخ الجنوب العربي الحديث.
ولا ننكر ان بريطانيا أصدرت اوامرها بترحيل من تقطعت به السبل من اسر السلاطين ومنهم من خرج وحيدا منفردا مثل السلطان أحمد بن عبدالله الفضلي، الذي نجا بأعجوبة من كمائن الجبهة القومية التي نصبت له ولغيره، في حين كانت الميليشيات تترصد أخباره، لم تكن تلك سوى البداية لتجريف منظم للبنية القبلية والسياسية والاجتماعية للجنوب، تحت ذريعة الثورة والتحديث، بينما الحقيقة كانت مشروعاً لسلخ الجنوب من هويته وتحويله إلى أداة بيد الأجندة الشمالية.
بحلول 1990، كان الجنوب يعاني من إرهاق اقتصادي وعزلة دولية، استغل نظام صنعاء هذه اللحظة لتقديم الوحدة كمخرج، بينما في حقيقة الأمر كان يجهز للانقضاض على الجنوب وابتلاعه. وقد ساهمت قلة الخبرة السياسية وقصر نظر مراهقي ما يسمى بالطغمة من الجنوبيين في تمرير مشروع "الوحدة الاندماجية"، دون أي ضمانات أو فترات انتقالية تحفظ للجنوب مؤسساته وهويته.
لقد وقع الجنوب في فخ الوحدة، وهو لا يدرك أنه يسلم قراره وسيادته لكيان لم يكن يؤمن أصلاً لا بالشراكة ولا بالمساواة.
وخلال السنوات الثلاث الأولى بعد إعلان الجمهورية اليمنية، ظهرت ملامح النية الشمالية لفرض الهيمنة. بقيامهم باغتيالات ممنهجة طالت كوادر الجنوب، إقصاء متدرج لمؤسسات الدولة الجنوبية، وقمع الصحافة ما عدا صحيفة الثوري الناطقة باسم الحزب الاشتراكي. وعندما طالب الجنوبيون بتصحيح مسار الوحدة، رد الشماليون بالحرب والغزو العسكري في صيف 1994، وهي اللحظة التي سقطت فيها كل الأقنعة، وتحوّلت ما تسمى بالوحدة إلى احتلالٍ بالقوة.
لم تكن تلك الحرب مجرد خلاف سياسي، بل كانت اجتياحًا مسلحا ونهبًا ممنهجًا ضد الدولة الجنوبية.
إن الحديث عن ما يسمى بالوحدة اليمنية لا يمكن أن يكون إلا حديثًا عن مؤامرة، بدأت بخيانة الاستقلال والانفراد بالحكم ، وانتهت باحتلال كامل للجنوب العربي. لقد استغل النظام اليمني في صنعاء حالة الضعف الجنوبي في لحظة مفصلية، ليصادر حق شعب بأكمله في تقرير مصيره. إن ما جرى ليس مجرد تجربة سياسية فاشلة، بل جريمة مستمرة في حق الجنوب وأهله، وسنواصل في المقالات القادمة كشف فصولها، وأدوار القوى التي غذّتها وكرّستها. الجنوب العربي ليس إقليماً متمرداً، بل وطنٌ محتل يسعى لاستعادة سيادته وكرامته.
د . علوي عمر بن فريد